الموسيقا > سلسلة الباليهات العالمية

باليه طقوس الربيع Rites of spring ballet.

استمع على ساوندكلاود 🎧

يُعدُّ باليه طقوس الربيع "The Rite of Spring" عملاً سيمفونياً مميّزاً وهو يحكي قصةَ طقوسٍ وثنيةٍ عن التضحية بالبشر التي كانت تُمارس في روسيا القديمة، والتي تصوِّر الانسانية البدائية، للمؤلف إيغور ستراڤينسكي (Igor Stravinsky)، تمّ تصميم الرقص في العرض الأول مِن قِبل فاسلاف نغينسكاي (Vaslav Nijinsky) ، وتصميم الأزياء من قِبل نيكولاس ريريخ (Nicholas Roerich) ، والإنتاج لسيرجي ديغيلف (Sergei Diaghilev)، وقائد الأوركسترا كان بيير (Pierre Monteux).

جاءت فكرة "طقوس الربيع" لستراڤينسكي في المنام، حيث رأى طقوسَ انبعاثٍ وثني; ولادة جديدة، حيث كان الناس يلقون بأنفسهم أمام آلهةٍ حقودةٍ في طقوس ظلامية بدلاً من الاحتفال البهيج بفصل الربيع، فقام بتأليف موسيقى مناسبة لهذه الرؤية، وكان الباليه إلى حدّ كبير مشابهاً للموسيقى المكتوبة.

عندما عُرض الباليه للمرة الأولى في باريس في 29 مايو 1913 في مسرح الشانزليزيه، أدّت الطريقة الجديدة في التأليف والتدوين الأوركسترالي إلى ثورة عند المشاهدين، ووصل الصراخ والصفير إلى حدِّ الفوضى، إلى أن جاءت الشرطة لتوقفَ الشغب الحاصل.

لم يتضمَّن الباليه راقصات باليه في تنورات قصيرة، بل كانت الملابس مصنوعة من قماش خام وتصاميمها بدائية مثل ملابس القبائل الوثنيَّة مع سُتر قاسية وأقنعة منمنة على وجوههم، على نقيض الباليه الكلاسيكي.

ووفقاً للسيناريو، بعد عددٍ من الطقوس البدائية التي يتم الاحتفال بها بقدوم الربيع، يقوم الجمعُ باختيار فتاة شابة لإرضاء إله الربيع، ولترقصَ رقصةَ الموت.

يتألف العمل من جزأين:

الجزء الأول: عبادة الأرض، ومشاهده كالتالي:

• مقدِّمة

• التبشير بالربيع: رقصة تؤديها الفتيات الشابات

• طقوس الاختطاف

• دورات ربيعية

• طقوس القبائل المتناحرة

• قدوم موكب الحكيم

• الحكيم

• رقصة الأرض

يرتفع الستارُ ليكشفَ الشباب والشابات في مجموعات منفصلة، تكون بيئتهم المحيطة بهم بدائية وتُهيمن عليها قوى الظلام، في البداية تكون الرقصات خفيفة ولكنها تتغيَّر ببطء لتصبحَ حركاتٍ عدوانيةٍ وأكثر وحشية، ثمَّ يَأخذ الشباب الشابات إلى خارج المسرح (الكواليس) ، ويتبع ذلك قتال حتى يأتي رجلٌ عجوزٌ ليبرمَ السلام، ثم يخيَّم صمتٌ مذهلٌ إلى أن يرمي الشباب أنفسهم على الأرض تعبُّداً، ثم يرتفعون ثانيةً ليبدؤوا الرقص بشكلٍ جنوني.

الجزء الثاني: التضحية، ومشاهده بالترتيب:

• مقدِّمة

• دوائر الرقص الصوفي التي تؤديها الفتيات الشابات

• تمجيد الفتاة المُختارة

• الاستغاثة بالأجداد

• طقوس خاصة يقوم بها الأجداد

• رقص الضحية (المُختارة، أو القربان)

تقف الشابات على المسرح قُرب النار ليتمَّ اختيار إحداهنَّ كقربان للأرض، ثم تقف الشابة المُختارة وحيدةً خائفةً و هي مازالت في مرحلة ما بعد الرقص الصوفي، بعد ذلك يجتمع شابات وشباب القبيلة حولها ويرقصون بحماس وإثارةٍ ووحشيَّةٍ، ثم تلتحقُ الفتاة المختارة بهم ليتصاعدَ حماسُ الرقص أكثر فأكثر حتى يصلُ إلى ذروتهِ فتنهار الشابة العذراء وتموت، أخيراً يقوم الرجال بحملها ثم ينقلونها إلى الحجر المقدس، ويسقطون على الأرض ساجدين، لتكون النهاية.

استخدم ستراڤينسكي في تأليفه لموسيقى "طقوس الربيع" أساليب جديدة للغاية فيما يخصُّ التجديد النغمي و الإيقاعي، واعتبرت هذه الموسيقى حجر علامٍ في موسيقى القرن العشرين، ومفصلاً مهماً في تاريخ الموسيقى بشكل عام.

تصميم الرقص الذي أشرف عليه فاسلاف نغينسكاي أثّرَ على روادِ الرقص الحديث بعمقٍ، مثل مارثا جراهام (Martha Graham)، كما أثَّر تأثيراً كبيراً في عالم الموسيقى، من خلال تطوير فكرة أنَّ الموسيقى القاسية قد تكون جميلةً أيضاً.

تكمن عبقرية القطعة في أنَّها تحتوي على جميع المبادئ الأساسية للنجاح من حيث التأليف والإيقاعات الديناميكية والتباين والتكرار.

في عام 1940 أخذَت موسيقى "طقوس الربيع" تنتشر وتتصدّر الساحة عندما سمح ستراڤينسكي لشركة ديزني ابستعمال هذه القطعة لفيلم أثناء المشاهد التي تُصوِّر الحياة على الأرض من البدائية حتى انقراض الديناصورات.

على الرُّغم من أنَّ جرأة ستراڤينسكي فى تأليف موسيقاه بأفكارها الحديثة قد ضربت كل المفاهيم الكلاسيكية للموسيقى والباليه، وبالرغم من أنَّ العرض الأول كان كارثة بسبب اضطراب الجمهور وإثارة الشغب إلَّا أنَّ هذا العمل فيما بعد أصبح من أهمِّ الباليهات ومن أهمِّ ما كُتب في الموسيقى الأوركسترالية، فالألحان المعقَّدة وتنافر الأصوات منحها تميُّزاً كبيراً في تاريخ الموسيقى الكلاسيكية.

زيّ لباليه طقوس الربيع الذي صمَّمهُ نيكولاس ريريخ، 1913 في متحف فيكتوريا وألبرت

(Victoria and Albert Museum)

لمشاهدة الباليه كاملاً:

اداء باليه جوفري لسنة 1989:

مقتطفات من الفنتازيا (1940) ويضمُّ موسيقى طقوس الربيع التي كتبها سترافينسكي.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

مصدر صورة زي الباليه:

هنا