الهندسة والآليات > التكنولوجيا

دور تقنية الواقع المعزز في المجال الصناعي

دائما ما تهدف شركات التصنيع إلى زيادة إنتاجيتها وجودة منتجاتها، وذلك من أجل تحقيق مخططاتها وأهدافها وزيادة التنافس مع الشركات الأخرى. ولتحقيق ذلك، فإن الخطوة الأهم هي في إيجاد أفكار تسهل سير عمل الإنتاج. ففي كثير من المؤسسات الصناعية يكون توزع المصانع ممتداً على مناطق متفرقة من العالم. وذلك قد خلق تحدي في تبادل المعلومات بين هذه النقاط بشكل سريع ضمن دورة حياة التصنيع، أي بدئا من التصميم وتخطيط المنتج وصولاً للتصنيع والتجميع.

ومن هنا أتت تطبيقات الواقع المعزَّز كأحد الحلول المقترحة لتلبية هذه المتطلبات الجديدة للصناعة. حيث أن قدرات تقنية الواقع المعزَّز تسمح بدعم التواصل بين الإنسان والآلة وذلك بتزويد البيئة المحيطة بالآلة أو المشغل بمعلومات إضافية تسهل من إنجاز المهام. ومن أهم ما يميز تطبيقات تقنية الواقع المعزَّز أنها كانت قادرة على سد الفجوة بين مراحل التصميم (الذي غالبا ما يكون رقميا) ومراحل التنفيذ أو الانتاج. فيما يلي استعراض للتطبيقات التي يمكن تنفيذها باستخدام تقنية الواقع المعزَّز:

- التجميع (Assembly):

تعتبر عمليات التجميع للمنتج مرحلة مفصلية في عملية الإنتاج وتتطلب دقة عالية. تتم هذه العمليات عادة بالاعتماد على تعليمات التجميع التي تأتي على شكل كتيبات نصية مزودة بالصور والمخططات، مما يتطلب من العاملين مناوبة انتباههم بين التعليمات وعملية التجميع (على الأقل للمبتدئين) مما يضيع كثير من الوقت، وبالتالي يخفض من كفاءة خط الانتاج.

يأتي الواقع المعزَّز هنا ليتغلب على هذه المشكلة من خلال تقديم هذه التعليمات الخاصة بعملية التجميع بعدة طرق مثل التعليمات الصوتية أو محاكاة هذه التعليمات بشكل مرئي. وبالتالي فإنه يمكن تحسين أداء منفذ عملية التجميع وزيادة تركيزه. ويمكن تطبيق هذا الأمر في عملية التجميع ضمن خطوط الانتاج المعقدة مثل عمليات بناء السفن أو الطائرات أو حتى خلال التدريب على عملية التجميع.

- الصيانة والفحص (Maintenance & Inspection):

يبدي الكثير من مطوري الواقع المعزَّز اهتماماً خاصاً باستخدام تقنية الواقع المعزَّز في مجال الصيانة. حيث أن القدرات التصويرية لها تساعد على أن تكون هذه التقنية بديلا للكتيبات الصيانة التي توجه العمال خلال عمليات الصيانة، حيث أن أخطاء الصيانة في بعض الحقول تعد كارثية كصيانة طائرة مثلا. وبالتالي فإن استخدام تقنية الواقع المعزَّز سيساهم بتخفيض الأخطاء البشرية بشكل كبير، حيث أن عامل الصيانة سيتمكن من مراجعة كل خطوات الصيانة بشكل آني.

أحد الأمثلة على ذلك هو ما قدمته شركة "General Electric" في ورشة عمل المحركات النفاثة، حيث بإمكان مهندس الصيانة خلال أداء أحد أعمال الصيانة أن يتعرف بسهولة على قطع الغيار اللازمة وآلية تركيب الأجزاء وأجزاء المحرك التي يجب أن يتم استبدالها وعدة أمور أخرى وذلك بالاعتماد على تقنية الواقع المعزَّز بشكل كلي.

- تطوير المنتجات (Product Development):

خلال مرحلة التصميم بشكل عام يتم إجراء الكثير من التعديلات على نموذج التصميم الأولي وأحيانا تستمر التعديلات حتى خلال طور الإنتاج حيث تحدث هذه التعديلات عادة نتيجة عدم القدرة على تطبيق مخططات التصميم على أرض الواقع وذلك لعدة أسباب منها التوافق بين تصاميم الأجزاء المختلفة.

