الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

بين العادات والواقع زيت الزيتون أم زيوت القلي؟ متى وأين ؟

أثبتت دراساتٌ كثيرة مخاطر استخدام الدهون الصلبة (السمن) في عمليات القلي والطبخ، وتفضيل استخدام الدهون السائلة (الزيوت النباتية) لغناها بالأحماض الدسمة غير المشبعة المفيدة للجسم مقارنةً بالأحماض الدسمة المشبعة الضارّة والموجودة في الدهون الصلبة. ولكن هل تتساوى الزيوت في فائدتها وطرق استخدامها أم ثمّة هناك زيوتٌ مفضّلةٌ يحبّذ استخدامها في بعض الوجبات؟

دعونا بدايةً نقسّم استخدام زيوت الطعام إلى قسمين: الاستخدام على البارد والاستخدام على الساخن؛ فالأول يعني استخدام زيوت الطعام في درجات الحرارة العادية أو ما يسمى درجة حرارة الغرفة، كاستخدامه في وجبات الفطور (الزيت والزعتر) والسلطات. أما الاستخدام على الساخن فهو استخدام زيوت الطعام في درجات الحرارة العالية، أثناء القلي مثلاً.

يمكننا أيضاً أن نقسّم الزيوت وفقاً لطريقة تصنيعها كما بيّنّا في المقال السابق إلى زيوتٍ مكرّرة تُستخلص بطرقٍ حرارية، كزيت القطن والذّرة وعبّاد الشمس، وزيوتٍ بكر مصنّعة على البارد بطرقٍ فيزيائيةٍ وميكانيكية (غير معالجةٍ حرارياً)، ومن أمثلتها زيت الزيتون وزيت الفستق وزيت السمسم.

ما يهمّنا في هذا المجال هو تأثير طرق التصنيع المختلفة على تركيب الزيت وفوائده والاستخدام الأمثل له. فمن المعروف أن زيت الزيتون يحتفظ بمكوّناته كالفيتامينات والأحماض الدسمة غير المشبعة ومضادات الأكسدة والأوميغا-3، بينما تساهم عمليات التكرير في تنقية أنواع الزيت الأخرى وإزالة شوائبها وتبييضها وإطالة مدة صلاحيتها، بالإضافة إلى خفض حموضتها عبر تبخير الأحماض الدسمة الحرة (غير المشبعة)، وهو ما ينعكس سلباً على القيمة الغذائية للزيت من خلال تخرّب الفيتامينات ومضادات الأكسدة وغيرها من المركبات الحساسة للحرارة.

ثمّة هناك قرائنٌ كثيرة تخصّ الزيوت وتتعلق بمكوناتها، منها نسبة الأحماض الدسمة الحرة (غير المشبعة)، التي تُكسب الزيت ما يُسمّى بنقطة التدخين (Smoking Point)، وهي درجة الحرارة التي يبدأ فيها الزيت بالتدخين عند تجاوزها، علماً أنها ترتفع كلما انخفضت نسبة الأحماض الدسمة الحرة في الزيت. هذا ويعدّ الزيت ذو نقطة التدخين العالية (كزيت الذّرة وعباد الشمس) مناسباً للاستخدام على الساخن كالقلي، أما الزيت ذو نقطة التدخين المنخفضة (كزيت الزيتون) فسيبلغ نقطة التدخين قبل الوصول للحرارة المناسبة للقلي، مما يسبب تصاعد الدخان ونكهاتٍ غير مرغوبة.

بعيداً عن مشاكل الدخان وتغيّر النكهة، ينصح جون موريس (John Moores) الأستاذ الفخري في جامعة ليفربول باستخدام زيت الزيتون على البارد للسلطات وغيرها، لأنّ تسخين الزيوت ذات نقاط التدخين المنخفضة إلى درجات حرارة عالية يؤدي إلى تشكّل مواد كيميائيةٍ ضارّة تسمى بيروكسيدات الليبيد (Lipid Peroxides) قد تتفاعل مع الحمض النووي DNA في الجسم فتزيد مخاطر الإصابة بالسرطانات وأمراض القلب.

يتميّز إذاً زيت الزيتون عن بقية الزيوت بغناه بالمغذّيات الهامة التي يمتصها الجسم عند تناوله طازجاً وعلى البارد، بينما تتخرّب في درجات الحرارة العالية مما يجعل استخدامه في القلي هدراً لقيمته الغذائية ومصدراً للمشاكل الصحية، أمّا بقية الزيوت (كزيت الذّرة وعباد الشمس) ذات نقاط التدخين العالية فهي صحيّةٌ وجيدةٌ للاستخدام على الساخن وخصوصاً في القلي.

في هذا السياق نذكر أنّ نسبة الأحماض الدسمة الحرة في الزيوت المكررة تتراوح بين 0.15 و0.6%، بينما يحتوي النوع الممتاز من زيت الزيتون ما لا يقل عن 1% من هذه الأحماض، وبالتالي إنّ نقطة التدخين لأفضل أنواع زيت الزيتون هي 160 درجة مئوية، بينما تصل إلى 227 لزيت عباد الشمس، و 232لزيت الذرة المكرّر، أمّا الحرارة اللازمة للقلي تتراوح بين 175 و190 درجة مئوية.

المصادر:

1. محمد علي شعار، تكنولوجيا الزيوت ومنتجاتها (منشورات جامعة البعث، كلية الهندسة الكيميائية والبترولية، سورية 1994)

2. هنا

3. هنا

4. هنا

5. هنا

6. هنا