الكيمياء والصيدلة > صيدلة

هل من الممكن أن تسبّب لنا السّعادة السّمنة !

هل السيروتونين هو هرمون السمنة؟ وهل يمكننا فعلاً الأكل وحرق الحريرات كما هو الحال عندما كنا مراهقين؟

عندما تشعر بأنك سعيدٌ جداً أو حتَّى مسرور وبصحةٍ جيّدة يقوم دماغك بإطلاق الناقل العصبي السيروتونين.

لا يشكل ما يفرزه الدماغ من السيروتونين (المركزي) سوى ٥٪ من إجمالي السيروتونين الموجود في الجسم، فماذا عن ال٩٥٪ المتبقية؟ أين تتواجد وما هو دورها؟

وجدت دراسة جديدة لجامعة ماك ماستر Mc.Master أنّ ما يُسمى بالسيروتونين المحيطي والذي يشكل 95% من سيروتونين الجسم هو المسؤول عن تنظيم حرق الحريرات في الجسم وذلك عن طريق الدهون بنّية اللون.

فما هي الدهون البنية Brown fats؟

هي دهون تختزن في النسيج الشحمي قرب عظم الترقوة، وهي مختلفة عن الدهون البيضاء التي تختزن في معظم أنحاء الجسم. سابقاً كان يُعتقد بأنَّ الدهون البنية ليست سوى أثر للتطور -كما هي الزائدة الدودية- ولكن أثبتت سنوات من الأبحاث دورَها في تسريع الاستقلاب، فهي تلعب دوراً هاماً في حرق الحريرات وزيادة معدل الاستقلاب الأساسي للفرد (وهو الاستقلاب أثناء الراحة).

يتراجع مخزون الجسم من هذه الدهون مع التقدم في العمر وكذلك عند الأشخاص البدينين، مما أثار تساؤل الباحثين حول آلية هذا التراجع، لكن وجد فريق جامعة ماك ماستر بأن السيروتونين المحيطي يجعل الدهون البنية أقلّ فاعلية وأنّه يلعب دور فرامل لها، فالأنظمة الغنية بالدهون تزيد معدل السيروتونين الذي يثبط فعالية هذه الدهون ويبطئ استقلاب الشخص مع التقدم بالعمر.

وهذا السيروتونين يختلف عن سيروتونين الدماغ ويُفصَل عنه بما يعرف بالحاجز الدماغي الدموي BBB، فهما لايمتزجان.

وكان قد جاء هذا الاكتشاف كنتيجة لملاحظة أنَّ الفئران التي تحمل أنزيم تربتوفان هيدروكسيلاز طافر، وهو المنتِج الرئيسي للسيروتونين في الجسم، كانت أنحل وأكثر مقاومة للسكري وأمراض تشمّع الكبد. فكانت النتيجة المدهشة أنّ تثبيط هذا الأنزيم وبالتالي تثبيط إنتاج السيروتونين سيكون فعّالاً جداً في عكس السمنة والوقاية من الأمراض الاستقلابية. لذلك عندما تمّ إزالة هذا الأنزيم جينياً أو تثبيطه كيميائياً أو دوائياً، كان لدى الفئران مستويات منخفضة من السيروتونين ولم يصابوا بالسُّمنة أو السكّري أو أمراض تشمّع الكبد. وذلك لأنه يمكن للدهون البنّية استخدام الكثير من السكر وحرقه فلا يضطر الجسم لإنتاج الأنسولين وبالتالي فتفعيلها ثانيةً طريقةٌ هامّة في زيادة معدّل الاستقلاب الأساسي وخفض سكّر الدم وبالتالي الوقاية من السكّري.

ورغم كون العلماء غير قادرين بعد على الإجابة عن أسئلة مثل ما هو الرابط بين الاكتئاب والسمنة ومستويات السيروتونين؟ وهم غير متأكدين أين يبدأ إنتاج السيروتونين الذي يُبطئ الدهون البنية وفيما إذا كانت التراكيز الموضعية أم الكليّة في الجسم هي المهمّة، وهي ما سيكوّن خطوات البحث القادمة، إلا أنّ اكتشافهم واعدٌ جداً لأدوية فقدان الوزن المستقبلية، فمعظم الخيارات الحالية تعتمد على خفض الشهية لفقدان الوزن بالمقدار المرغوب، وتنتج آثار جانبية شديدة كالمضاعفات القلبية وخطر الاكتئاب وارتفاع ضغط الدم، لكنّ تثبيط هذا الأنزيم سيعالج المشكلة بطريق آخر أكثر أماناً، فهم يقومون فقط بإعادة ساعة استقلاب الجسم إلى الوراء واستعادة النظام الذي كان عندما كنا أصغر وبصحة أفضل.

المصادر: هنا

هنا