يمكن للواقع المعزَّز أن يلعب دوراً هاماً في مثل هذه الحالات، فنتيجة لقدرته على المحاكاة وتصوير الأشياء الافتراضية ضمن بيئة حقيقية فإنه يسمح بعملية "نمذجة مختلطة"، فيتضمن النموذج المختلط جزءاً حقيقياً (غالبا ما يكون قاعدة الأساس للمنتج) وأجزاء افتراضية تدمج مع الجزء الحقيقي. تساهم هذه النماذج المختلطة في مساعدة الشركات على تخفيض المصاريف المتعلقة ببناء النماذج الحقيقية والتي يمكن أن لا تلبي الطموحات وبالتالي تعتبر هدراً للموارد.

- التخطيط والمراقبة:

تسمح تقنية الواقع المعزَّز بتحسين عملية التخطيط الصناعي بشكل كبير، حيث يمكننا من خلال تقنية الواقع المعزَّز رؤية المهام المقررة أثناء عملية التخطيط ومقارنتها مع إحصائيات خط الانتاج الفعلي في الزمن الحقيقي.

- الواقع المعزَّز والروبوتات المتحكم بها عن بعد:

تستخدم تقنية الواقع المعزَّز لزيادة التفاعل بين الروبوتات المتحكم بها عن بعد والمشغل الذي يقوم بالتحكم بها مما يساهم في زيادة دقة القرارات المتخذة. وتساعد هذه التطبيقات الروبوتية المشغلين على القيام بالمهام الصعبة أو المتواجدة في بيئات خطرة.

وتتيح هذه الأنظمة المزودة بالواقع بالمعزَّز للمشغل أن يستخدم صور مرئية لبيئة العمل التي سيتحرك بها الروبوت لتوجيهه، وبالتالي فإنه من الممكن أن يتدرب المشغل على مسار الحركة من خلال روبوت افتراضي مضاف بشكل معزز للبيئة الحقيقية مما يتيح التحقق من هذا المسار ضمن البيئة الحقيقية.

وبذلك نجد أن تقنية الواقع المعزَّز تلعب دوراً كبيراً في تحسين أداء المشغل والعامل والمصنع، وبدون أدنى شك فإن تقنية الواقع المعزَّز تمتاز عن شبيهتها الواقع الافتراضي (Virtual Reality) بأن الأولى تبقي المستخدم في بيئته المحيطة الحقيقية وبالتالي تعزيز أدائه في ظروف حقيقية لا افتراضية.

فمثلاً على مستوى بيئة تدريب، سيكون من المتوقع سؤال المتدرب "أرني كيف يتم تنفيذ المهمة"، وهنا يأتي دور تقنية الواقع المعزَّز لعرض الإجراءات والمهام والكثير من التفاصيل المختلفة للمستخدم. هذا ينعكس إيجاباً على خبرة المستخدم ومعرفته بآلية المهام التي يجب عليه القيام بها حيث أن تقنية الواقع المعزَّز ستقدم للمستخدم تجربة أغنى بكثير من مما يمكن أن يقدمه كتاب إرشادات أو نظام محاكاة رقمي على حاسوب.

ومن هذا المنطلق تؤمن العديد من الشركات والباحثين أن تقنية الواقع المعزَّز ستكون مفتاحا لتعزيز خبرات الأفراد وتحسين إنتاجهم بشكل ينعكس إيجاباً على المؤسسة عموماً. فهل توافق عزيزي القارئ هذا المنظور أم تعتقد أنه هناك مخاطر وسلبيات قد يحملها تطبيق تقنية الواقع المعزَّز في البيئات الصناعية؟

فيديو العالم بعيون تقنية الواقع المعزز هنا

مقال العالم بعيون تقنية الواقع المعزز هنا

المصدر:

Haddad، K. (2015). Transforming Knowledge Using Augmented Reality in Engineering and Manufacturing Firms: An Exploration using Secondary Sources. Evidence Based Information Systems Journal، 1(1). Retrieved from هنا

Ong، S. K.، Yuan، M. L.، & Nee، A. Y. C. (2008)، ‘Augmented reality applications in manufacturing: a survey’، International journal of production research، 46(10)، pp. 2707-2742.