الهندسة والآليات > كيف تعمل الأشياء

كيف يعمل النظام العالمي لتحديد المواقع GPS؟

بالرغم من كبر حجم الكرة الأرضية وصغر حجمنا اللامتناهي أمامها، وبالرغم من ضيق الحيز الذي نشغله منها، إلا أنه من الممكن تحديد موقعنا عليها بالإحداثيات الدقيقة وذلك باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي Global Positioning System أو "GPS “.

بني نظام تحديد المواقع (Global Positioning System (GPS والذي يدعى أيضاً باسم NavStar من قبل الجيش الأمريكي وتم تشغيله بكامل وظائفه في عام 1995، إلا أن العديد من مستقبلات GPS الحديثة تستخدم تركيبة من نظام GPS ونظام الأقمار الصناعية الروسية GLONASS وذلك لتحسين التغطية وزيادة الدقة.

يملك نظام تحديد المواقع العالمي في الوقت الحالي 31 قمراً صناعياً فعالاً في مدارات تميل بمقدار 55 درجة عن خط الاستواء، وتبعد هذه المدارات حوالي 20،000 كيلو متر عن سطح الأرض، وقد صممت هذه المدارات بحيث يمكن رؤية ستة منها معاً من أي نقطة على سطح الأرض.

مبدأ عمل نظام GPS:

يستخدم نظام GPS عدداً كبيراً من التقنيات المعقدة ولكن المفهوم الأساسي للعمل بسيط وهو على الشكل التالي:

يقوم مستقبل GPS باستقبال إشارة من كل قمر صناعي، حيث تقوم هذه الأقمار بإرسال إشاراتها في نفس الوقت تماماً، وبطرح قيمة الزمن الذي تم فيه إرسال الإشارة من الزمن الذي تم فيه استقبالها يستطيع نظام GPS أن يخبرنا ببعد المستقبل عن كل قمر صناعي، كما أن المستقبل يكون على علم بالمكان الدقيق للأقمار الصناعية في الفضاء لحظة إرسال الإشارات، وبذلك ومن خلال حساب زمن انتقال إشارات GPS المرسلة من قبل ثلاثة أقمار ومعرفة المكان الدقيق لتلك الأقمار يتمكن مستقبل GPS من تحديد مكانك في الفضاء ثلاثي الأبعاد (الشرق والشمال والارتفاع).

ولكن عملية حساب الزمن الذي تستغرقه إشارة GPS للوصول إلى المستقبل تعاني من بعض التعقيد، حيث يحتاج مستقبل GPS معرفة الزمن بدقة عالية، لذلك يتم تزود أقمار GPS الصناعية بساعات ذرية Atomic clocks تحافظ على دقة عالية للوقت، ولكن يبقى تجهيز مستقبلات GPS بمثل هذه الساعات هو أمر غير عملي، فتم حل هذه المشكلة من خلال إرسال إشارة من قمر صناعي رابع تساعد المستقبل على حل معادلة رياضية تمكنه من حساب الزمن بدقة وبدون الحاجة إلى الساعات الذرية، أما إذا لم يكن متاحاً للمستقبل استقبال أكثر من ثلاث إشارات فإنه يتم تحديد الموقع ولكن دون دقة عالية.

يقوم مستقبل GPS في حال توفر ثلاثة أقمار صناعية فقط بافتراض أنك موجود على ارتفاع سطح البحر، فإذا كنت بالفعل على ذلك الارتفاع فإن النتيجة ستكون دقيقة بشكل مقبول، أما إذا لم تكن على ذلك الارتفاع فستعاني النتيجة من أخطاء قد تصل لمئات الأمتار.

تقوم مستقبلات GPS الحديثة بملاحقة جميع الأقمار المتاحة بشكل مستمر، ولكن يتم اختيار مجموعة منها فقط لتحديد الموقع.

الموقع الفضائي Almanac والمعلومات الدقيقة للقمر الصناعي Ephemeris:

لتحديد موقع قمر GPS في الفضاء يحتاج المستقبل لنوعين من البيانات: Almanac وEphemeris، حيث ترسل هذه المعطيات من قبل القمر الصناعي باستمرار وتستقبل من قبل المستقبل وتخزن باستمرار.

يحوي الموقع الفضائي almanac حالة الأقمار الصناعية ومعلومات تقريبية عن المدارات. يستخدم المستقبل هذه البيانات لمعرفة أي الأقمار الصناعية مرئية بالنسبة له، ولكن هذا النوع من البيانات لا يقدم دقة كافية حيث أنه في حال كان مستقبل GPS جديداً أو لم يتم استخدامه منذ فترة طويلة من الزمن، فإنه سيحتاج إلى 15 دقيقة أو أكثر لاستقبال الوضع الحالي.

