الفيزياء والفلك > علم الفلك

ورقة بحثية تتعلق بالثقوب السوداء الصغيرة قد تقود للتحقق من وجود أكوان متوازية

تعد إمكانية وجود أكوان أخرى إلى جانب الكون الذي نعيش فيه أمراً محيراً وغير قابل للاختبار على الإطلاق، لذا فقد اقترح مجموعة من العلماء بأن مصادم الهادرونات الكبير LHC ، وهو أكبر مصادم جزيئات في العالم، قد يكون قادراً على أن يكشف وجود الأكوان المتوازية، لو كانت موجودة أصلاً.

قدّم كل من الباحثان المصريان أحمد علي (جامعة فلوريدا) ومحمد خليل (جامعة الاسكندرية) بالاضافة للباحث مير فيصل (جامعة واترلو،كندا)، في ورقتهم العلمية المنشورة في مجلة Physics Letters B شرحاً وافياً أوضحوا فيه بأن مفتاح إيجاد الأكوان المتوازية يمكن أن يأتي من خلال فحص ثقوب سوداء مصغرة في مستوى معين من الطاقة، الأمر الذي قد يكشف لنا وجود الأبعاد الإضافية، مما سيدعم نظرية الأوتار و النماذج المرتبطة بها التي تتوقع وجود الأبعاد الإضافية و الأكوان المتوازية.

يقول مير فيصل " عندما يفكر الناس بالأكوان المتعددة عادة، فإنهم يفكرون بأكوان ميكانيك الكم المتعددة حيث تتحق كل الاحتمالات في أكوان منفصلة، ولكن هذا لا يمكن اختباره و بالتالي فهو فلسفة وليس فيزياء، وهو مختلف عما نعنيه بالأكوان المتوازية، ما نعنيه هو أكوان حقيقية في الأبعاد الإضافية، حيث يمكن للجاذبية أن تنتقل من كوننا إلى الأبعاد الإضافية. يمكن لنا أن نختبر نموذجا كهذا من خلال الكشف عن الثقوب السوداء الصغيرة في مصادم الهادرونات الكبير، ولقد قمنا بحساب الطاقة التي نتوقع ظهور الثقوب السوداء عندها، فيما يسمى حديثا " قوس قزح الجاذبية " فإذا وجدنا الثقوب السوداء الصغيرة عند هذه الطاقة المحسوبة فإننا سنعرف أن نظريات قوس قزح الجاذبية و الأبعاد الإضافية صحيحة"

ويتواصل البحث :

إن هذه الفكرة ليس جديدة، فالمصادم الهادروني الكبير يحاول فعلاً إيجاد الثقوب السوداء الصغيرة ولكنه لم يعثر على شيء، وهذا متوقع في حالة وجود أربعة أبعاد فقط؛ لأن الطاقة اللازمة لخلق ثقب أسود في أربعة أبعاد تساوي 19^10 GeV وهي أكبر بكثير من الطاقة التي يمكن للمصادم أن يصل لها و هي 14 TeV.

و بالرغم من ذلك، لو كانت الأبعاد الإضافية موجودة فمن المعتقد أن الطاقة اللازمة لخلق ثقب أسود ستكون ضمن مستويات الطاقة التي يمكن لمصادم الهادرونات أن يصل إليها. وكما يوضح فيصل فإن هذا قد يحدث لأن جاذبية كوننا تتسرب بطريقة ما إلى الأبعاد الإضافية، ولكن وبما أن LHC لم يستطع الكشف عن ثقوب سوداء صغيرة فيبدو أن الأبعاد الإضافية غير موجودة، على الأقل في مستوى الطاقة الذي قمنا باختباره، و بذلك فإن النتائج لا تدعم نظرية الأوتار أو الأكوان المتوازية.

يقدم علي و فيصل و خليل في ورقتهم العلمية تفسيراً مختلفاً عن سبب عدم تمكننا من الكشف عن الثقوب السوداء المصغرة في مصادم الهادرونات، فهم يقترحون بأن نموذج الجاذبية الحالي المستخدم لحساب الطاقة اللازمة لإيجاد ثقب أسود غير دقيق لأنه لايأخذ بعين الاعتبار التأثيرات الكمومية.

فوفقاً لنظرية النسبية العامة لأينشتاين بإمكاننا تصوّر الجاذبية على أنها تقوس للزمكان، وهنا استنتج العلماء بأن هذه الهندسة مسؤولة عن عدم انتظام الجاذبية في أبعاد صغيرة جداً ( أبعاد بلانك) واستعملوا نظرية " قوس قزح الجاذبية " الجديدة لإجراء تعديلات على هندسة الزمكان في أبعاد قريبة من أبعاد بلانك، حيث من المتوقع أن نجد الثقوب السوداء المصغرة.

وباستخدام نظرية " قوس قزح الجاذبية " وجد العلماء أننا نحتاج إلى زيادة صغيرة في الطاقة لإنتاج ثقب أسود صغير في مصادم الهادرونات. بحث المصادم إلى الآن عن الثقوب السوداء في مجالات طاقة أدنى من 5.3 TeV، ولكن وفقاً لنظرية قوس قزح الجاذبية فإن هذه الطاقة منخفضة جداً. فالنظرية تتوقع تشكل الثقوب السوداء عند طاقة 9.5 TeV على الأقل في ستة أبعاد، و 11.9 TeV في عشرة أبعاد، و من الممكن أن نصل لهذه القيم من الطاقة لأن مصادم الهادرونات مصمم للوصول إلى مستوى 14 TeV.

تفسيرات مختلفة:

لو استطعنا الكشف عن الثقوب السوداء في مصادم الهادرونات فإن ذلك يدعم عدة أفكار ونظريات مثل : الأكوان المتوازية و الأبعاد الإضافية و نظرية الأوتار و قوس قزح الجاذبية و إن للأخيرتين تأثيرات على نظرية الجاذبية الكمومية، ومن الواضح أيضاً أن النتيجة الإيجابية للتجربة ستدعم وجود الثقوب السوداء المصغرة نفسها. ولكن إذا لم يتم الكشف عن الثقوب السوداء فإن على العلماء إعادة اختبار فهمهم لهذه الأفكار .

يقول خليل " إذا لم نتمكن من الكشف عن الثقوب السوداء في مستويات الطاقة المتوقعة فإن هذا يعني أمراً من ثلاثة: إما أن الأبعاد الإضافية غير موجودة، أو أنها موجودة ولكنها أصغر مما نتوقعه، أو أننا بحاجة إلى تعديل مبادئ نظرية قوس قزح الجاذبية"

في عالم الفيزياء النظرية لا وجود أبداً لتفسير واحد وكذلك الأمر بالنسبة لموضوعنا هذا، لقد استعمل البروفيسور ريمو غاراتيني من جامعة بيرغامو، نظرية قوس قزح الجاذبية في عمله حول تنظيم انحرافات الأشعة فوق البنفسجية والتي تعاني منها نماذج الجاذبية الكمومية، و رغم أنه متفائل حول الكثير من الأفكار المطروحة في قوس قزح الجاذبية، إلا أنه أشار إلى أن الورقة الحالية تعتمد على فكرة واحدة تستخدم معادلة لا تتخلص من الانحرافات .

يقول غاراتيني "أعتقد بأن هذه الورقة مثيرة للاهتمام، ولكن علينا أن نكون حذرين في استقراء نتائج كونية باستخادم مبدأ واحد من مبادئ قوس قزح الجاذبية ".

المصادر:

هنا

هنا