الطب > مقالات طبية

التصوير المقطعي المحَوسَب لأجساد الفراعنة ينفي إصابتهم بالتهاب الفقار المقسِّط

التصوير المقطعيُّ المُحَوسَب لأجساد الفراعنة يُعيد كتابة تاريخ مرض التهاب الفقار المُقَسِّط Ankylosing Spondylitis

لدى استخدام الأشعة السينية في فحص بقايا المومياوات المصريِّة، اعتقد الخبراء سابقاً أن مرض التهاب الفقار المُقَسِّط أصاب العائلات الملكيَّة في مصر القديمة. ولكن بحثاً استخدم فيه الخبراء التصوير المقطعيَّ المُحَوسَب CT scan أثار الشكوك حول صحَّة هذا الاعتقاد وأعاد التساؤل حول قدم هذا المرض.

يُشير الباحثون إلى أن المرض الذي كان يُعتقد أنه التهاب الفقار المُقَسِّط (ankylosing spondylitis) ماهو إلا حالةٌ مختلفةٌ تماماً، تُدعى فرط التعظّم الهيكلي المنتشر مجهول السبب (diffuse idiopathic skeletal hyperostosis (DISH)، هو مرضٌ تنكسيٌّ (ليس التهابياً) يُصيب العمود الفقري.

تكون البقايا المُحنَّطة للفراعنة محفوظةً عادةً بشكلٍ جيدٍ وتُوفِّر مصدراً ممتازاً للباحثين في مجال الأمراض القديمة. ويحتوي المتحف المصري في القاهرة على عددٍ من المومياوات التي خضعت على مرِّ السنين للعديد من فحوصات الطب الشرعي والفحوصات الشعاعية.

أشارت الدراسات السابقة - بواسطة الأشعة السينية- إلى أن ثلاثةَ فراعنةٍ على الأقلِّ وهم أمنحوتب الثاني ورمسيس الثاني وابنه مرنبتاح Merenptah قد أُصيبوا بالتهاب الفقار المُقَسِّط، وهو مرضٌ التهابيٌّ يسبِّب الألم والتَيَبُّس في الظهر مما قد يؤدي إلى التهاب المفاصل والتحام عظام العمود الفقريِّ. وهوينتمي إلى مجموعةٍ من الحالات الالتهابيِّة المعروفة سريرياً باعتلالات الفقار spondyloarthropathies.

وفقاً لما تذكره الكلّية الأمريكية للأمراض الروماتيزمية فإنّ هذه المجموعة من الأمراض تُصيب أكثر من 2.4 مليون شخصٍ ممّن تزيد أعمارهم عن 15 سنةً في الولايات المتحدة. وتشير دراساتٌ أخرى إلى أن 1% من سكان الولايات المتحدة مصابون بالتهاب الفقار المُقَسِّط.

قد يتشابه المرضان في الجزء المتعلق بالنمو العظمي في العمود الفقري، إلا أنه من خلال إعادة دراسة نتائج الأشعة السينية الخاصة بالمومياوات، ظهر أن الفراعنة قد أصيبوا بفرط التعظّم الهيكلي DISH الذي يصيب الأشخاص ذوي الأعمار الأكبر من60 سنة، وليس التهاب الفقار المُقَسِّط.

التصوير المقطعيَّ المُحَوسَب للمومياوات

يعزو الباحثون السبب في التشخيص الخاطئ لمرض المومياوات إلى وجود السوائل المستخدمة في التحنيط، حيث حدَّت بشكلٍ ما من القدرة على تفحُّص العمود الفقريِّ والمفاصل العجُزية الحرقفية Sacroiliac joints بشكلٍ دقيقٍ.

وللتأكُّد من وجود أحد المرضين، قام الباحثون بإعادة دراسة 13 مومياءً باستخدام التصوير المقطعيِّ المُحَوسَب بدلاً من الأشعة السينية، فالتصوير المقطعيُّ المُحَوسَب من الأشكال المتطورة من طرق التصوير،وهو قادرٌعلى أخذ صورٍ ثنائية وثلاثية الأبعاد.

مكَّنت هذه التقنية الخبراء من استبعاد إصابة الفراعنة بمرض التهاب الفقار المُقَسِّط وذلك لسببين: عدم وجود تآكلٍ في مفاصل منطقة أسفل الظهر والحوض، وعدم وجود التحامٍ في المفاصل العجزية الحرقفية والمفاصل الوُجَيْهِيّة (facet joints) في العمود الفقريِّ.

وبناءً على هذا، أثبتَ الباحثون أن الفراعنة الأربعة: أمنحوتب الثالث ورمسيس الثاني ومرنبتاح ورمسيس الثالث قد أصيبوا بفرط التعظم الهيكلي المنتشر مجهول السبب DISH.

أثر هذه النتائج على الشعوب المعاصرة:

يشير الباحثون إلى أن عملية التحنيط قد تُحدث تغيُّراتٍ في العمود الفقريِّ وهذا يجب أن يُؤخَذ في عين الاعتبار عند دراسة الأمراض في الأجساد والبقايا القديمة. كما يشيرون إلى الحاجة إلى المزيد من الأبحاث في هذا المجال لتحديد الزمن الدقيق الذي نشأ فيه هذان المرضان، والحاجة إلى مزيدٍ من الدراسات لربط نتائج التصوير المقطعيِّ المُحَوسَب للمومياوات الملكية المصرية مع المومياءات غير المَلكية، ومع غيرها من المواضيع المتعلقة بالأمم القديمة والحديثة مما يساعد على الفهم الأفضل لمنشأ هذين المرضين.

المصدر:

هنا

حقوق الصورة:

news.cision.com