الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

داء ألزهايمر.. أسبابه والمزيد

استمع على ساوندكلاود 🎧

داءُ الزهايمر مرضٌ مترقٍّ يتميزُ بإحداثهِ ضَعفاً تدريجياً في الذاكرةِ والعديدِ من الوظائفِ العقليةِ نتيجةَ تخريبِه للأعصابِ والخلايا الدماغية. وبذلكَ يُعدُّ مِن أهمِّ مسبباتِ الخرفِ الذي يضمُّ مجموعةً من الاضطراباتِ العقليةِ والفكريةِ التي تؤثّرُ على الحياةِ اليوميةِ، وقد تمنعُ المريضَ من الاستمرارِ بها بشكلٍ طبيعيٍّ.

الأسباب:

لا توجدُ حتّى اللحظة أسبابٌ واضحةٌ للمرضِ. إلا أنّ العلماءَ وجدوا للوراثةِ والعواملِ البيئيةِ ونمطِ الحياةِ دوراً مهماً في إحداثِ المرضِ. ومن خلالِ الفحصِ المجهريِّ لخلايا الأدمغةِ المصابةِ، تمكنَ الباحثونَ من تمييزِ نوعين من الشذوذاتِ التي أصبحتِ السماتِ المميزةَ لهذا المرضِ.

نبدأُ من خارجِ الخلايا حيثُ نجدُ اللويحاتِ النشوانيةَ Amyloid plaques وهيَ كتلٌ من بروتينٍ يسمى بيتا أميلوئيد تلتصقُ على السطوحِ الخارجيةِ للخلايا الدماغيةِ مسببةً تخرُّبَّها بطرقٍ عديدةٍ منها تدميرُ الاتصالاتِ العصبيةِ بين خليةٍ وأخرى. وإذا ما حوّلنا نظرنا إلى داخلِ هذه الخلايا، عادةً ما نجدُ العديدَ من البروتيناتِ الّتي تساهمُ في تشكيلِ دواعمَ هيكليةٍ وشبكةٍ منظمةٍ لنقلِ الموادِ الغذائيةِ وغيرها عبر الاستطالاتِ الكثيرةِ للخلايا العصبيةِ. ولكن عندَ الحديثِ عن مرضِ ألزهايمر، يسرقُ بروتين التاو tau protein الأضواءَ، لكونِ التشابكِ الكبيرِ بينَ خيوطِ هذا البروتين السِّمةَ الثانيةَ المميزةَ لمرضِ ألزهايمر. حيث تؤدي هذه التشابكاتُ إلى تخريبِ وظيفةِ هذا البروتين وتعطيلِ شبكةِ النقلِ هذه، ما يؤدّي لضمورِ وانكماشِ الدماغِ بسببِ تموُّتِ خلاياه المستمرِ.

فمن يقفُ وراءَ كلِّ هذهِ التغيرات؟

كما ذكرنا مسبقاً لا سببَ محددٌ حتى اللحظة. إلا أنّ العلماءَ تمكنوا من تحديدِ بعضِ عواملِ الخطورةِ التي تزيدُ من نسبةِ حدوثِ المرضِ. نذكرُ منها:

- التقدمُ بالعمر: حيثُ تبينَ أنُّه كلما تقدمتَ بالعمرِ يزيدُ احتمالُ إصابتِكَ بالمرضِ بشكلٍ كبيرٍ. فبعدَ تجاوزكَ سنَّ الـ 65 يصبحُ الخطرُ كبيراً، كما أنّ نصفَ عددِ المسنينَ الذين تجاوزت أعمارهم 85 عاماً مصابون بالمرضِ. إلّا أنّه يجدرُ الذكرُ أنّ ألزهايمر ليس من الأمورِ الطبيعيةِ الّتي تحدثُ مع التقدمِ بالعمر.

- الوراثةُ والقصةُ العائليةُ: حيث تشكلُ العواملُ الوراثيةُ والطفراتُ الجينيةُ 5% من مسبباتِ المرضِ. كما أنّ الخطرَ يصبحُ أكبرَ بوجودِ مريضٍ من أقاربِ الدرجةِ الأولى (الوالدين والإخوة).

- الجنس: حيثُ يصيبُ المرضُ النساءَ أكثرَ من الرجال.

- رضوضُ الجمجمةِ والدماغِ السابقة والاضطراباتُ العقليةُ والسلوكيةُ.

- نمطُ الحياةِ غيرُ الصحيِّ: فالتدخينُ وقلةُ ممارسةِ الرياضةِ والحميةُ قليلةُ الخضراواتِ والفاكهةِ وارتفاعُ الضغطِ الشريانيِّ والشحومِ والكولسترولِ في الدمِ والسكريّ غير المضبوطِ، كلها تزيدُ من مخاطرِ حدوثِ داءِ ألزهايمر.

ولكن في المقابلِ نجدُ أنَّ ارتفاعَ المستوى التعليميِّ وممارسةَ النشاطاتِ العقليةِ في أوقاتِ الفراغِ وغيرها مما يُبقي العقلَ نشيطاً يقللُ من خطرِ الإصابةِ بالمرضِ.

