البيولوجيا والتطوّر > التقانات الحيوية

العلماء يصادفون نوعاً جديداً من الخلايا الجذعية!

تحتل الخلايا الجذعية مساحة واسعة من الاهتمام العلمي، وتبدو هذه الخلايا كأنَّها تفتح لنا كل يوم باباً جديداً من الأمل لعلاج العديد من الأمراض.. وقد تمكّن العلماء من التعرّف على العديد من أنواع الخلايا الجذعية وبدأوا بإجراء الأبحاث والدراسات عليها.. مؤخراً تمكَّن العلماء من التعرُّف على نوع جديد ومميز من الخلايا الجذعية عن طريق الصدفة..

حيث اكتشف العلماء في معهد سالك للدراسات الحيوية في كاليفورنيا Salk Institute for Biological Studies نوعاً جديداً من الخلايا الجذعية المحفّزة غير المتمايزة - التي يمكن أن تتمايز الى أيّ نوع من الخلايا-. المميز في هذه الخلايا هو أنَّ خصائصها تتحدد بناءاً على موقعها ضمن الجنين الخاضع للتطور، ما يجعلها مختلفة عن الخلايا الجذعية المستخدمة تقليدياً في الأبحاث العلمية والتي تتحدد خصائصها على أساس المرحلة الزمنية التي يمر فيها الجنين خلال تطوره.

هذه الخلايا المكتشفة يمكن أن تزوّد العلماء بنموذجٍ حول المراحل المبكرة من تطوّر الكائن البشري، بالإضافة إلى إمكانية زرع الأعضاء البشرية في الحيوانات كالأبقار والخنازير لاستخدامها في أغراضٍ بحثية أو علاجية .

توصّل الباحثون في معهد سالك بقيادة البروفيسور Juan Carlos Izpisua Belmonte إلى اكتشاف هذا النوع من الخلايا غير المعروف مسبقاً بالصدفة أثناء محاولتهم تطعيم خلايا جذعية بشرية داخل أجنّة الفئران. أطلق العلماء على هذه الخلايا اسم "region-selective Pluripotent stem cells" أي "الخلايا الجذعية المحفّزة ذات الإنتقائية الموضعية" أو اختصاراً "rsPSCs".

أدرك العلماء في السابق وجود نمطين مختلفين من الخلايا الجذعية، لكن الحصول على هذه الخلايا بأعداد كبيرة ودفعها للتمايز إلى أنواعٍ محددة من الخلايا البالغة كان أمراً صعباً للغاية. أما الخلايا المُكتشَفة فقد نمت في المختبر بشكلٍ أسهل من الخلايا الجذعية التقليدية، وأبدت العديد من الميزات التي تتعلّق بإمكانية إنتاجها على نطاقٍ واسع وتعديلها وراثياً، وهذه ميزات مرغوبة في الطرق العلاجية التي تستخدم الخلايا البديلة.

لإنتاج هذه الخلايا قام العلماء بتطوير مجموعة من الإشارات الكيميائية التي دفعت الخلايا الجذعية البشرية للتوجُّه نحو مكانٍ محدد. بعد ذلك قاموا بحقن الخلايا الجذعية الموجّهة مكانياً (خلايا rsPSCs البشرية) داخل مناطق محددة في أجنّة الفئران المشرّحة جزئياً وقاموا بحضنها ضمن أطباق مخبرية لمدة 36 ساعة.

وعلى نحوٍ منفصل، قاموا أيضاً بحقن خلايا جذعية بشرية باستخدام الطرق التقليدية لكي يصبح بإمكانهم مقارنة تقنيتهم الجديدة بالنسبة للتقنيات المتواجدة حالياً. وقد وُجِد أنَّ خلايا rsPSCs البشرية قد بدأت بالنمو والتطور إلى أنسجة في مراحلها المبكرة بينما فشلت الخلايا الجذعية التي تمّ حقنها باستخدام الطرق التقليدية في الإندماج مع الأجنة المعدّلة. خضعت الخلايا في هذه المنطقة من الجنين المبكر لتبدلّات ديناميكية لكي تتمايز إلى جميع أنواع خلايا، أعضاء وأنسجة الجسم.

