العمارة والتشييد > من أعلام العمارة

Frank Lloyd Wright

ولد في مركز ريتشلاند (Richland Center) في ولاية ويسكونسن في الثامن من حزيران سنة 1867م، إبناً للسيد ويليام كيري رايت والسيدة آنا لويد جونز.

تعرض للترحال في فترة طفولته بالسفر مع والده في ولاية رود آيلاند (Rhode Island) وولاية أيوا (Iowa) وماساتشوستس (Massachusetts) قبل أن يستقر في ماديسون بولاية ويسكونسن عام 1878م.

في عام 1885م ،عاش فرانك بظروف صعبة بطلاق والداه ما جعل الحياة المحيطة أكثر تحدياً لمحاولته في دعم الأسرة مادياً، صاحب الثمانية عشر عاماً عمل لصالح عميد جامعة ويسكونسن قسم الهندسة بالإضافة لكونه طالباً في الجامعة، كان يطمح لأن يكون معمارياً، لذا وفي عام 1887م غادر الجامعة في ماديسون متوجهاً لمدينة شيكاغو حيث وجد فرصة للعمل في شركتين هناك، أخيراً أصبح قريبا من تحقيق حلمه بإلتحاقه بالعمل في شركة أدلر وسوليفان، والعمل مباشرة تحت إشراف المعمار لويس سوليفان لستة سنوات لاحقة.

وفي عمر الثانية والعشرون تزوج رايت من كاثرين لي توبين (Catherine Lee Tobin) فطلب من سوليفان سلفة مقابل عقد مدته 5 سنوات لتساعده في تكوين أسرة وبناءمنزله الخاص، وهو منزل تاليسين (Taliesin) يقع في ضواحي مدينة شيكاغو، ذا تصميم يعكس طبيعة البراري الأمريكية بسقف جملوني وإستوديو بسيط توسع فيما بعد ليتسع لأفراد العائلة.

لاحقاً قام رايت بتصميم منزل ويليام وينسلو ليكون أول عمل رسمي له، بأسقف جملونية مائلة وببساطة أنيقة جلب إهتماماً من الناس محاولاً البدء في خلق عمارة على النمط الأمريكي، وعلى مر الستة عشر عاماً التالية قام بالعمل لخلق ما يعرف بعمارة البراري، هذه المنازل التي تعبر عن البراري الطولانية المنخفضة، بأسقف جملونية خالية من العليّات والأقبية، والمزينة بنوافذ ذات درفات إنزلاقية أفقية، ليأكد على الأفقية ويزيد من إنخفاض وإندماج المباني في البيئية المحيطية، حيث تبع منزل وينسلو تصميم عدداً كبيراً من المنازل الشهيرة منها منزل داروين مارتين في بوفالو (Darwin D. Martin House in Buffalo) عام 1903م ، ومنزل آفيري كلوني في ريفرسايد ( Avery Coonley House in Riverside) عام 1907م، ومنزل فريدريك روبي في شيكاغو (Frederick C. Robie House in Chicago) عام 1908م، ومساكن للعامة بالإضافة لمبنى إدارة شركة لاركين في بوفالو (Larkin Company Administration Building) عام 1903 -هدمت عام 1950م- ومعبد في أوك بارك 1905م.

وفي عام 1909م غادر رايت عائلته متجهاً للعمل في أوروبا رفقة السيدة مامه بورثويك تشيني (Mamah Borthwick Cheney) حيث إلتقاها سابقاً كونها عميلة سابقة ووقع في حبها أملاً في الخروج من حالة الرتابة التي أصابة حياته الشخصية والعملية. في خلال هذه الفسحة الأوروبية قام رايت بالعمل على منشورين من أعماله، نشرت عام 1911م، جلبت هذه المنشورات أعترافاً دولياً بأعمال رايت و لفتت نظر العديد من المعمارين حول العالم له، في نفس العام عاد كلاً من رايت و السيدة بورثويك إلى شيكاغو غير مرحباً بهما نتيجة العلاقة الغير شرعية التي أشيعت عنهما في الوسط الإجتماعي آنذاك، فقاما ببناء منزل تاليسين ويست ( Taliesin Spring Green) ليكون منزلاً لهما وبعدها تابع رايت مزاولة المهنة في شيكاغو في السنوات اللاحقة ليقوم بتصميم مشروعين كبيرين الأول (Midway Gardens) في شيكاغو عام 1913م،والثاني (Imperial Hotel) في طوكيو عام 1916م.

في الرابع عشر من آب سنة 1914م، إنتهت علاقة رايت مع السيدة بورثويك بشكل تراجيدي، فبينما كان رايت منشغلاً في العمل في شيكاغو، قام خادم المنزل بإغتيال كلاً من السيدة مامه بالإضافة لطفليها جون وكاثرين وأربع أشخاص آخرين كانو في منزلهم في تاليسين، ما دمره عاطفيا و روحياً، فقام بالإنشغال في العمل ليكون عزاؤه الوحيد، وأكمل العمل في منزل تاليسين ليخلد ذكرى مامه وتابع العمل في فندق الإمبراطورية (Imperial Hotel) في طوكيو ليكمله عام 1916 م.

