الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

طفل بمليون درهم

الأطفال وما أدراك ما الأطفال، أقل ما يمكن وصفهم به أنهم عصافيرٌ خلقت لتزين حياتنا وتبعث فيها روح البهجةِ والسرور. لكننا كاقتصاديين نقوم بحساب كل شيء، فلا شيء في هذا الوجود بلا ثمن، كما قال ميلتون فريدمان: "لا يوجد غداء بالمجان". إذ أن لكل شيء ثمن حتى الطفل، هناك التزاماتٌ وتكاليفٌ يجب تحملها، حيث تبدأ هذه المصاريف قبل ولادته وتزداد بعدها. لكن ما هي هذه التكاليف؟ وهل نحن على أتم الاستعداد لقدوم هذا الكائن اللطيف أم أننا (كما يفعل البعض) ننجب فقط لغرض الإنجاب والتفاخر بعدد الأولاد؟

بناء على دراسة قدمتها وزارة الزراعة في أمريكا، فإن تكلفة العناية بطفلٍ واحدٍ حتى يصل إلى سن الثامنةَ عشرة تكلف ما يقدر بـ 241 ألف دولار أمريكي، ناهيك عن تكاليف الدراسة الجامعية. بالمقابل، تكلف العناية بطفل واحد في دولة الإمارات العربية المتحدة ما يقدر بستين ألف درهماً إماراتياً في السنة الواحدة، وقد تتجاوز التكلفة عند بعض العائلات هذا المبلغ لتصل إلى ما يقدر بـ 95 بألف درهم إماراتي في السنة الواحدة (تشتمل على تكاليف الدراسة وأمور أخرى). بينما تشير دراسة أخرى تم إجراؤها في دبي إلى أن تكلفة العناية بطفل واحد حتى يبلغ سن الثامنة عشرة تكلف حوالي المليون ومائة ألف درهم (هل هو طفل أم سيارة فيراري؟).

يمكن تقسيم تكاليف ومصروفات الأطفال إلى قسمين: ما قبل الولادة، وما بعدها. فأما التي قبل الولادة فتتضمن باختصار ما يلي:

1- تكلفة الولادة: تختلف من دولة إلى أخرى، كما أنها تختلف باختلاف نوع الولادة، فعلى سبيل المثال تكلف الولادة الطبيعية بناءً على دراسة أمريكية في حدود سبعة إلى عشرةِ آلافِ دولارٍ أمريكي، بينما تكلف القيصريةُ مابين عشرةِ إلى اثني عشرةَ ألف دولار، أما في حالة الولادة المتعسرة فقد تصل تكلفتها إلى 300 ألف دولارٍ أمريكي. ( يجب أن لا ننسى أن نظام التأمين منتشرٌ في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يغطي جزءاً من مصروفات الولادة وغيرها من العمليات). في المقابل تكلف الولادة الطبيعية في دولة الإمارات نحو خمسةُ ألافِ درهم، والقيصرية حوالي ثمانية آلاف درهم.

2- التأمين الصحي: يعتبر التأمين الصحي في بعض دول العالم أمراً لا مفر منه، فمن دونه يتكبد المواطن تكاليف الرعاية الصحية المرتفعة. هذا وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية واحدة ً من البلدان التي ترتفع فيها تكاليف الرعاية الصحية، مما يدفع مواطنيها لشراء بوليصة تأمين صحية. تعتمد قيمة التأمين على حالة الشخص الصحية فكلما كان أصغر عمراً، وغير مدخن ولا يتعاطى المسكرات انخفضت تكلفة بوليصة التأمين والعكس صحيح. تقدر قيمة بوليصة التأمين لمواطن بالمواصفات السابقة بحدود 450 دولارٍ أمريكي سنويا، تضاف لها 200 دولار في حال إضافة طفل لبوليصة التأمين. تحسب قيمة التأمين في دولة الإمارات العربية المتحدة بناء على ما ذكر آنفاً (العمر، الخلو من الأمراض ومستوى الصحة العام)، تصل أسعار باقات التأمين الصحية عموما إلى نحو 300 دولار أي ما يساوي تقديرياً ألف درهم سنويا.

3- مستلزمات الطفل: للطفل الكثير من المستلزمات التي يجب تجهيزها قبل قدومه كالسرير، والملابس، والعربة والكثيــر من الأمور والتجهيزات الأخرى التي لا يقل سعرها بناء على تقدير أحد المواقع الأمريكية عن ألفي دولار (قد يكون السعر مبالغاً به، لكنه يعبر عن المجتمعات الغربية). يتم غالبا تلافي تكاليف مستلزمات الطفل المرتفعة في مجتمعاتنا العربية من خلال الاستعانة بالأهل والجيران، حيث يتم الاحتفاظ بهذه المستلزمات بعد الانتهاء من استعمالها واستغناء الطفل عنها ثم يتم تقديمها لإحدى العائلات التي تنتظر مولودا جديدا.

أما مرحلة ما بعد الولادة فهي تتضمن الكثير من الأمور نذكر منها:

1- الحفاضات: وهي تحتل المرتبة الأولى من مصروفات الطفل، حيث أنها تكلف ما لا يقل عن 30 دولار شهريا ً، هذا عدا عن المناديل المعطرة وغيرها من مستلزمات العناية بالطفل ونظافته.

2- طعام الطفل: غالبا ما يعتمد الطفل في مراحل حياته الأولى على حليب الأم، لكن في بعض الأحيان يكون حليب الأم قليلاً لسبب أو لآخر، مما يضطر الأهل للاعتماد على الحليب المعلب الذي يشترى من الصيدليات. تختلف أسعار طعام الأطفال من مكان إلى آخر، ففي الولايات المتحدة الأمريكية يكلف حليب الطفل شهريا ما لا يقل عن 60 دولار، هذا غير أنواع الأطعمة الأخرى التي يبدأ الطفل بتناولها بعد ست أو ثمانيةِ شهور والتي تكلف ما بين خمسين إلى مائةِ دولارٍ شهرياً. لا يختلف الأمر كثيرا عن التكلفة التي قد تتكبدها أسرةٌ مقيمة في دولة من الدول العربية.

3- ألعاب وملابس الأطفال: غالبا لا تكلف هذه الأشياء كثيرا مقارنة بالأمور الأساسية المذكورة آنفا.

ختاما: قد تكون الدراسات التي تم استخدامها لطرح الموضوع مأخوذة من دول يتمتع أفرادها بدخل مرتفع نسبيا، مما يعني ارتفاع تكاليف ونفقات تنشئةِ الأطفال مقارنة بغيرها من الدول. لكن ما يعنينا من تغطية هذا الموضوع هو تسليط الضوء على أهمية الاستعداد للمولود الجديد ماديا قبل كل شيء، فحتى في الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض تعتبر تكاليف العناية بالطفل عبئا ثقيلا على الكثير من الأسر وذلك لمحدودية دخلها.

المراجع:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

مصدر الصورة: هنا