إن مستقبلات GPS القديمة كانت تحتاج للموقع الفضائي لمعرفة مكان القمر الصناعي أما الحديثة منها فلا تحتاج له.

يحتاج مستقبل GPS لمعرفة الموقع الدقيق للأقمار إلى بيانات إضافية من كل قمر تدعى ephemeris، هذه المعطيات تعطي معلومات دقيقة عن مدار كل قمر.

يتم تحديث بيانات ephemeris كل ساعتين إلا أنها تكون فعالة لمدة أربع ساعات، ولكن إذا بقي مستقبل GPS بحالة عدم تشغيل لمدة من الزمن فسيتطلب عدة دقائق للحصول على بيانات ephemeris الخاصة بكل قمر صناعي قبل أن يكون قادراً على تحديد الموقع.

يملك نظام استقبال GPS شاشة تظهر الأقمار الصناعية المستخدمة، مع تخطيط بياني لقوة إشارة الأقمار التي تم اختيارها، كما يمكن أن يبين مواقع الأقمار الصناعية في الفضاء ويعبر مركز الشاشة غالباً عن نقطة تواجد المستقبل.

إعداد النظام للعمل:

عندما نقوم بتشغيل نظام GPS فإن الزمن الذي يتطلبه تحديد أول موقع يعتمد على طول الفترة الزمنية لآخر عملية تشغيل قام بها المستقبل، ولتحديد الموقع يحتاج المستقبل للحصول على البيانات التالية:

• Almanac

• الموقع البدائي Initial Location

• الزمن Time

• Ephemeris

ويتم استخدام ثلاثة مصطلحات بناءً على كمية البيانات المتوفرة لدى المستقبل من البيانات المذكورة: البداية الباردة والبداية الدافئة والبداية الساخنة، كما تختلف معاني هذه المصطلحات بين شركة مصنعة وأخرى إلا أنها بمفهومها الأساسي على الشكل التالي:

• البداية الباردة Cold start: إذا لم يتم تشغيل نظام GPS منذ فترة من بعيدة من الزمن أو تم الانتقال إلى مسافة تبلغ مئات الكيلومترات، فإن ذلك سيتطلب وقتاً طويلاً للحصول على أول موقع، ففي هذه الحالة لا يملك مستقبل GPS أي من البيانات السابقة. وقد كانت هذه العملية تستغرق وقتاً طويلاً جداً في مستقبلات GPS القديمة حيث يصل الوقت المطلوب للبحث عن الأقمار الصناعية وتحميل المعطيات والبيانات والحصول على الموقع البدائي إلى ساعة كاملة، بينما تحتاج المستقبلات الحديثة لوقت أقل من ذلك.

عندما ينتقل مستقبل GPS مسافة تبلغ مئات الكيلومترات فإن فرضياته عن الأقمار الصناعية التي سيتم استخدامها في عملية تحديد الموقع تصبح غير صحيحة، ويتوجب عليه البحث مرة أخرى عن الأقمار التي يجب استخدامها، وتسمح لنا بعض الأنظمة بإدخال الموقع التقريبي لتسريع هذه العملية.

• البداية الدافئة Warm start: تكون بيانات almanac والموقع البدائي والزمن متاحة، ولكن بيانات Ephemeris غير متاحة أو متاحة بشكل جزئي فقط، عندها يستغرق تحديد أول موقع زمناً يتراوح من 30 ثانية إلى دقيقتين.

• البداية الساخنة Hot start: إذا كانت مدة آخر تشغيل لا تتجاوز الساعة عندها يتطلب تحديد أول موقع زمناً يتراوح من 5 إلى 20 ثانية فقط.

وبالتالي إذا تم استخدام GPS منذ فترة وجيزة فإنه يمكننا الحصول على الموقع مباشرةً. ولكن إذا لم يتم ذلك فعلينا أن نقوم بوضع مستقبل GPS خارجاً بشكل مكشوف تماماً للسماء وتتناول كأساً من الشاي ريثما ينهي عمله  ..

عند الحاجة لاستخدام نظام GPS في السيارة فمن الأفضل انتظار مستقبل GPS للحصول على المعطيات اللازمة أو القيام بعملية تحديد الموقع قبل الانطلاق.

