الهندسة والآليات > كيف تعمل الأشياء

كيف تعمل الترانزستورات؟ ج1

يتضمن دماغ الإنسان حوالي 100 مليار خلية تسمى (العصبونات)، تساهم هذه الوصلات في العديد من الوظائف كالتفكير وتذكر الأشياء. تتضمن الحواسيب بشكل مشابه مليارات من الخلايا الصغيرة أيضاً والتي تسمى (الترانزستورات Transistors) وهي عناصر الكترونية مصنوعة من أنصاف النواقل كالسيليكون Silicon وهو عنصر كيميائي يتواجد في الرمال.

تعتبر الترانزستورات ثورة في عالم الالكترونيات منذ اختراعها قبل نصف قرن من قبل جون باردين John Bardeen، ولتر براتين Walter Brattain و ويليم شوكلي William Shockle.

لكن ماهي الترانزستورات؟ وما أنواعها؟ وكيف تعمل؟ هذا ما سنتعرف عليه في المقالين التاليين:

---------------

ما هو عمل الترانزستور؟

الترانزستورات عناصر الكترونية صغيرة يمكن أن تعمل كمضخمات أو مفاتيح الكترونية، فعلى سبيل المثال:

العمل كمضخمات: يعمل الترانزستور كمُضَخِم في أجهزة المساعدة على السمع حيث يأخذ تياراً صغيراً عند أحد نهايتيه (تيار الدخل)، ويُنتِج تياراً أكبر (تيار الخرج) عند النهاية الثانية، حيث تحوي سماعات الأذن ميكروفون صغير داخلها يلتقط الأصوات الصادرة من المحيط الخارجي للشخص ويحولها إلى تيارات كهربائية متغيرة، تتم تغذية الترانزستور بهذه التيارات فيقوم بتضخيمها مغذياً مكبرات الصوت مما يمكن الشخص من سماع الأصوات المحيطة بشكل أفضل. وتعتبر سماعات الأذن من أولى التطبيقات العملية للترانزستور.

العمل كمفتاح الكتروني أو مُبَدِل: يمكن للترانزستور أن يعمل كمبدل، فعند تدفق التيار عبر جزء من الترانزستور يتضخم ليتدفق كتيار أكبر في جزء آخر. وهذا المبدأ مطبق في شرائح الحاسب. فعلى سبيل المثال: تتضمن شريحة الذاكرة مئات الملايين ومليارات من الترانزستورات، حيث يستطيع كل منها (بشكل مستقل) أن يُبدِل بين وضعيتي القطع والوصل، وبما أن كل ترانزستور يمكنه أن يكون في حالتين منفصلتين، فبإمكانه أن يخزن رقمين منطقيين مختلفين: واحد أو صفر، وبالتالي تستطيع الشريحة أن تخزن مليارات الأصفار والواحدات التي تعبر عن الأرقام الصحيحة والأحرف، وسنتعرف على تفاصيل العملية خلال السطور القادمة.

كانت الآلات القديمة تمتاز بإمكانية تفكيكها بسهولة ومعرفة الأجزاء وكيفية عملها، لكن الالكترونيات مختلفة تماماً، فعملها يقوم على استخدام الالكترونات والتحكم بالكهرباء.

الالكترون هو جزء صغير جداً داخل الذرة، يزن أقل من 0.000000000000000000000000000001 kg.

يقوم عمل الترانزستورات المتطورة على التحكم بحركة كل الكترون، وبالتالي لنتخيل كم هي صغيرة!!

يمكن للشرائح الالكترونية في الحواسيب الحديثة أن يساوي حجمها حجم ظفر الإصبع، وتحوي بين 500 مليون و2 مليار ترانزستور. وبالتالي تبدو مسألة تخيل هذه الترانزستورات لفهم مبدأ عملها أكثر منطقية من دراستها كقطعة مادية.

كيف تم اختراع الترانزستورات؟

اكتشفت الترانزستورات لأول مرة في مختبرات شركة Bell في ولاية نيوجرسي الأميركية عام 1947 من قبل ثلاثة علماء فيزيائيين أميركيين هم:

جون باردين John Bardeen (1908–1991)، وولتر براتين Walter Brattain (1902–1987) ورئيس الفريق ويليم شوكلي William Shockley (1910–1989) والذين حازوا بشكل مشترك على جائزة نوبل للفيزياء عام 1956 تقديراً لهذا الاكتشاف.

كان الهدف الأساسي لأبحاث هذا الفريق هو تطوير نظام الهاتف المستخدم في الولايات المتحدة، لتكون النتيجة اكتشافاً رائعاً لعنصر الكتروني أصبح حجر الزاوية في الثورة الالكترونية التي شهدها العالم في السنوات اللاحقة.

عرف أول ترانزستور باسم ترانزستور نقطة الوصل (point-contact transistor) ليتم تطويره لاحقاً لترانزستور الوصلة (junction transistor).