وفي الفترة التي تلت الفترة السابقة مرّ رايت بفترة تعرف بالسنوات العجاف، حيث عاد رايت من طوكيو وقام بتأسيس مكتب في لوس أنجلوس، بين عامي 1922 و 1934م، حيث قام بالعمل على عدة مشاريع سكنية وتصميم عدد من المشاريع التي لم ترى النور مثل مبنى الوطنية للتأمين (National Life Insurance Building) عام 1924م و معرض جوردُن سترونج للسيارات (the Gordon Strong Automobile Objective) عام 1925م ومنتجع سان ماركوس (San Marcos) عام 1928م وأبراج سانت مارك (St. Mark's in the Bowery tower) السكنية في نيويورك عام 1928م.

وفي عام 1928م،تزوج رايت من السيدة أولجا لازوفيتش (Olga Lazovich) والمعروفة بإسم أولجيفانا، إبنة رئيس المحكمة العليا في الجبل الأسود التي إلتقاها سابقاً في شيكاغو ليعود في تركيزه على العمل المعماري من جديد.

ومع إنخفاض الطلب على العمل المعماري توجه رايت للعمل الأدبي في الكتابة وإلقاء المحاضرات فكان نتاجه أن قام بعملين أدبيين هم سيرته الذاتية بالإضافة لمؤلف بعنوان المدينة المختفية (The Disappearing City) عام 1932م. حيث لاقى العملان إنتشاراً واسع الأثر في العديد من الأجيال اللاحقة، كما قام بمساعدة السيدة أولجيفانا بتأسيس مدرسة معمارية عرفت بزمالة تاليسين (Taliesin Fellowship) حيث ضمت بيئة متكاملة في التعليم ووفرت العديد من الأختصاصات بالإضافة للعمارة والإنشاء كالزراعة، وتنسيق الحدائق، والطبخ، ودراسة الطبيعة، والفن، والرقص.

وفي شتاء عام 1934م، قام رايت ومدرسته بالعمل على نموذج مدينة بروداكير(Broadacre City) التي قام بذكرها سابقا في كتابه المدينة المختفية عام 1932م،وعرضت في مركز روكفيلير عام 1935م بمدينة نيويورك، كان رايت وقتها يعتبر من المعماريين اللامعين الذين إنقضى وقتهم، وفي عام 1936سم قام رايت بتقديم عودة كبيرة ليثبت أنه ما يزال على قدر كبير من المقدرة على الإبداع و تقديم المزيد فقام بتصميم العديد من المباني مثل مبنى الإدارة في شركة راسين في ويسكونسن(Administration Building in Racine) ومنزل الشلالات (Fallingwater) لإدغار كوفمان في بنسلفينيا بالإضافة لمنزل جاكوبس في ماديسون بولاية ويسكونسن.

وفي نفس الوقت قرر رايت الأنتقال لصحراء ولاية أريزونا وقام بالعمل على أرض وعرة في سفوح جبال ماكدويل في سكوتسدايل (the foothills of the McDowell Mountains in Scottsdale) فقام بالعمل مع مدرسته بإقامة مخيم شتوي بغية إبداع أفكار جديدة للحياة في الصحراء، حيث قام بإنشاء ما يعرف بأنماط الهجرة (migration patterns) بين وينسكونسن وأريزونا ومازالت تدرس حتى وقتنا الحاضر.

عودة رايت المذهلة فرضت إعترافاً كبيراً بعودته للواجهة من جديد، وفي عام 1940م أقام مشرفوا متحف الفن الحديث معرضاً خاصاً عن هذه العودة، كما نظموه ثانية عام 1943م بالرغم من ظروف الحرب آنذاك، فيما بعد تلقى رايت ما يعد أهم أنجازاته حيث راسلته البارونة هيلا فون ريباي (Baroness Hilla von Rebay ) تطلب منه تصميم متحف سولومون غوغنهايم ليضم الوحات الغير المعروضة، فقام رايت بالعمل بحماس على هذا المشروع الذي تم تشييده لاحقاً بسته عشر عاماً في مدينة نيويورك الأمريكية.

مع نهاية الحرب عام 1945 ميلادية عاد العديد من المتدربين للعمل مع رايت مجدداً، متابعين العمل على مجموعة من المشاريع العامة التي أنجزت خلال العقد التالي كبرج البحوث لشركة جونسون (Research Tower for the SC Johnson Company) و منزل الموحدين في ماديسون، و ناطحة سحاب في أوكلاهوما، بالإضافة لمجموعة من المشاريع الغير منفذة كفندق دالاس في تكساس ومباني ضخمة في بيتسبرغ و نادي رياضي في هوليود و برج بطول ميل في شيكاغو، و متجر لأحمد أباد في الهند بالإضافة لدراسة خطة عمرانية لمدينة بغداد الكبرى.

