البيولوجيا والتطوّر > شخصيات في عالم البيولوجيا

قصة سيدة الـ DNA، روزاليندا فرانكلين.

قُدِّر لتلك الطفلة المولودة في عام 1920 أن تغدُوَ بطلةً حقيقيةً، وتُصارع ضمن مجتمع ذكوري في مؤسسات البحث العلمي، هي روزاليندا إليسي فرانكلين، السيدة التي قدمت رمزاً من رموز الثورة العلمية، إنَّها سيدة الـ DNA.

بدأ نضالها في حبِّ العلوم منذ سن الخامسة عشرة، لم تعش طويلاً، فهي لم تبلغ الأربعين حتى، لكنها كانت تحتاج فقط هذا العمر القصير كي تترك للبشرية اكتشافاً قام بتفسيير الكثير من الظواهر المورثية بل جميعها...

وُلدت روزاليندا إليسي فرانكلين في 25 تموز عام 1920م في لندن، وهي رائدة علوم البيولوجيا الجزيئية والتي أثارت جدلاً واسعاً حول حياتها العلمية. وعلى الرغم من حياة روزاليندا القصيرة حيث توفيت بعمر 37 سنة بسبب إصابتها بسرطان المبيضين، فقد قدمت روزاليندا الكثير من الإنجازات في مجال البيولوجيا الجزيئية، كان أهمها دراستها لبنية الــ DNA والتي عرفت بعنوان "روزاليند فرانكلين و الـ DNA". وقد ذكر جايمس واتسون في كتابه " الحلزون المزدوج" أنَّ قصة اكتشاف بنية الــ DNA كانت مليئة بالمنافسة، وأخيراً في عام 1962م تم منح جائزة نوبل لكل من جايمس واتسون، فرانسيس كريك و موريس ويليكينز لاكتشافهم لبنية الحمض النووي و نموذج الحلزون المزدوج وذلك بعد 4 سنوات من وفاة روزاليند.

بدأت روزاليندا دراستها في المدارس القليلة المخصصة للبنات آنذاك في لندن، حيث كانت تدرس الفيزياء والكيمياء لطالباتها. وكانت روزاليندا مبدعة في دراستها وقررت في سن الخامسة عشر أن تصبح عالمة، الأمر الذي لقي معارضةً كبيرة من والدها الذي لم يكن يُحبِّذ التعليم العالي للبنات، وفَضَّل أن تكون روزاليندا مجرد عاملة اجتماعية بسيطة. إلا أنَّ رغبتها الجامحة في التعلم جعلت أباها يوافق على دخولها كلية نوينهام Newnham College في 1938م والتي تخرجت منها بتفوق عام 1941م، الأمر الذي مكنها من أن تشغل منصب معيدة في نفس الكلية، وأن تعمل كباحثة في الجمعية البحثية البريطانية لتوظيف الفحم British Coal Utilization Research Association حيث اهتمت بدراسة البنى الدقيقة للكربون والجرافيت.

حصلت روزاليندا على درجة الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية من جامعة كامبريدج عام 1945م، وأمضت بعدها ثلاث سنوات في باريس في المختبر المركزي الحكومي للخدمات الكيميائية، ومنح هذا العمل روزاليندا فرصة جديدة في تعلم تطبيقات الأشعة السينية. ثم عادت إلى لندن في عام 1951م لتعمل في مختبر جون راندال في King's College.

تقاطع عمل روزاليندا في مختبر راندل مع أبحاث موريس ويلكينز، فعلى الرغم من أنَّهما كانا يعملان في فرق بحثية منفصلة، إلا أنَّهما كانا مهتمَين بفهم بنية الحمض النووي. وفي فترة غياب ويلكينز قام راندل بتكليف روزاليندا بقيادة أبحاث الحمض النووي التي كانت متوقفة لعدة أشهر. وعند عودة ويلكينز أساء فهم منصب روزاليندا الذي حسبها فنية مساعدة بالرغم من أنها كانت توازيه في تحصيلها العلمي. في الواقع لم يكن هذا خطأ ويلكنز -الذي تراجع عنه ظاهرياً فيما بعد- بل بسبب مناخ الجامعات السائد في ذلك الوقت الذي لم يكن ودياً تجاه النساء، ومن غير المعتاد أن تقود النساء فرقاً بحثية في مثل هذه الظروف.

مع ذلك، أصرت فرانكلين على العمل على الـ DNA و المضي قدما في فهمه. حيث قال بيرنال عن صور الأشعة السينية التي التقطها للحمض النووي: "هي أجمل الصور التي تم التقاطها لأي مركب على الإطلاق!"

بين 1951 و 1953 كانت فرانكلين قريبةً جداً من حل معضلة تركيب الـ DNA، ولكن واتسون و كريك قاما بنشر ورقتهما قبلها، وذلك نتيجة للاحتكاك بينهما و بين زميلها ويلكينز. حيث قام ويلكينز سابقاً بإطلاع واتسون وكريك على الصور التي التقطتها فرانكلين للحمض النووي، وبدا الحل واضحاً لواتسون حول تركيب الـ DNA. تم نشر ورقة واتسون وكريك مباشرة في مجلة Nature، و بدت أبحاث روزاليند مجرد " نتائج داعمة" لورقتهما و نشرت في نفس العدد من المجلة.

انتقلت فرانكلين بعد ذلك للعمل في مختبر بيرنال في Birkbeck College، حيث عملت على تركيب فيروس تبرقش التبغ TMV وقدمت أبحاثاً مثمرة. قامت أيضاً بالعمل على فيروس شلل الأطفال، ولكن صحتها ساءت بعد إصابتها بالسرطان لتتوفى في 16 أبريل عام 1958.

*هناك جدلية حول مدى أسبقية أعمال فرانكلين في فهم تركيب الـ DNA، لكن لا يمكن الإختلاف حول كونها عالمة من المرتبة الأولى و من رواد علم البيولوجيا الجزيئية و ذات أثر بالغ في فهم بنية الحمض النووي.

المصادر:

هنا

هنا

هنا