البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

الشمبانزي صانع الرماح

تستمر مجموعة من حيوانات الشيمبنازي في الجنوب الشرقي للسنغال بإثارة دهشة وذهول علماء الرئيسيات (أعلى رتب الثدييات). فالأمر لا يتوقف عند استخدام هذه الحيوانات الأسلحة للصيد، الأمر الذي يجعلها المجموعة الوحيدة التي يُعرف عنها استخدام الأدوات للصيد أو القتل، لكن تبين أيضاً أن الإناث تشارك في هذا السلوك أكثر من الذكور. ويدعونا هذا للتعجب إذ قد يعني تفوق إناث الشيمبانزي في استخدام الأدوات للصيد أن أول من استخدم الأسلحة للصيد من البشر الأوائل كانوا إناثاً، على عكس التصور الشائع.

في عام 2007 وبينما كانت عالمة الأنثروبولوجي Jill Pruetz تراقب مجموعة من حيوانات الشيمبانزي في السنغال في منطقة Fongoli لاحظت شيئاً لم يسبق رصده، فبعض حيوانات الشيمبانزي تقوم بصناعة رماح حادة لتستخدمها في صيد غيرها من الفقاريات. لم يكن ذلك الشيء الوحيد الذي لاحظته Pruetz فقد لفت انتباهها أن الإناث يشاركن في هذه العملية أكثر من الذكور. ولنقص البيانات لدى الباحثين لم يمكنهم تأكيد حقيقة غلبة مشاركة الإناث في هذه الظاهرة ولذلك راقبوا القطيع للسنوات السبع التالية.

خلال هذا الوقت رصد الفريق بعض حيوانات الشيمبانزي تقطع الأغصان وتزيل الأوراق عنها بل وتستخدام أسنانها لجعل نهاية الأغصان أكثر حدة وملاءمة للصيد، وكانت تلك الأسلحة بطول 75 سم تقريباً. تزحف القردة بعدها إلى صغار الفرائس النائمة بقرب الأجمات وتطعنها باستخدام هذه الرماح بحيث تقتلها أو تصيبها بجروح لتسهيل صيدها بعد ذلك بالأيدي والأسنان.

خلال فترة الدراسة رصد الفريق أكثر من 300 عملية صيد بالرماح شاركت الإناث في 175 منها. ونظراً لسيطرة الذكور على مجموعات الصيد التي تشكل الإناث نسبة 40% من أفرادها يمكن الاستنتاج أن الذكور كانت تصطاد بمعدل أقل من الإناث فنسبة صيد الذكور بشكل عام تبلغ 39%. المفاجئ بالأمر أنه حتى مع انخفاض نسبة صيد الذكور كانت لهم النسبة الأعلى من الفرائس! يعتقد الباحثون أن سبب ذلك هو كون الذكور أكثر انتهازية من الإناث، إذ يبحثون عن الطرائد المصابة الضعيفة الناجية من محاولة صيد سابقة ويقضون عليها، وبذلك لا يحتاج الذكور للصيد بقدر ما تحتاجه الإناث.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار صغر حجم الإناث وضعفها الجسدي مقارنة بالذكور واضطرارها لحمل صغارها في كثير من الأحيان، تصبح مطاردة الفريسة خياراً غير ملائم للإناث. كما يشير العلماء إلى أن الإناث أكثر ابتكاراً من الذكور مما يرجّح أن أول الرئيسيات الأوائل استخداماً لأدوات الصيد كنّ إناثاً.

من المثير للاهتمام أيضاً أن العلماء لم يرصدوا أية مجموعة أخرى من حيوانات الشيمبانزي تستخدم هذا الأسلوب في الصيد ،الأمر الذي عزاه العلماء إلى قلة الفرائس المتوافرة من الفقاريات في منطقة هذه المجموعة مما دفعها لتكون أكثر إبداعاً لتلبي حاجاتها الغذائية.

*lملاحظة: الصورة توضيحية فقط وهي لقرد الاورانغوتان وليست للشمبانزي.

المصدر

هنا

هنا