إبتدأ رايت العقد الأخير في حياتة بالعمل على معرض كبير بعنوان"فرانك لويد رايت:ستون عاماً من عيش العمارة" والذي أصبح معرضا عالمياً متنقل من فلورانس، باريس، زيوريخ، ميونيخ، روتيردام، ومكسيكو سيتي. قبل العودة للولايات المتحدة الأمريكية للعمل على معارض إضافية! كان رايت ثمانيني مفعمٌ بالحيوية بشكل لافت. وإستمر بالسفر على نطاق واسع، محاضراً في العديد من المحافل والجامعات، وكاتب ذو شهية مفتوحة، حيث كان لا يزال يشارك بنشاط في جميع نواحي العمل والسفر بشكل متكرر إلى نيويورك للإشراف على مراحل إنشاء متحف جوجنهايم، وفي نيسان من عام 1959م أصيب رايت بوعكةٍ صحية أضطُّر على أثرها ملازمة المستشفى، وفي التاسع من نيسان من العام نفسه فارق رايت الحياة عن عمرٍ ناهز الواحد وتسعون عاماً.

خلال سبعون عاماً في المهنة، قدم رايت أكثر من 1100 من التصاميم، نفذ ما يقارب من نصفها، وشملت هذه التصاميم مبانٍ تجارية، أبراجاً سكنية، مجمعات ترفيهية، متاحف، دور عبادة، مساكن للأثرياء وذوي الدخل المحدود، أثاثاً، وحدات للإنارة، منسوجات، وتصاميم زجاجية. محاولاً خلق ما وصفه بأنه "العمارة من أجل الديموقراطية" قام بإعادة تعريف مفهومنا عن الفراغ موفراً الفرصة للجميع للعيش و النمو في بيئة غنية، متصلاً جسدياً وروحيا مع الطبيعة.

فيما بعد من عام 1991م أطلق لقب أعظم المعماريين الأمريكيين على مر العصور من قبل الجمعية الأمريكية للمعماريين و ظهر إثنا عشر مبنياً من مباني رايت في قائمة مائة من أهم مباني القرن الماضي منها منزل الشلالات المتساقطة (Fallingwater) ومنزل فريدريك روبي في شيكاغو (Frederick C. Robie House in Chicago) ومبنى إدارة شركة جونسون (Johnson Administration Building) ومتحف جوجنهايم و منزل تاليسين (Taliesin) و تاليسين ويست (Taliesin West). كما وفي عام 2000م قام المعهد الأمريكي للعمارة بإختيار أهم عشرة مباني في القرن العشرين تصدرها منزل الشلالات بالإضافة لمنزل فريدريك روبي ومتحف جوجنهايم ومبنى إدارة شركة جونسون.

قبلها كان رايت يرى إرثه في مقالة سابقة كتبها عام 1908م قال فيها: أما بالنسبة للمستقبل يجب على العمل أن ينمو ببساطة وبتعبير أكبر وخطوط وأشكال أقل، أكثر وضوحاً وبعمالة أقل، أكثر مرونة وسلاسة وأكثر تماسكاً، وأكثرعضوية. كما يجب أن ينمو ليس فقط ليناسب الإحتياجات التي دعت لإنتاجه، وإنما علينا البحث عن كل ما يظهر لدينا من جمال وجودة خلال عملية البناء للإستفادة منها، والإشادة في العمل المتقن. يمكنني أن أفهم الشفاء من السكتات الدماغية، كما أفهم و أقدر إحتياجات ومقاديرالحياة، هذا العمل يجب أن يركز ويتفكر في كل عنصر على حدى وكيف تم صنعه ليكون من ضمن مجموعة مرتبطاً معها بشكل وثيق، ومهما كانت النتائج باهظة الثمن، يجب عليه ان يكون في هذا الفراغ كعنصر نقي أو كتطور بسيط كما يحدث في الأشجار والأزهار وتموضعهم بشكل دقيق في الطبيعة. ولذلك يمكن للعمارة بأن تأخذ مكانها المرموق بوصفها بالفنون الجميلة، وعلى المهندس ان يتحمل المسؤوليات العامة المفروضة عليه وفقاً لطبيعة مهنته الخاصة.


فرانك لويد رايت صاحب فضل كبيرعلينا ليس بالإنجازات العملية فقط، ولكن بالعلم والمؤلفات والأفكارالتي وضعها و طورها وتناقلتها الأجيال وتتناقلها الى الأن، مارئيكم كقراء بالسيرة الذاتية لهذا المعمار الكبير؟ واي من أبنيته أحببتم أكثر؟


المصدر:

هنا

حقوق الصورة: Yousuf Karsh