الطب > أمراض نسائية وتوليد

من الإباضة إلى الولادة، ماذا تعرف عن الحمل؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

يختلف الحمل من سيدةٍ لأخرى، وحتّى بالنّسبة للسيدة نفسها من حملٍ لآخر، وقد تستمرّ بعض أعراض الحمل لأسابيع أو لشهور، بينما تكون بعض المصاعب الأخرى مؤقتة، ولا تؤثّر على كلّ امرأةٍ حامل.

يستمر الحمل الطبيعي حوالي 40 أسبوعاً، ابتداءً من اليوم الأوّل لآخر دورةٍ شهريّة، وعادةً ما يوصف بفتراتٍ مدّة كلّ منها ثلاثة أشهرٍ (12-13 أسبوعاً)، تُعرف بأثلاث الحمل، حيث تحدث تغيّراتٌ مميّزةٌ في جسم المرأة الحامل في كلّ ثلث منها، كما تحدث تطوّراتٌ على الجنين أيضاً، ستُوصف بتفصيلٍ أكبر فيما يلي:

الإلقاحُ والانغراس:

تحدث الإباضة بعد حوالي أسبوعين من بدء الدورة الشهرية، حيث يُطلق المبيض بويضةً ناضجةً واحدة يمكن أن تُخصّب خلال 12 إلى 24 ساعة بعد إطلاقها أثناء توجهها أسفل قناة فالوب fallopian tube نحو الرحم، فإذا ما التقت البويضة بنطفةٍ تمكّنت من الوصول لقناة فالوب اندمجتا في خليّة واحدة، وتدعى هذه العملية بالإلقاح أو الإخصاب fertilization or conception .

كما يتحدّد جنس الجنين بالإلقاح، اعتماداً على الصبغي الذي تلقته البويضة من النطفة (X أم Y)، فإذا تلقّت صبغيّاً X كان الجنين أنثى، ويكون ذكراً إذا ما كان الصبغي Y.

وقد تستغرق البيضة المُخصّبة (المضغة) حوالي 3-4 أيّام لتصل إلى بطانة الرّحم، حيث تنغرس هناك في جدار الرّحم، لتبدأ بعد ذلك الخلايا بالنّمو وتعطي جنيناً ومشيمة تقوم بنقل الأوكسجين والمغذّيات والهرمونات خلال الحمل من دم الأُم إلى دم الجنين النّامي.

الثّلث الأوّل (الأسابيع من 1- 12):

• التغيّرات التي تحدث في جسم الأم:

تختبر المرأة العديد من الأعراض خلال الثّلث الأوّل من الحمل بما أنّها تتكيّف مع التّغيرات الهرمونيّة، التي تؤثّر تقريباً على كلّ عضوٍ من جسمها، وقد لا يظهر الحمل بوضوحٍ على جسدها من الخارج، لكن تحدث العديد من التّغيرات الداخلية ونذكر منها:

- ظهور الحاثّة المنبهة للغدد التناسليّة المشيمية البشريّة (hCG) في دم الحامل منذ حدوث الإلقاح، والتي تنتجها المشيمة، ويمكن الكشف عنها في بول المرأة بعد حوالي أسبوع من الدّورة الفائتة، فهي المسؤولة عن إعطاء النّتيجة الإيجابيّة لاختبارات الحمل المنزلّة.

- شعور المرأة الحامل نتيجةً للمستويات المتزايدة من هرمونات الحمل بموجاتٍ من الغثيان والإقياء خلال الأشهر القليلة الأولى، والمعروفة بـ "الغثيان الصباحي"،

ويمكن لبعض الرّوائح أن تصبح مزعجةً وأن تحرّضَ الغثيان عندها.

- الشعور بالتعب، وهو عرضٌ يُربط بارتفاع مستويات البروجسترون الذي يزيد النّعاس.

- تكرار التبوّل، لأنّ الرّحم يبدأ بالنّمو ضاغطاً على المثانة.

