البيولوجيا والتطوّر > التقانات الحيوية

علماءٌ صينيون ينجحون بتعديل أجنة بشرية وراثياً

ذكرت التقارير مؤخراً تمكن مجموعة من العلماء الصينيين من إجراء تعديلات على جينوم الأجنة البشرية ، لتؤكد صحة الشائعات الكبيرة على أن مثل هذه التجارب يتم إجراؤها بالفعل. هذه الشائعات التي أثارت جدلاً كبيراً خلال الشهر الماضي على مدى مشروعية إجراء مثل هذه التجارب من الناحية الأخلاقية. وقد حاول المشاركون في هذا البحث تجنب مثل هذه المخاوف من خلال العمل على بعض الأجنة التي لا تملك القدرة على الحياة ولا تملك أي فرصة بإعطاء مواليد على قيد الحياة. وتم الحصول عليها من بعض العيادات المحلية لأجراء التخصيب. وقد قام فريق البحث بإجراء محاولات لتحوير الجين المسؤول عن مرض بيتا تلاسيميا. وهو أحد الاضطرابات الدموية القاتلة. مستخدمين أحد التقنيات الحديثة في معالجة الجينات والتي تعرف بــ CRISPR/Cas9 ويقول الباحثون أن نتائجهم أوضحت وجود عقبات خطيرة لاستخدام هذا الأسلوب في التطبيقات الطبية.

يقول بعض العلماء أن إجراء مثل هذه التعديلات الجينية قد يحظى بمستقبل مشرق لأنه قد يؤدي لولادة أجنة بشرية خالية من الأمراض الوراثية الخطيرة. بينما هناك آخرين يقولون بأنه يتجاوز الخطوط الحمراء لأخلاقيات المجتمعات البشرية وفي نفس هذا السياق قام مجموعة من الباحثين في آذار/ مارس الماضي بنشر تحذيرات أن مثل هذه التغيرات قد تسبب العديد من التأثيرات الغير المتوقعة والتي قد تورث إلى الأجيال القادمة كون التغييرات تحدث على جميع خلايا الجنين بما فيها الخلايا المسؤولة عن انتاج الاعراس . وقد أعربت هذه المجموعة عن قلقها الشديد من ان اجراء هكذا تحويرات على الأجنة البشرية قد يفتح الباب لكثير من الاستخدامات الخطيرة وغير الأخلاقية لمثل هذه التقنيات. وخصوصا لوجود تقارير أشارت لوجود العديد من المجموعات في الصين التي تقوم بتجريب مثل هذه التقنيات على أجنة البشر.

صعوبات العمل :

قام الفريق بحقن 86 جنين والانتظار لمدة 48 ساعة. وهي المدة الكافية لقيام نظام CRISPR/Cas9 باستبدال قطعة الــ DNA المفقودة وأيضا لإعطاء الفرصة للأجنة بالإنقسام واعطاء ثمانية خلايا. 71 من الاجنة فقط بقيت على قيد الحياة وتم فحص 54 منها وراثياً حيث وجد الفريق أن 28 جنين فقط نجح في اعادة توصيل قطع DNA بعد قطعها وفقط عدد قليل من هذه الاجنة كانت تحتوي على القطعة المطلوبة من المورثة الطبيعية . وهنا يقول احد الباحثين بأنه لتطبيق هذه التقنية على الأجنة الطبيعية يجب أن تقترب نسبة نجاحنا من 100%. وهذا ما وقفنا عنده لأننا نعتقد أن عملنا هذا غير مكتمل.

وقد وجد الفريق وجود عدد مدهش من الطفرات الغير المستهدفة والتي افترض بأن يكون المركب CRISPR/Cas9 قد تسبب بحدوثها في مناطق أخرى من الجينوم. ويشكل هذا التأثير أحد الأسباب التي تشوب استخدام هذه التقنية في معالجة الجينات والتي قد تعطي طفرات غير محسوبة ذات تأثير أشد ضررا على حياة البشر. وقد كان معدل ظهور مثل هذه الطفرات أكثر مما هو ملاحظ في عمليات معالجة الجينات التي أجريت على أجنة الفئران أو على الخلايا الجسمية البشرية. وقد لاحظ هوانغ أنه قد يكون فريقه قد كشف عن مجموعة بسيطة من الطفرات الغير المقصودة لأن عملهم اقتصر على الجزء المشكل للاكسونات فقط من الجينوم وإفترض أنه قد يوجد عدد أكبر من الطفرات غير المقصودة لو تمت دراسة كامل الجينوم.

الاستفسارات الأخلاقية :

يقول هوانغ "احد الباحثين المشاركين " بأنه تم رفض البحث جزئياً من قبل مجلتي Nature وscience بسبب الاعتراضات الأخلاقية على البحث. ويضيف أن النقاد قد لاحظوا الكفاءة المنخفضة لهذه التقنية والعدد الكبير من الطفرات الغير المستهدفة الناتجة والتي قد تسبب في ظهور أجنة غير طبيعية في الدراسة. ومع ذلك يقول هوانغ بأننا لا نملك أي مثال عن المعالجة الجينية على الأجنة الطبيعية لذلك كان لا بد لنا من التجريب لمعرفة ما إذا كانت هذه التقنية تعمل بطريقة مختلفة عما نتوقعه نحن.

ويشير إلى "أن هذه الدراسة أظهرت نموذجا أكثر وضوحا من استخدام أجنة الحيوانات والخلايا البشرية الجسمية. وبسبب ذلك قررنا نشر نتائجنا للعالم ليعرف الناس ماذا حصل معنا من خلال الأرقام لا أن تبقى مجرد تخمينات بماذا يمكن أن يحدث لو استخدمنا هذه التقنية ".

هذا الحديث الذي لم يعجب لونفاير احد الباحثين المساهمين بنشر التحذير في مجلة Nature الشهر الماضي والذي يطالب بإيقاف هذا البحث وأن يكون هناك الكثير من النقاش بخصوص إلى أين يمكن أن توصلنا مثل هذه التطبيقات. ومن الجدير ذكره أن لونفاير رئيس أحد المراكز البحثية التي قامت بتطبيق المعالجة الجينية على الخلايا الجسمية البشرية.

ويخطط هوانغ للعمل على تخفيض عدد الطفرات الغير المستهدفة من خلال استخدام الخلايا البشرية الجسمية أو أجنة الحيوانات. ومن خلال استخدام استراتيجيات مختلفة وأنزيمات تعمل بدقة أكبر. و يساعد استخدام تراكيز وأشكال مختلفة من الأنزيمات في تنظيم نشاطها الذي يسبب بحدوث الطفرات. ويضيف هوانغ بأنه قد يستخدم نظام بديل في التعديل الجيني يدعى TALEN والمعروف عنه بأنه يتسبب بحدوث عدد طفرات غير مقصودة أقل.

ومن المعروف أن نظام CRISPR/Cas9 سهل الأستخدام. وقد أظهر لونفاير مخاوفه بأنه قد يبدأ العديد من الباحثين الآن بالعمل على تطوير البحث الذي قام به هوانغ. وبالتالي أن يقوم الباحثون باي مكان بالعالم بالتجارب التي تحلو لهم دون الالتزام بالأخلاقيات ولا توقع للنتائج الكارثية التي يمكن أن تنتجها أعمالهم. حيث يشير أحد المصادر المطلعة أنه يوجد في الصين لوحدها أكثر من 400 مجموعة بحثية تقوم بإجراء تجاربها على المعالجة الجينية للأجنة البشرية .

المصادر:

هنا

هنا