إن استقبال بيانات ephemeris من القمر الصناعي تستغرق 30 ثانية ولكن إذا قمت بمقاطعة الإشارة خلال هذا الوقت فإن عملية الحصول عليها من القمر الصناعي ستستغرق وقتاً يصل إلى دقيقة إضافية بسبب الحاجة لإعادة التشغيل، بالإضافة لذلك، إذا كنت تقود في منطقة تحوي أبنية عالية أو عقبات أخرى فإن عملية الحصول على هذه البيانات من الأقمار الصناعية الأربعة ستستغرق وقتاً طويلاً.

الدقة:

تتأثر درجة الدقة التي نحصل عليها من نظام GPS بعدة عوامل مثل: موقع الأقمار الصناعية في الفضاء وأثر الغلاف الجوي والأخطاء في ساعة القمر الصناعي والأخطاء في بيانات ephemeris وغيرها..

غالباً ما تظهر وحدات GPS عامل الدقة عن الموقع على الشاشة Estimated Position Error EPE وتحت شروط مثالية تحدد شركة Garmin على سبيل المثال عامل الدقة بين 5 وحتى ثلاثة أمتار. إن الطريقة التي يعتمدها المصنعون لضبط وتحديد هذا الرقم غير منشورة كما أنه من غير الحكمة اعتماد هذا الرقم والوثوق به بشكل مطلق.

يمكن الحصول على عامل دقة أكثر واقعية باستخدام دليل المستخدم اليدوي الخاص بجهاز GPS الذي يملكه الشخص، وعادة ما تعطي 95% من مستقبلات GPS المحمولة بوضعية أفقية خطأ بحدود 10 أمتار من موقعها الحقيقي، ويكون الخطأ في الارتفاع غالباً ضعفي الخطأ في الموقع الأفقي، كما يمكن زيادة دقة GPS باستخدام معطيات ثانوية من محطات مرجعية خارجية.

تملك العديد من وحدات GPS المستخدمة خيار Wide Area Augmentation System WAAS والذي يستخدم شبكة من المحطات الأرضية المرجعية، وتتم القراءة من هذه المحطات من أجل تصحيح بعض مصادر الأخطاء المذكورة أعلاه (لكنه غير متاح في جميع الدول)، ويتم في هذه الخدمة إرسال البيانات المصححة من أقمار صناعية ثابتة خاصة بنظام WAAS (موجودة على ارتفاعات عالية جداً) والتي تعيد إرسالها إلى مستقبلات نظام GPS التي تملك ميزة WAAS لتحسين الدقة، ولتصحيح الخطأ نحتاج لثلاثة أقمار GPS من أجل تحديد موقع ثنائي الأبعاد (بدون ارتفاع) أو أربعة أقمار لتحديده في الفضاء ثلاثي الأبعاد، وبشكل عملي، يقوم مستقبل GPS بملاحقة عدد أكبر من ذلك.

ما هو A-GPS:

وأنت تقرأ المقال لا بد وأن سؤالاً هاماً يدور في بال البعض، وهو كيف للهواتف المحمولة المزودة بمستقبلات GPS تحديد المواقع بشكل مباشر تقريباً؟

إنها تستخدم نظام تحديد المواقع العالمي المساعد Assisted GPS A-GPS، وهو طريقة تستخدم لتحسين الزمن اللازم لتحديد أول موقع أو حتى السماح بتحديد المواقع ضمن شروط لا يستطيع نظام GPS العمل ضمنها.

تستخدم أجهزة A-GPS اتصال البيانات (كاتصال 3G على الأجهزة المحمولة) للاتصال بمخدم مساعد يقوم بتقديم بيانات almanac وephemeris ، وبالتالي لا يحتاج نظام GPS انتظار استقبال هذه البيانات من الأقمار الصناعية، كما يمكن أن يقوم المخدم بإرسال موقع تقريبي يحصل عليه من أبراج الاتصالات التي يتصل عبرها الجهاز المحمول مما يسمح بتحديد الموقع مباشرة.

يمكن أن يقوم نظام A-GPS في بعض الحالات بإرسال معلومات غير كاملة إلى المخدم ليقوم بمعالجتها وتحويلها إلى موقع.

عندما يكون الهاتف المحمول خارج نطاق تغطية الأبراج والشبكة اللاسلكية Wi-Fi ستعتمد عندها وحدة GPS في المحمول على الأقمار الصناعية للحصول على البيانات عندها تتطلب عملية تحديد الموقع وقتاً كنظام GPS التقليدي من دقيقة إلى دقيقتين ونحصل على الموقع من بداية باردة.

مقطع فيديو يبين آلية عمل نظام GPS: 

هنا

المصدر:

هنا

مصادر الصور:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

مصدر الإنفوغراف:

هنا