في الحقيقة، لقد بدأت خلايا rsPSCs في عملية التمايز إلى الطبقات الثلاث الرئيسية في التطور الجنيني المبكر والتي تدعى: الأديم الظاهر ectoderm، الأديم المتوسط mesoderm، والأديم الباطن endoderm. قام الباحثون بمنع الخلايا من التمايز إلى مراحل لاحقة، لكن نظرياً كان بوسع كل طبقة من طبقات التبرعم الثلاث أن تتطور وتعطي الأعضاء والأنسجة المكلّفة بها.

يشتبه البروفيسور Izpisua Blemonte في كون الأجنّة تحتوي خلال مراحلها التطورية المبكرة على العديد من الخلايا الجذعية المحفَّزة، بما فيها rsPSCs، لكن من غير الواضح حتى الآن فيما إذا كانت هذه الخلايا تلعب دوراً في تحديد الجزء من الجنين الذي سيصبح الرأس أو الطرفين الخلفيين.

ماذا بعد؟

إنَّ التعرّف على أنواع مختلفة من الخلايا المحفّزة سوف يمكِّن العلماء من دراسة المراحل المبكرة من التطور الجنيني البشري عن طريق زرع الخلايا الجذعية داخل أجِنَّة الحيوانات.

حيث وجد البروفيسور Izpisua Belmonte وزملاؤه أنَّ بإمكانهم بسهولة أن يستخدموا أنزيمات قطع الـDNA لكي يقوموا بتعديل الجينوم الخاص بالخلايا الجذعية المحفَّزة ذات الإنتقائية الموضعية والذي عادةً ما يكون صعب التحقيق في الخلايا الجذعية المحفّزة النامية في المختبر.

يمكن للتعديل الجيني أن يساعد العلماء في تحسين قابلية الخلايا للنمو داخل أنواعٍ أخرى من الكائنات الحية، مما يسمح بالحصول على كايميرات معدّلة وراثياً* . لذا فإنَّ الفكرة التي تقضي باستخدام الخلايا الجذعية البشرية المحفّزة مثل rsPSCs من أجل إنتاج حيوانات تمتلك أعضاء بشرية لم تعد فكرة خيالية على الإطلاق، لكنّها من المتوقع أن تواجه العديد من المصاعب. مثلاً ففي هذه الحالة من غير المعروف فيما إذا كان الجهاز المناعي للحيوان سيتعرف على العضو البشري كجزءٍ من الحيوان أو أنَّه سيقوم بمهاجمته. كذلك فإنَّ جزيئات الإشارة التي تقود عملية تكوّن العضو يمكن أن تختلف بين الإنسان والحيوان، والعضو البشري قد يتطور بمعدّل مختلف بالمقارنة مع الأعضاء الحيوانية.

يقول البروفيسور Izpisua Belmonte بأنَّ مختبره قد بدأ بالفعل عمليات زرع أنماط مختلفة من الخلايا الجذعية داخل أجنة الخنازير، علماً أنَّ هذه التقنية ما تزال في مراحلها المبكرة جداً. ذلك على الرغم من اعترافه بجميع المخاوف السابقة مضيفاً إليها مسألة التساؤلات الأخلاقية التي تتعلق بتطوير هجين إنساني- حيواني قابل للحياة.

الحاشية:

*كايميرات Chimeras : هي كائنات حية مفردة تملك تجمّعات خلوية نشأت من فردين مختلفين ، فالكايميرات تبدأ كتوأم ناتج من بيضتين ملقحتين بواسطة نطفتين لكن بدلاً من أن تنمو لينتج عنها فردين منفصلين فإنها تلتحم مع بعضها البعض لتصبح في نهاية المطاف فرداً واحداً.

المصادر:

هنا

هنا

هنا