الطب > مقالات طبية

الكحول- التبغ- الحشيش.. أيها أشد خطراً على الحياة؟

تتفاوت الكمية القاتلة والتي يمكن قياسها بشكل غير مباشر عن طريق ما يُدعى "حدّ التعرّض Margin of Exposure (MOE)" من مخدر ما تبعاً لكل مادة، وعند ذلك الحد يصبح لتلك المادة - الخطيرة أساساً- خطرٌ إضافيٌّ يؤدي للوفاة.

كما أننا في مبادرة "الباحثون السوريون" نتناول المقال كما هو ونضعه بين أيديكم.. فمن المعروف عالمياً أن الكحول والتبغ والمخدرات مواد شديدة الخطورة والضرر على صحة الإنسان الجسدية والنفسية، وآثارها الاجتماعية السيئة معروفة، إضافة لخطرها القاتل وهو الأمر الذي سنناقشه في هذا المقال.

ففي دراسة جديدة في ألمانيا قام الباحثون بمقارنة خطر الموت الناتج عن مجموعة من العقاقير والمواد القانونية وغير القانونية بمقارنة الجرعات المميتة "lethal doses" لكل منها مع الكمية التي يتعاطاها الشخص عادةً، وقد أشاروا إلى تلك النسبة (النسبة بين الجرعة القاتلة والكمية المعتادة للتعاطي) بتعبير "حدّ التعرّض MOE"، الذي يمكن أن يُستخدم لقياس مدى احتمال أن يُقدِم متعاطي/مستخدِم المادة على أخذ جرعة مُفرِطة overdose من العقار الذي اعتاد تناوله.

لم يركز الباحثون في هذه الدراسة على جميع الآثار الضارّة أو السمّية لهذه المواد، وإنّما كان همّهم الأول دراسة خطر ارتباطها بالوفاة بهدف معرفة أي من هذه المواد لها أعلى أو أقل حد قاتل. قام الباحثون بمقارنة كل من الكحول والهيروين والكوكائين والتبغ وحبوب النشوة (ecstasy) والماريوانا (القنّب أو الحشيش)، وكانت النتائج كالتالي:

احتل الكحول المركز الأول من ناحية خطر التعرض، يليه كلٌّ من الهيروين والكوكائين (كما هو موضح بالشكل) ثم التبغ. أما الماريوانا فجاءت في المركز الأخير من ناحية خطر التعرض القاتل فكانت هي الأقل خطراً للتسبب بالوفاة في مجموعة المواد السابقة! كما رأت الدراسة أن هذه السمعة السيئة للماريوانا قد تكون مبالغ بها قليلاً، إذا ما قورِنت القيود المفروضة عليها بتلك المفروضة على الكحول والسجائر (منتجات التبغ عموماً) علماً أن هذه الأخيرة أشد خطراً على الصحة.

اعتمد هذا التصنيف على سمية المادة بحد ذاتها فقط، ولم يعتمد على عوامل الخطورة المرتبطة ببعض من تلك المواد. فمثلاً لا يجب أن نأخذ من هذه الدراسة أن تناول الكحول باعتدال هو أكثر خطراً من تعاطي الهيروين بشكل متكرر، فعوامل كثيرة، كاستخدام إبر ملوثة مثلاً، لم تؤخذ بالحسبان ضمن هذا التصنيف.

أظهرت نتائج هذه الدراسة أن القنّب أو ما يُعرَف بالحشيش قد أخذ سمعةً أشد سوءاً من خطره الفعلي "على الأقل من حيث تسببه بالوفاة".

فحدّ التعرّض للقنب في الدراسات المبنية على الأفراد والمجتمعات كان فوق عتبة السلامة، وفي المقابل ترى الدراسة أنّ العالم قد استهان كثيراً بتأثير الكحول.

فقد فضّلت الكثير من الحكومات الأوربية سنّ تشريعات شديدة الصرامة حول تعاطي المخدرات مقارنة بتعاطي الكحول والتبغ، وذلك على أساس أن تلك المواد المحظورة والمشاكل المتعلقة بها أشد خطراً على المجتمع. في حين يرى الفريق الذي أجرى الدراسة، وبالنظر لنتائج الدراسة، أن على الحكومات حول العالم أن تركز جهودها أكثر على تخفيف التأثيرات الخطرة للكحول والتبغ أكثر من تركيزها على حظر المواد الممنوعة فحسب، فذلك سيحمي حياة أشخاص أكثر.

كما يضيف الفريق أن تلك التشريعات الصارمة المرتبطة بتعاطي الماريوانا في العديد من الدول حول العالم ليست ذات معنى حقيقي حين ندرك خطرها الضعيف نسبياً على الحياة. فقبل عشر سنوات سنّت معظم الدول قوانينها ضد المخدرات على أساس "كلامي" دون أساس علمي ثابت وموثوق، في حين بدأت بالعقد الأخير بالبحث في مصادر علمية.

وفي النهاية يجب التذكير أن هذه الدراسة قد ركزت على موضوع الموت فقط كما سبق وأشرنا، فهي لا تقول أن تعاطي الماريوانا آمنٌ أو صحّي، إذ على الرغم من أنّها لن تسبّب الوفاة لمتعاطيها بسهولة إلا أنّها تؤدي إلى عدد من المشاكل العقلية إلى جانب اضطرابات أخرى على المدى الطويل (من ذلك تسببها بشذوذ- أو تغير في شكل وحجم- الحيوانات المنوية وما يستتبع ذلك من تأثير على الخصوبة، وقد نشرنا سابقاً مقالاً بهذا الخصوص على موقعنا).

المصادر:

هنا

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا