التوعية الجنسية > الأمراض المنقولة بالجنس

داء المشعرات المهبلية

استمع على ساوندكلاود 🎧

ما هو داء المشعرات؟

يُعتبر داء المشعرات المهبلية واحداً من أكثر الأمراض المنتقلة بالجنس شيوعاً وأكثرها قابليةً للعلاج، ويحدث هذا الداء نتيجة العدوى بطفيلي صغيرٍ وحيد الخلية يدعى Trichomonasvaginalis. تتفاوتأعراض هذا المرض بين مريضٍوآخر، ولا يوجد توثيقٌ دقيقٌ لعدد الإصابات بسبب كثرة الحالات اللا عرضية، إلّا أنّ آخر الإحصائيات قدّرت وجود ما يقاربثمانية ملايين حالةً جديدةً سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها، وحوالي 170 مليون حالةً حول العالم.

ونظراً لكونه من الأمراض المنتقلة بالجنس فمن الطبيعي أنْ تشيع الإصابة بين المراهقين والبالغين النشيطين جنسياً. كما لوحظ انتشاره بين النساء والمتقدمين بالعمر بشكل كبيرٍ.

العامل المسبب للمرض وطرق العدوى:

كما سبق وأشرنا فإنّ داء المشعرات يحدث نتيجة الإصابةبطفيلي من الأولياتProtozoa وحيدة الخلية يُدعى المشعرة المهبلية T.vaginalis، يبلغ حجمه تقريباً حجم الكرية البيضاء، ويمتلك سياطاً تؤمن له سهولة التنقل والحركة بين الأنسجة التناسلية والإحليلية.

تحدث العدوى عند انتقال الطفيلي أثناء الاتصال الجنسي، وأكثر المناطق عرضةً للإصابة لدى النساء هي الأجزاء السفلية من السبيل التناسلي الأنثوي (الإحليل، الفرج، المهبل)، أما لدى الرجال فالعضو الأكثر إصابةً هو الإحليل ضمن القضيب. ومن غير الشائع أنْ تُصاب أجزاء أخرى من الجسم كالفم أو الأيدي أو الشرج.

يشار إلى أنّ الإنسان هو المضيف الوحيد المعروف للمشعرات، كما أنّ هذا الطفيلي غير قادر على مقاومة الظروف البيئية السيئة خلال دورة حياته.

وقد لوحظ ارتفاع قيمPH في المهبل لدى الإصابة (وهو مشعرٌ يدلّ على درجة حموضة الجسم أو عضو معين) وذلك استجابةً لمواد كيميائية ينتجها الطفيلي بالإضافة إلى ازدياد عدد الكريات البيضاء عديدة النوى والتي تعد خط الدفاع الأول في الجسم. كما تتشكل أضداد معينة يمكن معايرتها في موضع الخمج أو في مصل المريض.

أعراض داء المشعرات:

حوالي 70% من المصابين غير عرضيين.وتندرج الأعراض لدى البقية من الهياج المعتدل إلى علائم الالتهاب الحاد. يُشار إلى أنّ الأعراض تبدأ بالظهور بعد فترة حضانة تتراوح بين 5-28 يوم، وقد تطول لدى البعض، كما قد تميل للهجوع والنكس بين فترةٍ وأخرى.

تتشابه أعراض داء المشعرات مع أعراض الأمراض الأخرى المنتقلة بالجنس، حيث يُلاحظ لدى النساء المصابات ما يلي:

• إفرازات مهبلية غزيرة لزجة أو سائلة، يتراوح لونها بين الأبيض والأصفر المخضرّ، ورائحتها كريهة تشبه رائحة السمك.

• حرقة، التهاب، تورّم وحكة في المهبل.

• ألم وشعور بعدم الراحة أثناء التبوّل أو أثناء ممارسة الجنس.

• ألم في أسفل البطن.

أما عند الرجال تتركز الإصابة في الإحليل لذا نجد الأعراض التالية:

• ألم خلال التبول أو القذف.

• زيادة عدد مرات التبول.

• مفرزاتٌ بيضاء رقيقة قد تخرج من القضيب.

• حكّة وتهيج داخل القضيب.

• تورّم واحمرار رأس القضيب والقلفة.

قد تستمرّ الأعراض لفترة طويلة عند النساء، لكنها لا تبقى لأكثر من 10 أيام لدى الذكور، وتشير الدلائل النظرية إلى أنّ مرحلة الإصابة المعدية اللا عرضية قد تستمرّ لأشهر أو حتى لعدة سنوات. وهذا يتعلق بعوامل عديدة كالعمر والجنس والحالة العامة للمريض.

التشخيص:

قبل التطرّق إلى طرق تشخيص داء المشعرات، سنذكر أهمّ عوامل خطر الإصابة بالداء والتي يجب أخذها بعين الاعتبار:

• إصابة سابقة بداء المشعرات أو أحد الأمراض المنتقلة بالجنس الأخرى.

• إصابة حالية بمرض منتقل جنسياً.

• تعدد الشركاء الجنسيين أو وجود شريك جنسي جديد دون استخدام وقاية مناسبة.

يُعتقد أنّ المشعرات لا تُشخّص كما ينبغي نظراً لعوامل مختلفة منها قلة الفحوص الدورية، انخفاض حساسية الطرق التشخيصية المتبعة عادة (wet mount microscopy)، عدم وضوح الاعراض وعدم اللجوء إلى الفحوص المخبرية في حالاتٍ كثيرة.

ويشار إلى عدم إمكانية تشخيص المرض اعتماداً على الأعراض فقط، فلا بدّ من إجراء فجصٍ سريري للمنطقة التناسلية للمريض، إلى جانب بعض التحاليل المخبرية.

بالنسبة للفحص السريري، يجب مراقبة مفرزات المهبل غير الطبيعية لدى النساء، والانتباه إلى وجود بقعٍ حمراء على جدران المهبل أو عنق الرحم، أما لدى الرجال فيُفحص القضيب بحثاً عن آثار الالتهاب أو المفرزات.

بعدها يقوم الطبيب بأخذ مسحةٍ من المهبل أو القضيب،ومن الممكن أخذ عينة من البول لدى المرضى الذكور فقط. ليتمّ التحقق من وجود المشعرات عبر الفحص المجهري، أو من خلال زراعة المسحة في وسطٍ ملائم لنمو المشعرة، كما توجد طرقٌ حديثةٌ وسريعة تعتمد على الاختبارات المناعية وفحوص الأضداد ولكنها تبقى مكلفة.

إذا كان الطبيب يشكّ بقوةٍ بوجود الإصابة فقد ينصح المريض ببدء العلاج قبل عودة النتائج المخبرية وذلك لضمان الشفاء بأسرع وقتٍ ممكنٍ ولمنع انتشار العدوى إلى الأشخاص الأصحاء.

العلاج والوقاية:

العلاج المتبع لداء المشعرات هو جرعة كبيرة فموية وحيدة من صاد حيوي يدعى الميترونيدازولmetronidazole أو مشابه له يدعى التينيدازولtinidazole. حيث أظهرت الدراسات أنّ تناول هذا الصاد عن طريق الفم أكثر فعالية من تطبيقه موضعياً بشكل كريم أو مرهم على المنطقة التناسلية.

يُشار إلى أنّ تناول هذه الجرعة العالية من الدواء قد يزيد من مخاطر ظهور الأعراض الجانبية خاصة عند الحوامل والمرضعات، وأهم هذه الآثار الجانبية: غثيان، إقياء، طعم معدني في الفم، صداع ودوخة.

كما يجب تجنب تناول الكحول خلال 24 ساعة من تناول الميترونيدازول، و72 ساعة من تناول التينيدازول لأنّ مشاركتهما مع الكحول تؤدي إلى حالات غثيانٍ وإقياء شديدة.

من أهمّ الأمور الواجب أخذها بعين الاعتبار هي أنّه في حال تشخيص الإصابة بالمشعرات يجب على المريض وشريكه الجنسي البدء بالعلاج معاً، كما أنّ الإصابة لا تعطي مناعةً دائمةً للمرض وقد تعود مجدداً. حيث تشير الدراسات إلى أنّ1 من أصل 5 أشخاص يصابون بالعدوى مجدداً خلال أقل من 3 أشهر من تلقي العلاج.

وبالتالي يجب على المريض الامتناع عن ممارسة الجنس لمدة 7 أيام بعد تناول الدواء، ويُنصح المريض بمراجعة الطبيب في الحالات التالية:

• في حال عدم إكمال كورس العلاج.

• في حال عدم التزام المريض بتعليمات تناول الدواء.

• التقيؤ بعد تناول الدواء بشكل قصير.

وبالنسبة للوقاية، يُنصح باستخدام واقٍ مناسبٍ عند ممارسة الجنس، مع العلم أنّ هذه الطريقة تقلل من خطر العدوى لكنها لا تمنعه نهائياً.

مضاعفات المرض:

تزداد مخاطر الإصابة بالأمراض المنتقلة بالجنس الأخرى خاصة لدى النساء، وأهمها الإصابة بالسيلان البني، الكلاميديا، والفيروسات المنتقلة بالجنس مثل HIV الفيروس المسؤول عن مرض الإيدز، وHPV المسؤول عن سرطان عنق الرحم، وفيروس الحلأHerpes، كما قد ترتبط الإصابة بحدوث التهاب الحوض PID وسرطان عنق الرحم.

ولدى الحوامل ترتفع مخاطر الإجهاض والعقم والولادة المبكرة، إلى جانب مضاعفاتٍ أخرى كانتقال العدوى إلى الرضيع عبر القناة التناسلية أثناء الولادة، تمزّق مبكر في الأغشية الأمنيوسية، إصابة تنفسية لدى الرضيع إلى جانب نقص وزن الولادة.

وفي النهاية لابد من التذكير بأنّ داء المشعرات ذو مضاعفاتٍ خطيرة ولكنه سهل العلاج، وبالتالي عند الشعور بأحد الأعراض المذكورة سابقاً يجب مراجعة الطبيب مباشرةً والالتزام بالخطة العلاجية للقضاء على العدوى.