- يصبح الثّديان ليّنين ومتورّمين كعرضٍ جانبيٍّ لارتفاع هرمونات الحمل، والجلد حول الحلمتين يصبح داكناً ومتّسعاً.

- يصبح الجهاز الهضميّ أبطأ ليتيح امتصاصاً أكبر للمغذّيات، وقد يؤدّي ذلك إلى بعض الشّكاوى الشّائعة عند الحوامل، كحرقة المعدة، الإمساك، النّفخة والغازات.

- يعمل قلب المرأة الحامل بشكلٍ أكبر، حيث يزداد حجم الدّم المضخوخ لتزويد الرّحم بالدم الذي يحتاجه لدعم الجنين، كما تؤدي زيادة التروية الدّمويّة في الوجه إلى امتلاكها بشرةً ورديّة توصف بـ "تألّق الحمل".

بالإضافة إلى هذه التغيّرات الجسمية، سوف تختبر المرأة الحامل خلال الأشهر الأولى من الحمل تقلّباتٌ عاطفيّة تتراوح بين البكاء، التقلّبات المزاجيّة، النسيان، الخوف، القلق وحتّى الحماسة.

• التّطورات التي تطرأ على الجنين:

يُطلق اسم المضغة على الطفل النّامي من لحظة حدوث الإلقاح وحتّى الأسبوع الثامن من الحمل، وتكون المضغة بحجم حبّة البازلاء بعد حوالي شهر من الحمل، وتصبح بحجم حبّة الفاصولياء خلال الشهر الثاني، فيما يُطلق اسم الجنين على الطفل النّامي بعد الأسبوع الثامن من الحمل وحتّى الولادة.

حيث يبدأ القلب والرئتان بالتّطور خلال الأشهر الأولى، كما تتشكّل الأذرع، الأرجل، الدماغ، الحبل الشوكي والأعصاب، بالإضافة إلى تشكُّل الأصابع، الأجفان، الرسغين، الكاحلين وظهور العظام، وتبدأ الأعضاء التناسليّة والأذن الداخليّة بالتكوّن.

ومع نهاية الشهر الثاني من الحمل تتشكّل حوالي 8-10 أعضاء رئيسيّة من جسم الجنين، لذلك من الضّروري جدّاً التّشديد على المرأة الحامل بعدم تناول أية أدوية مضرّة خلال هذه المرحلة، لأن الثلث الأوّل من الحمل هو الفترة التي تحدث فيها معظم التشوهات والإجهاضات.

وخلال الشهر الثالث، تبدأ العظام والعضلات بالنّمو والأمعاء بالتّشكّل، تظهر براعم الأسنان المستقبليّة، كما تنمو أصابع اليدين والقدمين ويكون الجلد شفافاً تقريباً.

الثّلث الثاني (الأسابيع من 13-27):

• التغيّرات في جسم الأم:

تخفّ بعض أعراض الحمل المُبكرة غير المرغوبة في بداية هذا الثّلث وقد تختفي، لأنّ الجسم يضبط تغيّرات مستويات هرموناته، حيث تتحسّن حالة الغثيان والإقياء أو تختفي، يصبح النوم أسهل وتزيد مستويات الطاقة.

إلّا أنّ بعض الأعراض تظهر فجأةً نتيجة نمو الجنين وتطوره ونذكر منها:

- تحسّ الأم بمزيدٍ من الضغط على الحوض الذي يصبح ثقيلاً وكأنّ أثقالاً عُلّقت به، ويظهر نتوء الحمل بشكلٍ أكثر وضوحاً.

- يصبح جلد البطن حاكّاً بسبب تمدّده.

- قد تعاني الأمّ من آلام الظَّهر نتيجة نمو الجنين واكتسابها المزيد من الوزن في مقدّمة جسمه.

- تحسّ الأمّ بأوّل حركةٍ للجنين بين الأسبوعين الـ 16-18.

ويكون خطر الإجهاض أو الولادة المُبكرة في هذه الفترة منخفضاً.

