الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة السياسية

النسوية الحديثة وبيانها حول التغيير الاجتماعي

في نهاية عقد الستينات من القرن العشرين وضع الحراك النسوي في الولايات المتحدة البيان الآتي:"الشخصي هو سياسي"، وكانت العديد من النساء اللواتي اعتنقن ذلك الشعار ناشطاتٍ في حركاتِ الاحتجاج المتنوعة التي حدثت في الستينات.

وَوجِّه البيان جزئيًا لناشطين آخرين، وجاءَ تسويغًا لتسليط الضّوء على قضيةٍ جديدةٍ؛ هي العلاقات الشخصية بين النساء والرجال، وتأتي ضرورة الاهتمام بهذا الشعار لتغيير الفكرة السائدة؛ بأنّ ممارسات التمييز بين الجنسين تقف خارج نطاق السياسة!

وكشف البيان الزيف الملتف حول ما كان بديهيًا، إذ يقسم المجتمع الغربي المعاصر حياة الفرد إلى حياة شخصية عائلية وحياة عامة مجتمعية، وقد اختُزِلَ آنذاك مفهوم "السياسي" لحياة الفرد العامة.

فردَّ مناصرو حقوق المرأة على هذه النظرة بالقول: إن العلاقة بين الجنسين هي مثل العلاقات بين الفئات الاجتماعية الأخرى منظمّة بأعراف مجتمعية، والمشاكل التي تواجهها النساء فرادى "في حياتهن الخاصّة" تشترك فيها نساء عدّة لذلك هي قضية ليست "شخصية".

وقد رأت النسوية الأمريكية كارول هانش أن التجارب الشخصية هي نتيجة للبنى الاجتماعية وعدم المساواة وبذلك فهي مشاكل سياسية وحلولها ليست شخصية وإنما من خلال التغيير الاجتماعي.

وهكذا أعلنَ النسوييونَ الأوائلُ أنّّ الأيديولوجيا الشعبية التي حكمت على العلاقات الشخصية بين الجنسين خارج السياسة قد خلقت عراقيل أمام الفهم الكافي لهذه العلاقات.

ونشأ البيان في فرعٍ محدد من الحراك النسوي، وبذلك لا يمكن إلحاقه بالنسوية كلّها، وشهدتِ الأقسام المختلفة للحركة النسويّة الحديثة علاقةً معقّدةً ومتغيرة بين بعضها، وظهرتْ في أواخر الستينات حركتان مختلفان، وقد اعترف الإعلام بهذا الاختلاف بالتمييز بين "حركة حقوق المرأة" و"حركة تحرير المرأة".

وتكونت حركة "حقوق المرأة" في بداياتها من نساء مهنيات نظمن بعض الأنشطة في منتصفِ عقد الستينيات، وكُنَّ ناشطاتٍ أيضًا في منظماتٍ حقوقيّة، أمّا حركة "تحرير المرأة" فقد شكّلتها نساء أصغر سنًّا، وناشطات في احتجاجات اليسار الجديد الذي استقطبَ اهتمامَ الشارع العام بقضايا المرأة مع نهاية ذلك العقد.

ومن حراك "تحريرِ المرأةِ" ظهرت "النسوية الراديكالية" ومنها منظمة Redstockings التي ادّعت أنّ النساء أخفقْنَ في رؤيةِ وضعهن كظرفٍ سياسي.

وطوّر البيان النظريات الاجتماعية، وشجّع أنواعًا جديدةً من النشاط، ووسّع نطاق القضايا التي يمكن تعريفها بأنها "قضايا نسوية"، وكان ذلك البيانُ أحدَ الروابط التي استند إليها إنشاء مجموعات الوعي النسوي؛ التي اجتمعت لمناقشة مواضيع مثل المهن أو الأبوة والأمومة، وتبادل تجاربهم الشخصية والحصول على معارف جديدة.

المصدر:

هنا

هنا