الطب > مقالات طبية

لا تعبث مع علماء الطفيليات!

عَيشُك مع رفاق سكن جٌدد يخلق لديك حالة من التوتر، وتولد خلافاتكم على غسل الصحون والإيجار واستخدام مرافق البيت المختلفة وحتى أمور الصحة والنظافة المشكوك بأمرها انفعالاتٍ تخرب هذه العلاقات.

لهذا فالحل الأمثل لجدالك مع رفاق سكنك... هو الديدان!

في العام 1970، اشتد الشجار بين أربعة رفاقِ سكنٍ من بينهم طالب مختص بعلم الطفيليات، كان قد تأخر عن تسديد الإيجار الشهري المترتب عليه. وإذا به يوجه تهديداً غريبًا: سأسممكم بنفس العُضَيِّات التي أجري عليها تجاربي في المخبر، بديدان الصُّفَر الخنزيري Ascaris suum!

أأكملوا الشجار وكأنه لم يقل شيئاً...

انتهى بهم المطاف في المستشفى بعد أسبوع من الشجار جراء تناولهم عشاءً متقن الصنع.

لقد قمت بحلّ اللغز أليس كذلك؟

أجل... لقد أَعَدَّ المتأخرُ صاحبُ التهديدِ الغريب هذا العشاء!

عليك أن تعلم أن ديدان الأسكاريس (الصفر) هذه كغيرها من الطفيليات تأخذ طريقًا ملتوياً معقدًا خلال انتقالها ضمن الجسد بعد إصابته بها. تنتقل بيوضها انتقالاً فمويا غائطياً (إذ تنتقل البيوض إلى الجسم عبر الفم بعد أن كانت قد خرجت مع غائط شخص آخر)، وبعد أن تفقس اليرقات تشق طريقها عبر الأمعاء لتغزو الأوعية الدموية متوجهة إلى الرئتين، وعند وصولها إلى الأسناخ الرئوية تنبثق منها لتتدحرج على القصبات مرتفعة إلى الرغامى إلى أن تصل إلى القسم الخلفي من البلعوم حيث يتم ابتلاعها مجدداً باتجاه الأمعاء. وتتمايز عند البالغين لتتزاوج وتنتج المزيد من البيوض التي تتحرر مع البراز.

أما في حادثة رفاق الحجرة المنكوبين لم تصعد اليرقات من الرئتين إلى الرغامى والجزء الخلفي من البلعوم، وإنما بقيت عالقة في الرئتين! مما سبب لدى المصابين حمى وسعالًا وتوعكًا... لكن ضيق النفس الحاد (أو ما يدعى طبيا بالزلة التنفسية)! كان أخطر الأعراض، والتي تطلبت الإقامة في المستشفى.

لم تُفد المضادات الحيوية المستخدمة في العلاج الأولي للحالة، ليكشف فحص البلغم في النهاية عن وجود بيوض الديدان المذكورة، وليظهر للجميع أن تهديد شريك السكن كان حقيقيا!!

قُدِّرَ فيما بعد إصابة زملاء السكن بمئات آلاف البيوض، أي أكثر بكثير من العدد الذي يتحمله الإنسان الذي يعيش في المناطق التي يستوطن فيها هذا الطفيلي بشكل أساسي. شخصان من الأربعة كانوا في وضع خطر بسبب الفشل الرئوي الحاد الناتج عن التهاب الرئة بهذه الطفيليات. لكن و لحسن الحظ شفي الجميع بشكل كامل.

ولقد لحقت بالطالب أربع تهم محاولة قتل، لكنه أنكر نقله لهذه الطفيليات إلى المنزل. وفي النهاية تم العفو عنه بسبب عدم وجود أدلة كافية وقاطعة تثبت تورطه، إذ أن القاضي الذي ترأس جلسة الحكم قد استنتج أنه هناك احتمال لصحة ادعاء المتهم الذي عزا تلوث الطعام بهذه الطفيليات إلى صعود مياه الصرف الصحي من خلال بالوعة المجلى التي كانت تعاني من مشكلة في التصريف. لكن تم رفض هذا التفسير بشدة من قبل أحد شركاء السكن المصابين، إضافة إلى أن هذا التفسير يطرح سؤالا عن الآلية التي وجدت فيها هذه الطفيليات المدارية التي كان يعمل بها المتهم ضمن مخبره في مطبخ بيت كندي خلال فصل الشتاء.

لنتمنى أن يبقي علماء الطفيليات موادهم بعيدة عن أجسامنا، ولتكن هذه هي الحادثة الوحيدة من نوعها، ولنعمل على إبقاء علماء الطفيليات سعداء دوماً!

المصدر:

هنا

حقوق الصورة:

phenomena.nationalgeographic.com

www.thiswormyworld.org