الفنون البصرية > فن وتراث

في زمنٍ مضى، رسمَ أدولف هتلر لوناً بدلاً من دمْ

كأغلب الرسّامين والفنّانين في العالم و على اختلاف جنسيّاتهم و مجال دراستهم وعملهم، ظهرتْ الميول الفنيّة لأدولف هتلر في سنٍّ مبكرّة، وكثيراً ما كان يقضي يومَه غارقاً في أحلامه عن الشُّهرة والوصول للعالميّة، مُتمرّناً على إلقاء الخطابات أمامَ أصدقائه. لكن وللأسف الشديد، أولى خيباتِ أمله كانت بمعارضة والده الشّديدة وإصرارهِ على أن يُتابع تعليمه ليُصبح موظّفاً، فكانت ردّة فعل اللّاحقة بأنّه أهمل دراستهُ وعاش مراهقةً لاهية كسولة بعد أن كان متفوّقاً، واستمرّ ذلك حتى طُرد من المدرسة سنة 1905 في سن السّادسة عشر قبل أن يتمكّن حتّى من الحصول على الشهادة الثانويّة.

في السنة التي تليها، وبعد وفاةِ والده وتحرّره من سلطة الأب، سافر هتلر إلى "فيينا" ليتعرّف على اللوحات الشهيرة المعروضة في مُتحفها، حيثُ كانتْ إحدى أهمّ مراكز الفن والموسيقى في الثقافة الأوربيّة القديمة، لكنّه سرعان ما فُتِن بعمارتها وصروحها البنائيّة فكان يقضي ساعات محدّقاً بمبانيها الشهيرة كدار الأوبرا، وبدأ يظهر هذا الاهتمام بفنّ العمارة في لوحاته.

في سنة 1907، قرّر أن يلتحق بأكاديميّة فيينا للفنون الجميلة وهو على ثقةٍ تامّة بأنّه سيحظى بالقُبول، لكنّه وللأسف الشّديد مرّةً أخرى رُفِض، وكان ذلك لضعفِ مستواه الفنّي فصُدِم صدمة كبيرة.

نُصِح بأن يتّجه لدراسة الهندسة المعمارية بدلاً من الفنون الجميلة، لكنّ فشله في الحصول على الشهادة الثانويّة جعل الأخذ بالنصيحة مستحيلاً فعاد إلى موطنه كئيباً خائباً.

بعد وفاة والِدته ورغم يأسه وخيبته عاد هتلر إلى فيينا من جديد، وأقام فيها مع صديقٍ له كان قد قدِم إليها ليدرس الموسيقى شاقّاً طريقه بنجاح تام على عكس هتلر الذي عاد لأُسلوب حياتِه الكسول ولم يبذل جهداً حقيقيّاً في إيجاد عمل منتظم، وفي 1908، فكّر بأن يسجّل مرّة أخرى في أكاديميّة فيينا لكن وضعه الماديّ السيئ لم يسمح له بتسديد رسومِ اختبار القُبول.

عند هذه المرحلة تعمّق شُعوره بالفشل وخاصّةً مُقابل نجاح صديقه الموسيقي، فترك منزله وعاش مُشرّداً، ينام في الحدائق والملاجئ ويأكل من الصّدقات.

وفي بداية سنة 1910، انتقل للعيش في منزلٍ مُشترك وبدأ بالحصول على بعض المال من خلال أعمالٍ مؤقتة كجرف الثّلج وحمل حقائب المُسافرين في محطّة القطار، حتّى خطرت له فكرة الاستفادة من شغفه الفنّي لكسب مالٍ أكثر وذلك برسمٍ لوحاتٍ لأهمّ معالم فيينا منقولةً من البطاقات البريديّة، وساعده فيما بعد أحد شُركائه في السّكَن في بيعها للمتاجر الفنيّة.

منها :

لوحة ( دار الأوبرا – فيينا )

لوحة ( كنيسة سان بيتر – فيينا )

استقرّتْ حياته نوعاً ما، وبدأتْ تشغَله اهتمامات أخرى، كالسّياسة، فحرص على مُتابعة الجرائد اليوميّة وقرأ كتباً في التّاريخ الألماني والفلسفة، وشهدَ مُظاهرات واحتجاجاتِ العمّال، وتعرّف على أهمّ الأحزاب المؤثِّرة في فيينا، وذلك حتى مُغادرته لها سنة 1913 هرباً من التجنيد الإجباري في الجيش النمساوي عائداً إلى ألمانيا، مُستقراً في "ميونيخ".

لم يترك هتلر الفنّ بل تابع ما بدأه في فيينا، فرسم لوحاتٍ لأبرز معالمِ المدينة وصرفَ من بيعها للمتاجر المحليّة.

لوحة (ساحة البناء القديم – ميونيخ)

لوحة (دار الأوبرا – مينويخ)

لم يهتمّْ لقلّة إيرادِه لأنّ نواقيس الحرب التي أخذتْ تُقرع استحوذت عليه وشغلتْ تفكيرَه، وفي الأول من آب سنة 1914، شارك هتلر مع جُموعٍ مُتحمّسة في مُظاهرة ضخمة في ساحة ميونيخ العامة احتفالاً بقرار ألمانيا دخول الحرب، وبعدها بيومين تطوّع في الجيش الألماني، مُنهياً بذلك مسيرته الفنيّة المتعثّرة، وبادئاً مسيرةً أخرى غيّرتْ مسارَ حياته، وحياة البشريّة بأسرِها.

لكنْ الآن، وبعد قرنٍ من الزّمن، عادت صفحةُ هتلر الفنيّة لتُفتح من جديد، حيث ظهرتْ لوحاتٌ عديدة منسوبة له، وموقّعة باسمه، بيعَتْ بآلاف الدّولارات رغم اعتبارها ضعيفةً فنّياً، آخرُها لوحةٌ مرسومة سنة 1914 لمدينة ميونيخ بيعتْ في ألمانيا أواخر العام المُنصرم بـ 161 ألف دولار

للاطلاع على لوحات هتلر الأخرى:

هنا

المصادر:

هنا

هنا

هنا