الطب > علوم عصبية وطب نفسي

صدمة عصبية! الدماغ يمتلك أوعية لمفاوية!

لقد تعلمنا جميعاً وبحسب العلوم الطبية المتعارف عليها سابقاً ألّا وجود للأوعية اللمفاوية في الدماغ، فهي حقيقة مسلم بها لم يسبق لأحد حتى الأطباء الشك فيها، إلا أن دراسة أجراها باحثون في جامعة فيرجينيا تلقي الضوء على حقيقة مغايرة كلياً وهي أن الدماغ، وبكل تأكيد، يحتوي على أوعية لمفاوية تربطه بالجهاز المناعي بشكل مباشر!

مع أن الكشف عن هذه الأوعية اللمفاوية الكامنة في الدماغ يعتبر بحد ذاته إنجازاً مهماً، فالأهمية الحقيقة هي لتبعات هذا الاكتشاف على دراسة و علاج أمراض الجهاز العصبي كمرض التوحد و ألزهايمر و التصلب المتعدّد.

فعوضاً عن طرح اسئلة حول إمكانية دراسة الاستجابة المناعية للدماغ و كيفية حدوث الهجمات المناعية في مرض التصلب المتعدّد ، يمكن للباحثون النظر في ذلك مباشرةً لأن الدماغ متصل مباشرة بالجهاز المناعي اللمفاوي كأي عضو أخر في الجسم.

يقول البروفسور جوناثون كيبنز من قسم العلوم العصبية في الجامعة و رئيس قسم مناعيات الدماغ والدبقيات Brain Immunology and Glia أن هذا الكشف سيغير كلياً من الطريقة التي ننظر بها إلى التفاعلات المناعية العصبية، فلطالما نظرنا لها على أنها صعبة الدراسة والاستكشاف! ويذكر بثقة أن هذه الأوعية تلعب دوراً رئيسياً في كل الأمراض العصبية ذات السبب المناعي.

"يجب تغيير الكتب الطبية!"

أول من اطلع على تلك النتائج كان البروفسور كيفن لي من رئاسة قسم العلوم العصبية حيث نوه بوجوب تغيير الكتب الطبية الآن! ويتابع بأنه كان من المؤكد عدم وجود جهاز لمفاوي للجهاز العصبي المركزي، لكن عكس ذلك كان واضحاً من النتيجة الأولى - مع أن الباحثون قاموا بعدة تجارب تالية لتأكيد النتيجة الأولى ـ ومن الواضح أن هذا الاكتشاف سوف يغير من طريقة النظر نحو علاقة الدماغ مع الجهاز المناعي بشكل كبير.

وقد قابل البروفسور كيبنز النتيجة الأولية بالشك: "لم أكن أعتقد أن هناك بنى وتراكيب لم تكتشف بعد! ظننت أنه قد تم اكتشاف ورسم خريطة كاملة للجسم. ظننت أن هذا النوع من الاكتشافات قد انقرض منذ منتصف القرن الماضي. ولكن من الواضح أن ذلك ليس صحيحاً!"

النص التالي هو نص الدراسة الأصلي الذي نشر في مجلة Nature في 1/6/2015 لمن يريد معرفة تفاصيل إضافية:

"على الرغم من قبول فكرة وجود مراقبة مناعية دائمة للجهاز العصبي المركزي من خلال السحايا، إلا أن الآلية التي تنظم دخول وخروج الخلايا المناعية من الجهاز العصبي المركزي غير مفهومة بشكل جيد حتى الآن.

أثناء بحثنا عن بوابات دخول وخروج الخلايا المناعية التائية T-cell من السحايا، وجدنا أوعية لمفاوية وظيفية في الجيوب الجافية Dural sinuses. هذه البنى تقوم بالتعبير عن كل الجزيئات المميزة لخلايا الظهارية اللمفاوية، ويمكنها أن تتقبل السوائل والخلايا المناعية من السائل الدماغي الشوكي، كما تتصل مع العقد اللمفاوية العنقية العميقة.

لم يتم الكشف حتى الآن عن هذه الأوعية بسبب موقعها التشريحي الخاص، مما ساهم بانتشار فكرة عدم وجود أوعية لمفاوية في الدماغ.

إن وجود أوعية لمفاوية في الجهاز العصبي المركزي قد يستدعي إعادة تقييم الإفتراضات الأساسية في نواحي المناعة العصبية وقد يلقي ضوءأ جديداً على مسببات الأمراض العصبية الإلتهابية والأمراض العصبية التنكسية المتعلقة بخلل الجهاز المناعي."

مختبئ جيداً..

تم تحقيق هذا الاكتشاف بناءً على عمل الدكتور انتوين ليفاو في مخبر الدكتور كبيبنز، حيث تم اكتشاف الأوعية بعد أن طور الدكتور ليفاو طريقة جديدة لعرض سحايا فأر الاختبار (السحايا: هي الأغشية الرقيقة التي تغطي الدماغ والجملة العصبية) على شريحة واحدة بحيث يمكن فحصهم كوحدة واحدة متكاملة. " كان ذلك سهلاً!" يقول الدكتور أن الفكرة تكمن في تثبيت السحايا مع الجمجمة لحفظ الحالة الفيزولوجية لها قبل تشريحها."

وبملاحظة التوزع الموافق للشكل الوعائي الذي اتخذته الخلايا اللمفاوية قام ليفاو بعمل اختبار للكشف عن الأوعية اللمفاوية ليتفاجئ بالنتيجة.

أما عن كيفية عدم ملاحظة أو اكتشاف تلك الأوعية حتى الآن يقول الدكتور كيبنز بأنها مختبأة جيداً وذلك بمتابعتها لوعاء دموي رئيسي حتى انتهائه بالجيوب في منطقة صعبة التصوير. فالوعاء اللمفاوي شديد القرب من الوعاء الدموي، لذلك فمن الممكن لأي شخص عدم ملاحظته إن لم يكن يعلم عمّا يبحث!"

مرض ألزهايمر، التوحد، والتصلب العديد وأكثر..

إن وجود الأوعية المفاوية يثير العديد من التساؤلات التي تحتاج لأجوبة، سواء كان ذلك عن آلية عمل الدماغ أو عن الأمراض التي تصيبه..

ففي مرض ألزهايمر، يقول الدكتور أن هناك تراكمات لأجزاء بروتينية كبيرة في الدماغ، بات من الممكن الآن الاعتقاد أنها تتراكم نتيجة لعدم إزالتها من قبل هذه الأوعية بشكل فعّال.

كما يشير الدكتور إلى المظهر المختلف لتلك الأوعية تبعاً للعمر مما يثير الشك بأنها تلعب دوراً في التقدم بالعمر.

كما ذكر في الدراسة الأصلية.. العلوم العصبية اليوم بحاجة إلى إعادة تقييم ودراسة العديد من الأمراض العصبية على ضوء هذه الأوعية التي كان العلم يصر على عدم وجوده.

المصدر:

هنا

هنا

حقوق الصورة:

University of Virginia Health System