الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

المدرسة الأيونية

كثيراً ما نسمع عن المدرسة الأيونية سواءً بذكر المدرسة أم بذكر أحد فلاسفتها ومنظريها. سنورد في هذا المقال تعريفاً بسيطاً بهذه المدرسة وبأهم ما جاءت به، كما سنمر سريعاً على أبرز مفكريها.

"أيونيا" هو الاسم الذي كان يطلق على جزيرة تقع في بحر ايجه بين اليونان وتركيا. تميزت بكونها مهد العلم والفلسفة الغربية. وفي ايونيا بدلاً من أن يعتمد الفلاسفة على التفسيرات الخارقة لظهور الشمس والقمر والكواكب والنجوم حاولوا فهم الطبيعة والبحث عن القوانين التي تصف عملها وسلوكها.

أبرز الفلاسفة في المدرسة الأيونية هم: طاليس، أنكسيماندر، وأنكسيمانس. وقد طوروا أفكارهم حول الكون، وهم من العلماء الماديين. إنهم يعتقدون بأن الأرض وكل شيئ آخر في هذا الكون أصله من المادة (بدلاً من الروح) في الجوهر. ومع ذلك اختلفت آراؤهم حول ماهية هذه المادة. فطاليس يعتقد أنها الماء، في حين يعتقد أنكسيماندر بأنها اللامتعين، بينما اقترح أنكسيمانس أن يكون أصل الكون هو الهواء.

طاليس (547-625 قبل الميلاد ):

فيلسوف ماقبل السقراطي، يعتبر الأب في الفلسفة اليونانية، ومن أهم العلماء اليونان، كان متخصصاً في الرياضيات.

اعتقد أن الظواهر الطبيعية يمكن أن تقاس بالقوانين بدلاً من اللجوء إلى تفسيرات خارقة للطبيعة. وصور طاليس الأرض على أنها قرص مفلطح فوق محيط لانهاية له. دفعه إلى ذلك ملاحظته أن الخشب وغيره من المواد تطوف على سطح الماء. كان للماء أهمية كبيرة بالنسبة له، كما رآها المادة الأساسية في تطوير كل شيئ في الكون. بالمقارنة مع أناكسيمانس وهيراقليطس اللذان يعتبران أن الهواء والنار على التوالي، هما مصدرا كل المواد الأخرى.

ولد الفيلسوف اليوناني القديم طاليس في ميليتس في جزيرة إيونيا اليونانية، كان أرسطو المصدر الأساسي لفلسفة وعلوم طاليس كلها، وصُنف طاليس على أنه أول شخص يحقق المبادئ الأساسية، ومسألة أصل الكون، وكيف كانت ماهيته، ويعد مؤسس المدرسة الفلسفية الطبيعية. كان مهتماً في كل شيئ تقريباً، وبحث في جميع المجالات المعرفية، في الفلسفة، والتاريخ، والعلوم، والرياضيات، والهندسة، والجغرافية، والسياسة. واقترح نظريات لتفسير الكثير من الأحداث الطبيعية، والمادة الأولية التي أوجدت الأرض، وسبب التغيير الحالصل. كان طاليس قد شارك كثيراً في مسائل الفلك، وقدم عدداً من التفسيرات للأحداث الكونية.

اعتماده لنهج الاستجواب في فهم الظواهر السماوية، كان بداية علم الفلك اليوناني. وكانت فرضياته جريئة وجديدة، وتحرر الظواهر من التدخل الإلهي، وقال أنه مهد الطريق للمسعى العلمي. أسس المدرسة الميليسية في الفلسفة الطبيعية، وطور المنهج العلمي، وبدأ بحركة التنوير الفلسفية الغربية.

لمزيد من التفاصيل عن منشأ الكون عند طاليس: هنا

انكسيماندر (555 قبل الميلاد ):

فيلسوف ماقبل سقراط أيضاً، تتلمذ على يد أستاذه طاليس وأصبح الفيلسوف الثاني في المدرسة الأيونية، رفض أن يكون أصل الكون هو الماء، بحجة أن الماء لايمكن أن يشمل كل ما يوجد في الطبيعة، فهو في الحالة السائلة لايمكن أن يصبح جافاً مثلاً، أي من المستحيل أن يكون الماء أصل الكون أو المادة الأولية له، بل يجب أن تكون أكثر ثباتاً، ولا يمكن أن تكون تلك المادة هي النار أو الهواء لا بد أن تكون أغلظ منهما. يرى انكسيماندر أن الأرض وكائناتها جميعاً تكونت من تفاعل ( الماء، الهواء، الأرض، النار ) مع بعضها، أي أن الكون تشكل من حالة من الفوضى سماها (اللانهائية) أو (اللاتعيين).

بسبب تمييزه للأضداد الموجودة في الطبيعة مثل الحار والبارد، والرطب والجاف. قال بأن أصل الكون لابد أن يكون اللامتعين أو الايبرون أو الأثير كما وصف لاحقاً.

للمزيد عن أفكاره:

هنا

أنكسيمانس ( 535 قبل الميلاد ):

هو آخر فيلسوف معروف في المدرسة الأيونية، ويُنظر إليه على أنه العمود الثالث من أعمدة المدرسة الطبيعية الأولى (الأيونية) جاء بعد انكسيماندر وتتلمذ على يده، يرى أن الكون لابد أن يكون مردّه إلى مادة أصلية واحدة، أي أنه عاد إلى وحدة الأصل عند طاليس، ولكنه رفض أن يكون أصل الكون هو الماء كما قال طاليس، وتساءل: إذا كان كل شيء يأتي من الماء، بم يُفسر هذا التنوع في العالم الحالي؟ ورفض أن يكون أصل الكون هو اللامتعين (الإيبرون) كما قال انكسيماندر من قبله، إنه يرى أن أصل الكون هو الهواء، فكل تغيّر يتم في رأي هذا الفيلسوف، يكون عن طريق تكاثف الهواء وتخلخله، أي بحسب تمدّده وتقلصه. فإذا ازداد التكاثف في الماء مثلاً نشأت عنه الأرض ثمّ الصخور. وبهذا تتحول الأشياء إلى بعضها لتفسر مختلف الحوادث. فضّل عنصر الهواء عن غيره، لأنه أراد أن يكون هذا العالم حياً، يتنفس ويموت.

ومن أقواله: "الخالق أزلي لا أول ولا آخر له ولا هوية تشبهه. هو مبدأ الأشياء الواحد ليس كواحد الأعداد".

للمزيد عنه:

هنا

المصادر:

1- هنا

2- هنا