استمر شوكلي في العمل وحيداً فيما بعد وقام اثنان من موظفيه:

روبرت نويسي Robert Noyce وجوردن موور Gordon Moore ،في وقت لاحق بتأسيس أهم شركة لصناعة الشرائح الالكترونية في العالم وهي شركة إنتل.

تبين الصورة التالية التصميم الأساسي لترانزستور نقطة الوصل، حيث تم تصميم الطبقة العلوية الرقيقة (الصفراء) من الجرمانيوم من النمط P أما الطبقة السفلى العريضة (البرتقالية) فهي من الجرمانيوم من النمط N، أما أقطاب الترانزستور المعدنية فتبدو واضحة: الباعث (E بالأحمر) والمجمع (C بالأزرق) والقاعدة (B بالأخضر)

كيف يُصنع الترانزستور؟

النمطان n وp:

تصنع الترانزستورات من مادة السيليكون وهو عنصر كيميائي نصف ناقل (ليس عازل تماماً وليس ناقل تماماً)، فهو عادةً لا ينقل الكهرباء لكن بمعالجته بالشوائب (إضافة عنصر آخر) في عملية تسمى التنشيط نستطيع جعله يغير سلوكه العازل ليصبح ناقل.

• عند إشابة السيليكون بعنصر كيميائي مثل (الزرنيخ، الأنتيمون، أو الفوسفور)، يأخذ السيليكون بعض الالكترونات الحرة الإضافية التي تحمل التيار، لذا تستطيع الالكترونات أن تتدفق عبره بشكل طبيعي، ولأن الالكترونات ذات شحنة سالبة. يسمى السيليكون المعالج بهذه الطريقة " النمط السالب n-type".

• أما عند إشابة السيليكون بعناصر مثل (البور، الألمنيوم، أو الغاليوم)، يملك السيليكون المُعالج بهذه الطريقة عدداً أقل من الالكترونات الحرة، لذا تميل الكترونات المواد القريبة منه للتدفق إليه. يسمى السيليكون المعالج بهذه الطريقة "النمط الموجب p-type"

من المهم أن نلاحظ أن النموذجين الموجب والسالب للسيليكون لا يحملان شحنة بحد ذاتهما فهما محايدان كهربائياً، فعلى الرغم من أن النمط السالب n-type لديه الكترونات إضافية تزيد من ناقليته، والنمط الموجب p-type فيه نقص في الالكترونات ما يزيد من الناقلية لكن بشكل معاكس، فإنه وفي كلتا الحالتين تأتي الناقلية الإضافية من إضافة ذرات معتدلة الشحنة مشيبة للسيليكون الذي كان معتدل فيبدأ باكتساب أو فقد الكترونات وبالتالي يحمل شحنة فالإلكترونات الإضافية تعني الكترونات حرة تستطيع التحرك بحرية مساعدةً في تمرير تيار كهربائي.

شريحة السيليكون:

يتم تجميع نمطي السيليكون n-type وp-type، من خلال وضعهما معاً ضمن طبقات لنحصل على شريحة من مادة سالبة وموجبة، ويمكننا صنع أنواع مختلفة من العناصر الالكترونية تعمل في مختلف الطرق.

بفرض أننا وصلنا طبقة من سيليكون النمط السالب مع طبقة من سيليكون النمط الموجب، و وضعنا ناقل كهربائي على الطرفين البعيدين، ستحدث حركة شحنات في منطقة الوصلة junction الموجودة بين النمطين، وعند تمرير تيار كهربائي باتجاه يدفع الالكترونات عبر الوصلة من الطبقة السالبة الى الموجبة وإلى الخارج عبر الدارة، يحدث هذا لأنَّ قِلّة الالكترونات في الجهة الموجبة للوصلة تجذب الالكترونات من الجهة السالبة، وفي حال تم عكس اتجاه التيار الكهربائي لن يحصل أي تدفق أو انتقال للإلكترونات، وهذا يكافئ مبدأ عمل الثنائي (الديود) Diode أو المقوِّم Rectifier، فالديود هو عنصر الكتروني يسمح بتدفق التيار عبره باتجاه واحد فقط، ويعتبر مفيداً إذا أردنا تقويم التيار الكهربائي المتناوب (متغير الاتجاه) إلى تيار مستمر (ثابت الاتجاه)، كما يمكن للديودات أن تشع ضوءاً عند مرور التيار عبرها وتسمى الثنائيات الباعثة للضوء LEDs والتي نجدها في الآلات الحاسبة وشاشات عرض أجهزة الاستريو.

فيديو يبين عمل الترانزستور:

هنا

سنكمل في الجزء الثاني موضوعنا ونتحدث عن أنواع الترانزستورات، فتابعونا ..

المصدر: هنا

مصدر الصور:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا