الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

سر النباتات: القواعد التي تتحكم بهندسة الأوراق

اكتشف علماء الأحياء من جامعة كاليفورنيا للآداب والعلوم , القواعد الأساسية لتصميم الورقة والتي تكمن خلف قدرة النباتات على انتاج اوراق متفاوتة الأحجام بشكل هائل. يعتبر Lawer Sack الناشر الأساسي لهذا البحث والبروفيسور في علم البيئة والأحياء التطوري أن التصميم الرياضي للأوراق يجعلها " كالآلات المثالية ".

وقد سبق أن استخدم العلماء طريقة التحليل المتسارع " Allometric analysis " لإلقاء الضوء على كيفية حدوث تغيير نسبي في أجزاء من الكائن الحي مترافقة مع اختلافات في الحجم الكلي, حيث لم تطبق هذه الطريقة من قبل على البنية الداخلية للاوراق.

وفي بحث سابق نشر في جريدة American Journal of Botany ركز علماء الأحياء على اختلاف البنية التشريحية للأوراق من أحجام مختلقة من جميع أنحاء العالم , حيث إنه من السهل مراقبة الاختلافات الأساسية في سطح الورقة ولكن الاختلافات في سماكة الورقة تكون أقل وضوحاً ولكن بنفس الأهمية .

يمكن للشخص العادي أن يشعر بسماكة الورقة أو رقتها ما أن يتلمسها ومن هنا يأتي سؤال بسيط وعلى الرغم من ذلك اجابته تبقى معلقة " هل الاوراق الأسمك و الاكبر حجماً في مساحتها تتكون من خلايا مختلفة الأنواع والأحجام ؟"

لوضع إجابة لهذا السؤال قام العلماء بأخذ مقاطع عرضية من الاوراق بسماكة أقل من طبقة خلوية واحدة ( أي سماكة المقطع بسماكة خلية واحدة ..عملية دقيقة جداً ) ثم قاموا بدراسات مجهرية على هذه المقاطع لكشف العلاقة بين أبعاد الخلية والطبقة وبين حجم الورقة من عدة أنواع .

تتكون الأوراق من ثلاث طبقات رئيسية كل منها يحتوي علاى خلايا ذات مهام خاصة.

البشرة ( الطبقة الخارجية ) , النسيج المتوسط ( الميزوفيل) والذي يحوي على الخلايا التي تقوم بعملية التركيب الضوئي , و النسيج الوعائي ( الناقل ) والذي تقوم خلاياه بنقل الماء والسكر , وقد وجد العلماء أنه كلما زادت سماكة الورقة كلما ازداد حجم الخلايا في كافة النسج ما عدا النسيج الناقل.

هذه العلاقات تنطبق على المكونات الخلوية في كل خلية ,حيث تملك خلايا النبات جدراً خلوية مكونة من الكربوهيدرات و تبين للعلماء ان الخلايا الضحمة للأوراق الأسمك تملك جدراً أسمك و ذلك ضمن تناسب دقيق.

هذه العلاقات التي تربط حجم الخلية مع سماكة الجدار الخلوي و سماكة الورقة تتميز بقوة استثنائية عبر الانواع النباتية المتعددة و توصف هذه العلاقات بانة معادلات رياضية بسيطة وجديدة تسمح للعلماء وبشكل فعال من التنبؤ بأبعاد الخلية والجدرر الخلوي بالاعتماد على سماكة الورقة و غالباً ما تعرف هذه العلاقات بـ " Isometric".

اما بالنسبة لمساحة الورقة فإنها لا ترتبط بحجم الخلايا في الداخل و هذا يسمح للنبات بإنتاج أوراق ذات مساحات مختلفة دون الحاجة لخلايا كبيرة الحجم والتي قد تكون عديمة الفائدة من الناحية الوظيفية , الفريق العلمي يفترض أن هذه العلاقات الرياضية ناتجة من عملية تطور الورقة والتي تبداً من عدد قليل من الخلايا و التي تنقسم لتعطي عدد اكبر و يزداد حجمها مع نمو الورقة لتصل لمرحلة النضج التام, وبسبب ان الضوء يتخلل طبقات قليلة من نسيج الورقة فإنها غير قادرة على التباين في عدد الخلايا المتوضعة بشكل عمودي , تتوسع الخلايا المنفردة مع جدرانها الخلوية في وقت واحد لتنعكس في سمك الورقة . بينما الخلايا المتوضعة أفقي يزداد عددها طالما أن الورقة تستمر بالنمو بغض النظر عن حجم الخلايا المفردة.

هذه القدرة الجديدة على التنبؤ بالتشريح الداخلي للورقة من خلال سماكتها يعطي مؤشرات على وظيفة الورقة وذلك لأن سماكة الورقة تؤثر على كل من المعدل الكلي للتركيب الضوئي و على عمر الورقة فالفرق الطفيف في سماكة الورقة قد يعطي من الادلة الكثير مقارنة مع التغيرات الكبيرة لمساحة الورقة, و تصميم الورقة يساعد على إعطاء فكرة أوضح عن كيفية بناء هياكل خلوية أكبر دون التأثير على وظيفتها او على استقرار هذه البنى.

هذه الاكتشافات تأتي لتسلط الضوء على الحلول الأنيقة التي تقدمها الطبيعة لنا,حيث هناك العديد من خصائص الورقة والتي حتى الآن لم يتم تخليقها صناعياً , و الآن كل ما نحتاج هو نظرة متعمقة في المخططات الاولية للأوراق وفهم اعمق لفك ألغاز الطبيعة

حيث تعتبر معادلات المغايرة النسبية الجديدة خطوة هامة باتجاه فهم تصميم الأوراق على أساس خلوي وبسبب تنوع واختلاف الأوراق سيبقى لنا الكثير لنتعلمه في هذا المجال . في الدراسات المستقبلية , سيحاول الفريق دراسات أنواع متقاربة جدا في محاولة لفهم العلاقة التطورية بين تصميم الورقة ووظيفتها .

في الصورة: مقارنة بين ورقة عباد شمس رقيقة جدا وورقة شاي سميكة. الاختلاف في حجم الخلايا وسماكة جدرانها بين الورقتين يوافق المعادلات الرياضية المكتشفة.

هنا