البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

المشيمة ليست خالية من البكتيريا!

استمع على ساوندكلاود 🎧

المشيمة هي العضو الذي يؤمِّن التغذية للجنين في رحم أمه عبر الحبل السري، وفي دراسة أجريت حديثاً تم نقض الفكرة السائدة لزمن طويل وهي أنّ المشيمة مكان معقم وخالٍ من أي نوع من البكتيريا.

أقترحت الدراسة أنّ هذه البكتيريا المكتشفة قد يكون مصدرها الفم، مما يعطي دليلاً قوياً على أهمية الصحة الفموية للمرأة الحامل وتأثيرها على صحة الإنجاب والجنين.

تؤمن المشيمة الأكسجين والغذاء للجنين وتساعد في التخلص من الفضلات الناتجة عنه. وقد اعتُقِد لزمن طويل أنّ أيّ نوع من أنواع البكتيريا التي نجدها فيها ستكون حتماً قد التُقطت بطريقة ما عند خروجها عبر المهبل (عضو الاقتران الأنثوي) بعد الولادة. ولكن حديثاً تمّ التعرف على مجتمع من البكتيريا في القناة الهضمية للأطفال حديثي الولادة، وهذه البكتيريا لا تتشابه مع تلك الموجودة في المهبل، مما دعا للبحث عن مصادر أخرى لها كالمشيمة.

أُجريت هذه الدراسة على مجموعة مؤلفة من 320 مشيمة مختلفة للنساء الحوامل للكشف عن مجموع الميكروبات الموجودة المشيمة.

قام الباحثون بفحص المادة الوراثية المستخرجة من كلّ من المشيمات ثم مقارنتها مع جينوم البكتيريا المعروفة بغاية التعرف على نوع هذه الميكروبات وأعدادها.

كشفت هذه العملية عن أعداد قليلة من أنواع بكتيرية مختلفة، وكان معظمها من سلالات غير ممرضة من الإشريكية القولونية Escherichia coli، البكتيريا الموجودة بكثرة في أمعاء الإنسان. بالإضافة إلى أنواع أخرى تتبع لخمس شعب بكتيرية أخرى، أغلبها كان من البكتيريا الحميدة والتي تُعرَف بمساعدتها لجسم الإنسان كصنع بعض الفيتامينات.

وكانت المفاجأة أنّ البكتيريا الموجودة في المشيمة كانت أكثر شبهاً بالبكتيريا الفموية للإنسان من البكتيريا المهبلية أو الجلدية أو المعوية، أو أيّ مكان آخر من أنحاء الجسم. ويرجح الباحثون انتقال هذه البكتيريا من فم الأم الحامل عبر مجرى الدم إلى المشيمة بعد تنظيف الأسنان مثلاً.

أثارت هذه الفكرة اهتمام فريق البحث، وذلك بسبب وجود ارتباط بين أمراض اللثة لدى الأم الحامل والولادة المبكرة (قبل الأسبوع 37). وهذا يؤكد على ضرورة العناية بالصحة السنية والفموية، ليس خلال الحمل فقط، بل حتى في الحياة الطبيعية قبل الحمل نظراً لأن المشيمة تبدأ بالتشكل في المراحل الأولى جداً من الحمل، أي في فترة قد لا تعرف فيها الأم بداية الحمل بعد.

كما وجد الباحثون ارتباطاً بين هذه البكتيريا المشيمية وانتانات المجاري البولية، مما يشير إلى أنّ الإصابة ببعض الأمراض أو معالجتها بالمضادات الحيوية قد يتسبب بتغير غير محمود للبكتيريا.

تعدّ هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تزعم أنَّ المشيمة تحتوي على عدد من البكتيريا، وقد تكون هذه البكتيريا موجودة لغاية معينة كأن تغذي البكتيريا الموجودة في أمعاء الجنين أو تُسهم في بناء المناعة عنده.

ما زال من الصعب الجزم بمصدر البكتيريا المشيمية ودورها، فمن الممكن أن تكون وُجدت في الرحم قبل الحمل ثم تطورت لتشابه بكتيريا الفم. ولكن بغض النظر عن الأشياء التي مازلنا غير متأكدين منها، يعدّ هذا الاكتشاف كافياً ليدعم فكرة عدم وجود أيّ نسيج خالٍ من البكتيريا في الجسم البشري.

المصدر: هنا