الأعراض:

ضعفُ الذاكرةِ المترقِّي: جميعنا قد ننسى بين حينٍ وآخرَ معلوماتٍ مهمةٍ تخصّنا، وقد نُضيع مفاتيحنا وننسى أغراضنا. إلا أنّ هذه الهفواتِ العابرةَ قد تكون نتيجةَ التعبِ والإرهاقِ وعدم التركيزِ، ولا تستمرُّ لفترةٍ طويلةٍ. فكيف نعرفُ ما إذا كانت عوارضُ فقدانِ الذاكرةِ لدينا من علائمِ داء ألزهايمر؟ في الحقيقةِ، إذا كنتَ تستمرُّ بنسيانِ المواعيدِ المهمةِ والمناسباتِ الخاصة، وتستمرُّ بطرحِ الأسئلةِ ذاتِها دونَ تذكرِ الأجوبةِ، ووصلَ بكَ الأمرُ إلى حدِّ نسيانِ أسماءِ أفرادِ عائلتك. فانتبه، أنتَ في خطرٍ كبيرٍ وعليك مراجعةُ الطبيب.

تعتبرُ أعراضُ الذاكرةِ من أولى مظاهرِ مرضِ ألزهايمر، ولكنها ليست الفريسةَ الوحيدةَ للمرض. فالمصابون سيعانونَ من اضطراباتٍ عقليةٍ أخرى كالارتباكِ والتخليطِ الذهنيِّ واضطرابِ القدرةِ على القراءةِ والكتابةِ وضعفِ المحاكمةِ العقليةِ والتفكيرِ والقدرةِ على اتخاذِ القراراتِ. وهذا بدوره سيؤدي لتدهورِ الحالةِ النفسيةِ للمصابِ، ويتظاهرُ ذلك بتغيراتٍ في الشخصيةِ كالاكتئابِ أو القلقِ أو الهلوسةِ أو تقلباتِ المزاجِ كالهياجِ والعدوانيةِ، وقد يصلُ الأمرُ إلى اليأسِ والرغبةِ بالانتحار.

العلاج والوقاية:

يمكنُ لأدويةِ الزهايمر الحاليةِ أن تخفّفَ من أعراضِ فقدانِ الذاكرةِ بشكلٍ مؤقتٍ. نذكر منها:

مثبطاتُ الأستيل كولين استراز AChE inhibitors: وتعملُ عن طريق زيادةِ تأثيرِ الاتصالاتِ الكيميائيةِ بينَ الخلايا العصبية، في محاولةٍ لتعويضِ نقصِ هذه الاتصالاتِ الناجمِ عن المرض. منها Donepezil المعروفُ تجارياً باسم Razadyne أو Rivastigmine أو Aricept أو Galantamine أو Exelon، إلا أنّ عددَ المرضى الذين تحسنت لديهم الأعراضُ لم يتجاوزِ النصفَ. والآثارُ الجانبيةُ لهذه الأدويةِ تتضمنُ الإسهالَ والغثيانَ واضطراباتِ النوم.

Memantine أو Namenda: الذي يؤثر على نوعٍ آخرَ من الاتصالاتِ بينَ خلايا الدماغِ. ويمكن أن يُستخدمَ بالتزامنِ مع الدواءِ السابقِ، حيث يساهمُ بإبطاءِ تطورِ الأعراضِ لدى المرضى في المراحلِ المتقدمةِ.

ومن الطرق غير الدوائية لمساعدة مرضى ألزهايمر:

- إيجادُ بيئةٍ آمنةٍ وداعمةٍ: حيثُ يُعدُّ التكيفُ مع احتياجاتِ المرضى من أساسياتِ خططِ العلاجِ المتّبعة. فمثلاً، إذا كانَ لديكَ مريضٌ في منزلك. ساعده على التأقلمِ مع حياته بطريقةٍ أسهلَ. ضع أشياءَه وأغراضَه الخاصةَ في مكانٍ واحدٍ كي يحاولَ تذكرَّه. خفّف من عددِ المرايا في منزلكَ لأنها تشعرهم بالارتباكِ والقلقِ، وهناكَ العديدُ من النصائحِ التي قد يقدِّمها لك الطبيبُ لمساعدةِ المرضى وتخفيفِ معاناتهم.

- ممارسةُ التمارينِ الرياضيةِ والمشي يومياً لمدةٍ لا تقل عن نصف ساعة.

- تناولُ الأطعمةِ الغنيةِ بالبروتينات والفيتامينات والألياف.

- القيامُ بالنشاطاتِ الاجتماعيةِ والفكريةِ كحلِّ الكلماتِ المتقاطعةِ والأحاجي والقراءةِ. فكلّ ذلكَ يساهمُ في زيادةِ وتطويرِ الاتصالاتِ بين الخلايا الدماغية.

المصدر:

هنا

هنا