الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

نبات أفريقي نادر يشير الى وجود الماس تحت التربة

عرف عمال المناجم منذ فتراتٍ طويلة أن هناك نباتات معينة يمكنها أن تُشير الى وجود صخور محددة حاملة لمواد خام، فعلى سبيل المثال: وجود نبات "Lychnis alpine" ( وهو نبات وردي مزهر صغير يتواجد في الدول الاسكندينافية )، ووجود نبات "Haumaniastrum katangense " (وهي شجيرة بيضاء مزهرة في وسط أفريقيا) يدل على وجود النحاس حيث أن لديهما قدرة على تحمل النحاس .

مؤخراً اكتشف الجيولوجيون في ليبريا نباتات شائكة لديها شكل يشبه شجر النخيل وهي لا تنمو إلا على قمّة أنابيب الكمبرليت (عبارة عن أعمدة من الصخور البركانية تمتد على عمق مئات الأمتار تحت سطح الأرض، ظهرت نتيجة إنفجارات حدثت قديماً أدّت بدورها الى إخراج الماس من باطن الأرض )، يقول العلماء انه في حال كانت هذا النبات انتقائية كما تبدو، فإن صيادي الماس في غرب افريقيا سيكون لديهم وسيلة بسيطة وفعّالة لإيجاد الاماكن الغنية بالماس ويعتقد العلماء الجيولوجيون أن المنقبين سيتهافتون عليها كالمجانين.
باحث في جامعة فلوريدا يقول: " إن هذا النبات الجديد و الذي عُرف باسم (Pandanus candelabrum )، يُعتبر المؤشر الأول لتواجد الماس الحامل للكمبرليت ويُظن أن هذه النباتات قد تكيفت مع وجود الكمبرليت في التربة، حيث تمتاز هذه الترب بأنها غنية بالماغنيزيوم، البوتاسيوم والفوسفور والتي تُعد أسمدة جيدة جداً، يخشى العلماء أن كثرة العمليات الحرفيّة التي يقوم بها السكان كغربلة الرواسب النهرية من الممكن أن تؤدي في بعض الاحيان لتآكل منابع أنابيب الكمبرليت ولكن الأنابيب القليلة التي تم العثور عليها في الغابات الكثيفة كانت بحالة جيّدة نتيجةً لقيام النباتات بحفظها.

ركز العلماء في ليبيريا جهودهم على التنقيب في الجزء الشمالي الغربي من البلاد للبحث عن معادن الكمبرليت في السنوات الأخيرة، فتم استعمال قضبان معدنية مموجة لأخذ عينات من مستنقعات التربة وفي عام 2013 بالقرب من منطقة تُدعى معسكر الفا، اكتُشف أنبوب كمبرليت جديد بارتفاع 500 متر وعرض 50 متر وكانت التربة الموجودة في أعلى الأنبوب قد إحتوت على 4 ماسات، اثنتان منها بحدود 20 قيراط ، والأخريتان بحدود 1 قيراط.
الأهم من ذلك أن العلماء لاحظوا وجود نبات يبدو أنه لا ينمو إلا على الترب التي تكون فوق هذه الأنابيب ويتصف بإحتوائه على جذور هوائية، على غرار اشجار المانغروف (mangrove) ويرتفع إلى علو 10 متر أو أكثر، ينتشر بشكل شائك ولديه سعف شبيهه بسعف النخيل، حيث يُستخدم السعف من قبل السكان المحليين لتغطية أسطح المنازل.
بالنسبة لتشكل الماس فمن المعروف أن العملية تتم تحت سطح الارض بمئات الكيلومترات، حيث يُضغط الكربون تحت درجات حرارة مرتفعة وبوجود ضغط عالٍ ثم تخرج هذه الاحجار الكريمة الى السطح عند حدوث الانفجارات وذلك عن طريق أنابيب الكمبرليت، حيث تكون سرعتها احيانا أعلى من سرعة الصوت.
ويقول العلماء "إن هذه الانابيب نادرة و تنطبق عليها قاعدة " الستات " بمعنى أنه من بين اكثر من 6000 أنبوب كمبرليت معروف في العالم، هناك نحو 600 أنبوب منها فقط يحتوي على الماس ومن هذه ال 600 أنبوب هنالك 60 أنبوب فقط غني بالماس عالي الجودة المفيد في التصنيع.

أكد العلماء وجود نبات (P. candelabrum) عند أنابيب كمبرلايت اخرى تقع على بعد 50كيلومتراً من جنوب شرقي المنطقة المدروسة ويبدو أنها لا تنمو في مكان اخر.
سوف يتم في مطلع العام المقبل بعد إنتهاء موسم الامطار تقييم عينات كبيرة من التربة المتواجدة فوق أنابيب كمبرليت في معسكر ألفا، لمعرفة فيما إذا كانت تستحق الاستخراج والتصنيع ويريد العلماء الاستمرار في تحليل هذه النباتات والتربة الكمبرليتية لمعرفة كيف يتم تبادل المواد المغذية كما يرغبون أيضاً في رؤية فيما إذا كان هذا النبات يمكن التعرف عليه من الصور المُلتقطة من الجو أو من الأقمار الصناعية حيث أن هذا الامر قادر على مساعدة دول غرب افريقيا في إيجاد وتطوير مناجم الماس، فبالنسبة لتلك البلدان التي عانت من الحروب والأوبئة و الإيبولا يمكنها الآن توفير مصدر دخل جيد لها عن طريق إستخراج الكمبرليت من دون إحداث ضررٍ كبيرٍ في البيئة .

ويقول عالم جيولوجي مختص بالماس في مدرسة كولورادو لمناجم الذهب " أن ملاحظة هذه النباتات هي خطوةٌ ذكية، لاسيما في منطقة الغابات الكثيفة التي يصعب فيها التنقيب ".

ويضيف آخر " أن هذه النباتات قادرة على مساعدة وتوجيه المنقبين في البرازيل وفي الغابات الكثيفة ومناطق أخرى على خطوط العرض المماثلة، في حال تواجدت فيها"
كما المنقبين الساعيين للثروات كذلك العلماء يرغبون في امتلاك قطع من الماس المُستخرج، ليس بهدف الثروة ولكن لدراستها فالماس نفسه يُعد قديماً، حيث يبلغ عمره حوالي 3 مليار سنة، وفي بعض الأحيان يقوم الماس بحصر معادن أخرى تعطي أدله على درجات الحرارة التي تعرض لها في باطن الأرض، فعينة من أنبوب جديد في ليبريا يمكنها أن توفر نظرةً ثاقبة عن الظروف منذ حوالي 150 مليون سنة وعندما فُتح الصدع بين افريقيا وأمريكا الشمالية وخُلق المحيط الأطلسي قد أخرج معه أسرارٌ مثيرة

المصدر:
هنا