الفيزياء والفلك > فيزياء

تحسين كفاءة نقل الطاقة لاسلكياً باستخدام المواد الخارقة

أدت أبحاث نقل الطاقة لاسلكياً "Wireless Power Transfer" عبر العقود الماضية لتطوير العديد من التطبيقات التجارية، من بعض تلك التطبيقات مثلاً وسائل الشحن اللاسلكي للأجهزة المحمولة أو لفرشاة الأسنان الكهربائية بالإضافة لما يُعرف ببطاقات تحديد الهوية باستخدام موجات الراديو (RFID)، ومع ذلك فإن تلك التطبيقات مقيدة بحدود لا تستطيع أن تتعداها وهما البُعد وكفاءة نقل الطاقة لاسلكياً.

في دراسة جديدة نشرت في (Europhysics Letters) قام علماء من جامعة Tonjgi الصينية باثباتهم تجريبياً لطريقة تحسّن من كفاءة نقل الطاقة لاسلكياً وذلك باستعمالهم المواد الخارقة metamaterials المغناطيسية،يُذكر أن المواد الخارقة هي مواد صنعية صُممت لتمتلك خصائص غير موجودة عند المواد العادية، تلك الخصائص اكتسبتها من بنية تموضع الذرات وليس من مكوناتها،(مقال عن إمكانية استخدام المواد الخارقة في الصناعات الكهربائية-الضوئية هنا ). الطريقة الجديدة حسّنت من النسبة المئوية للكفاءة من أقل من 10% لتصل إلى 20% وذلك عند مسافة 4cm بين مصدر الطاقة والجسم المراد شحنه، التحسّن السابق قد يعبّد الطريق أمام تطبيقات جديدة، تتضمن الشحن اللاسلكي لأجهزة ضبط نبضات القلب المزروعة، وللسيارات الكهربائية.

فكرة نقل الطاقة لاسلكياً تعود لعام 1890 عندما قام "نيكولا تسلا" ببعض التجارب عن الكهرباء اللاسلكية لكن نجاحها كان محدوداً، أما الآن وبعد مرور أكثر من قرن فإن تلك الفكرة عادت لتجذب الانتباه مجدداً، فمثلاً في عام 2007 قام باحثون من معهد MIT بإيجاد آليّة لنقل الطاقة لاسلكياً وطوروا منتجات تعمل على ذلك المبدأ. ومن قبيل المصادفة فإن المواد الخارقة تملك تاريخاً مشابهاً نوعاً ما، فمنذ مطلع القرن العشرين ظهرت فكرة تصميم مواد صنعية تستطيع التلاعب بالضوء بطرق غير اعتيادية، لكن لم يتم تصنيع مثل تلك المواد حتى عام 2000.

في الورقة البحثية الجديدة قام باحثوا جامعة Tongjiبوضع مادة خارقة مغناطيسية ضمن الوشائع التي تُستعمل عادةً في نقل الطاقة لاسلكياً. في التصميم المُتّبع من قبل الباحثين تم استعمال إحدى الوشائع لخلق حقل مغناطيسي يتم التقاطه من قبل الوشيعة الأخرى كجهد كهربائي.

ومثل كل المواد الخارقة، فتلك المستعملة هنا تحوي بنى ميكروية لأطوال موجية منخفضة، أي أن أبعادها أقل من الطول الموجي المُستخدم، كما أن بمقدورها التحكم بالحقل المغناطيسي بطرق لا يمكن للمواد الأخرى أن تفعلها. المادة الخارقة في التجربة السابقة رُكّبت من ذرات خارقة تم تثبيتها على طول 2٫6cm في بنية وشيعة نحاسية حلزونية الشكل. وهذا الطول المحدد (2٫6cm) هام جداً، لأنه يسمح باقتران قوي بين أنماط رنين الأطوال الموجية المنخفضة للذرات الخارقة، وذلك الاقتران هو المسؤول عن زيادة كفاءة نقل الطاقة. يعلّق احد الباحثين بانه ومن خلال دمج المواد الخارقة في بنية وشائع غير رنانة وجدوا أن فعالية نظام نقل الطاقة لاسلكياً أصبح أفضل، وذلك يُعزى للاقتران بين المواد الخارقة.

بالرغم من أن الكفاءة تضعف بسرعة كلما ازداد بعد مصدر الطاقة عن الجسم المراد شحنه، فمن 32% عند 3cm ، إلى 15% عند 5cm. أما الكفاءة 20% فنحصل عليها عند البعد 4cm الذي يناسب الكثير من التطبيقات كالشحن اللاسلكي لأجهزة ضبط نبضات القلب وغيرها من الأجهزة الطبية.

يطمح الباحثون في المستقبل من صنع نظام نقل طاقة لاسلكي مُحسّن باستعمال المواد الخارقة وذلك لتطوير العديد من التطبيقات الأخرى. ويتوقع العلماء بأنه نظراً للسلوك المغناطيسي المتجانس للمواد الخارقة فإن تلك المواد يمكن أن يتم تركيبها تماماً كالمواد العادية، وبالتالي باستطاعتهم تجنب صعوبات التصنيع التقنية التي تواجههم.

المصدر:

هنا

هنا