العمارة والتشييد > التصميم المعماري

تُحفة معمارية في كندا لتخليد ضحايا الحروب

فاز تصميم ABSTRAKT المعماري في مسابقة وطنية واسعة على مستوى كندا من أجل تشييد نصب تذكاري لضحايا الحرب مع الشيوعية في مدينة أوتاوا، وقد اُختير تصميم ABSTRAKT المُميز من بين المرشحين لأنه يعرض وبشكل مثالي 100 مليون واحدة مُربعة، بشكل مماثل لمبدأ البِكسل (pixel)، وتظهر كل واحدة مُربّعة على شكل بصمة إبهام اليد لتُحاكي بذلك بصمات أيادي الضحايا الذين زُهقت أرواحهم، حيث توضّعت هذه البصمات على مُسطحات إسمنتية جملونيّة.

عن فكرته التصميمية يقول المعماري "إذا مثلنا كل 1 سنتيمتر مُربع لتخليد روح إنسانية واحدة زُهقت، هذا يعني أن المتر المُربّع الواحد سيمثّل 10 آلاف شخص، وبأبعاد (100متر*100متر) ستُمثّل 100 مليون كاملة من الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم"

هذا التصميم تمّ تشكيله على شكل جملونات اسمنتية تُشابه الأنابيب المُثلثية، وإلى جانبي هذه المستويات الإسمنية مسارات حركية قد تضيق بالمار بها حتى تصل إلى متر واحد فقط، تُتيح له من خلالها النظر إلى 100 مليون أثر من أولئك الضحايا، ولجعل المنظر أكثر تأثيراً جاء التشكيل البصري على هيئة هرم مُجزّء لمستويات مُكررة بآلية ثلاثي الأبعاد.

كما ستجد خلال تجولك بأن شكل الإسمنت فيه يعبّر عن القِدم، وكأنّه يحكي قِصّة الماضي، بالإضافة إلى الساحة العامة التي تُظهر التكوين المعماري الحديث، فالمبنى في مجمله كأنه يقوم بعرض مؤشر زمني، فيحمل إليك بعبقرية متناهيّة الشعور باليوم الذي ماتت فيه الضحايا. يؤمن المشروع المساحة الكافية في الوسط لتقديم المهرجانات المتعلقة بهذه المناسبة الأليمة.

إن هذا المبنى في طياتّه لم يكن يحكي فقط قصة الضحايا والقتلى، وإنما وصل إلى حد أبعد من هذا بكثير، ففي النقطة المركزية في وسط الفسحة ستجد تمثال منحوت على شكل إنسان ضحية للتعذيب ملقى على الأرض ووجهه يبدو وكأنه ينظر إلى المئة مليون الذي قُتلوا، وبهذا التمثال تمّ تجسيد ذكرى من الذّين عُذّبوا جسديا ونفسياً، ولم ينسوا أيضا اللاجئين، فقد تم تدوين 1000 اسم للاجئين على الجدار الشاقولي الواقع أسفل الدرج في الفسحة الرئيسية.

لا شك أنّ هذا الفكر الرمزي للمشروع قد تم إبداعه بشكلٍ خلّاق وجاء بمقياس ضخم جداً، وما كانت هذه الضخامة في الحقيقة إلا رداً على مقولة الشيوعيين التي ذكرت أن موت شخص واحد يُعتبر مأساة في حين أنّ موت مليون شخص مجرد إحصائية.

اختلفت طرق تكريم الضحايا في التاريخ من حضارة لحضارة، ومن دولة لدولة، أمّا في عصرنا الحالي؛ هذه كانت طريقة كندا في تخليد ضحاياها.

المصدر:

هنا