• التطورات التي تطرأ على الجنين:

يكبُر الجنين كثيراً في الثلث الثاني، حيث يصبح بين 3-5 إنشات (7.5-12.5 سم تقريباً)، ويصبح من الممكن الكشف عن جنس المولود بالأمواج فوق الصوتيّة في الفترة بين الأسبوعين 18-22.

في الشهر الرابع يتشكّل الحاجبان والرّموش وأظافر اليدين والعنق، يصبح للجلد مظهر مجعّد، تصبح الذراعان والرجلان قادرة على الانثناء، تبدأ الكلى عملها وتنتج البول ويصبح الجنين قادراً على السّمع والبلع.

وفي الشهر الخامس، يصبح الجنين أكثر نشاطاً، حيث يمكن للأم الإحساس بحركته، وينام ويستيقظ بدورةٍ منتظمة، ويكون هناك شعرٌ ناعم "وبر" وغلافٌ شمعي "دهن" يغطي ويحمي جلده الرّقيق.

أمّا في الشهر السّادس، يبدأ الشعر بالنّمو والعين بالانفتاح، ويبدأ الدماغ بالتطوّر السريع، وتكون الرئتان قد تكوّنتا بالكامل، إلّا أنّهما لم تعملا بعد.

الثلث الثالث (الأسابيع من 28-40):

• التغيّرات في جسم الأم:

- يضغط الرّحم المتوسّع خلال هذا الثلث على الحجاب الحاجز، وهو عضلةٌ تشارك في التّنفس، فتشعر المرأة الحامل بقصر النفس لصغر المجال المتاح للرئتين للتّمدّد.

- يتباطأ جريان دمها فيحتفظ جسمها بمزيدٍ من السوائل، مما يؤدي إلى تورّم وجهها، يديها، كاحليها وقدميها.

- تتبوّل الأمّ بتواترٍ أكبر نتيجة الضّغط المُتزايد على المثانة.

- قد تعاني من آلام الظهر، والمزيد من آلام الورك والحوض، نظراً لاسترخاء المفاصل تحضيراً للولادة.

- قد تظهر بقعٌ داكنةٌ على الوجه وعلامات تمدّد على البطن، الأفخاذ، الأثداء والأوراك.

- قد تُلاحظ أوردة الدّوالي على أرجلها، وقد يُفرز اللّبأ من ثدييها تحضيراً للإرضاع.

- يصعُب إيجاد وضعيّة مريحةٍ للنوم خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل.

وقد تبدأ أعراض الولادة الكاذبة بالحدوث، والمعروفة بتقلّصات باركستون-هيكس، كلّما اقترب موعد الولادة، وعندما يحين وقت الولادة، تحبّ بعض النساء تجربة الحمل، بينما قد تشعر أخريات بعدم الرّغبة في خوضها ثانية!

كما تجدر الإشارة إلى أنّ المرأة الحامل تُمنع من ركوب الطائرة بعد الأسبوع 36 من الحمل.

• التطورات التي تطرأ على الجنين:

في الشهر السابع من الحمل يركل الجنين ويتمدد، كما يمكنه الاستجابة للضوء أو الصوت كالموسيقا، ويمكن أن يفتح عينيه ويُغلقهما.

وخلال الشهر الثامن، يبدأ الجنين باكتساب الوزن بشكلٍ سريعٍ، تتصلّب العظام، فيما تبقى الجمجمة ليّنة ومرنة تسهيلاً للولادة، كما تتكوّن مناطق مختلفة من الدماغ، ويصبح الجنين قادراً على الفواق hiccup.

في الشهر التاسع يصبح الجنين جاهزاً للولادة بالانتقال إلى وضعية "الرأس في أسفل حوض الأم"،كما تكون الرئتان ناضجتين بشكلٍ كامل تحضيراً لهما للقيام بوظائفهما، ويستمرّ الجنين بالاكتساب السريع للوزن.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

حقوق الصورة:

www.gettyimages.com