الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

الملوثات الزراعية تغير نمط تكاثر الأسماك

ليس مستغرباً قيام مربّيّ الماشية بمختلف أنواعها بالإستعانة ببعض المواد و المحسنات لزيادة إنتاجيتها، سواء كانت مواد طبيعية وعضوية أومواد هرمونية مُساعدة على النمو، لكن الجديد هو ما توصلت إليه إحدى الدراسات مؤخراً، حيث ظهر أن لأحد هرمونات تحسين النمو والمستخدمة على نطاق واسع آثاراً سلبية على السلوك الجنسي لذكور الأسماك حتى ولو وُجد بتراكيز منخفضة في المياه، مع احتمال كبير بوجود عواقب بيئية وتطورية خطيرة لهذه الظاهرة، مما دفع عدداً من الباحثين للتعمق في دراستها.

قام الباحثون في جامعة موناش بالتعاون مع باحثين من جامعة ابو اكاديمي في فلندا بدراسة تأثير الستيرويد 17β-ترينبولون (هرمون معزز للنمو) المستخدم على الثروة الحيوانية من أجل زيادة نمو العضلات على أسماك غوبي*، حيث وجدوا أنه يغير من السلوك التناسلي للذكور، إن هذا الهرمون المعزز للنمو والمنشط للذكورة هو عبارة عن جزء من مجموعة من الملوثات التي تدعى بالكيميائيات المعطلة للغدد الصماء (EDCs) والتي تصل إلى البيئة عن طريق عدة مصادر مثل تصريف النفايات المنزلية، الجريان السطحي الزراعي و مياه الصرف الصحي.

وقال الباحث الرئيسي لهذه الدراسة: "على مدى العقود القليلة الماضية قد تصاعد القلق من هذه الكيميائيات (EDCs) ومن تلويثها للمواطن المائية وانها حقاً مشكلة بيئية حقيقية."

حيث تعتبر الكيميائيات المعطلة للغدد الصماء (EDCs) مدعاة للقلق نظراً لقدرتها على تعكير صفو سير النظام الطبيعي (الهرموني) للغدد الصماء، عند تواجدها بتراكيز منخفضة جداً مع احتمالية وجود آثار كارثية تنتج عنها.

اذاً كيف تؤثر هذه الكيميائيات (EDCs) على سلوك الأسماك ؟

لقد ركزت الأبحاث الجارية حتى الآن في المقام الأول على دراسة الآثار المورفولوجية والفيسيولوجية الناتجة في حال تعرض الأسماك لل EDC. ولأول مرة تُظهر الأبحاث أن التعرض لتراكيز ضئيلة من 17β-ترينبولون (22 نانوجرام لكل لتر) كافي لتغيير السلوك التناسلي الذكري.

فعندما تعرضت أسماك غوبي ل 17β- ترينبولون، أثر ذلك على نسبة تودد إناث الأسماك للذكور (حيث تختار الأنثى رفيقها) وتغير سلوك الذكور فانتقل الى السلوك القسري (التسلل) حيث لم تعد الأنثى هي من تختار رفيقها بل تم تلقيحها داخليا ومن الخلف ونتائج الابحاث تشير الى زيادة ملحوظة بهذا السلوك .

نجد أنه ومن خلال التأثير على عملية التزاوج سيحدث تأثير على الإنتقاء الجنسي الذي من المفترض أن يتمم من خلال إنتقاء الإناث للأفضل من الذكور وذلك بالتالي سيؤثر تأثيراً عميقاً على الافراد والأنواع أيضاً مع احتمالية حدوث تأثير تطوري مدمر طويل الامد ووجود أثار على البيئة والنظام الحيوي.

ونظراً للتوزع العالمي لأسماك الغوبي على نطاق واسع بطريقة مقصودة او غير مقصودة، كانت أسماك الغوبي ذات المنشأ الجنوب اميركي مثاليةً للتحقق من اثار 17β-ترينبولون، خاصةً أنها تسكن في الممرات المائية ومياه المخلفات الزراعية.

يقول الباحثون الآن وقد توضحت قدرة التلوث الزراعي على تغير سلوك الأسماك التناسلي، تقترح الأبحاث احتمالية حدوث اضطراب واسع النطاق لأنظمة التزاوج في الأنواع البرية. وستكون خطوة الباحثين التالية هي دراسة تأثير 17β-ترينبولون على بقاء الحيوانات المنوية لذكور أسماك الغوبي في محاولة لتكوين فهم أكبر للظاهرة المُكتشفة.

* معروفة كأحد أنواع أسماك الزينة شاهد الصور في الرابط

المصدر:

هنا

صور لنوع السمك المدروس:

هنا