الفنون البصرية > أساطير الشعوب

بيوولف ذو القبضة الخارقة

يُحكى أنه كان في الدنمارك ملكٌ اسمه "هروثجار" سليل الملك العظيم "شيلد شيفسون" وقد تمتع بعهدٍ ناجحٍ للغاية، مما دفعه إلى بناء قاعةٍ للإحتفالات سماها قاعة "هيوروت". كانت هذه القاعةُ المكانَ الذي يجمع محاربي الملك للاحتفال والشرب وسماع القصص المغنّاة واستلام الجوائز. لكنّ ما يبهج البعضَ قد يغضب البعض الآخر، فجلبة الفرح وضجيج الاحتفال في هيوروت أغضبا شيطاناً يعيش في مستنقعات المملكة يُدعى "غريندل".

ولينتقم غريندل أخذ يرعب الدنماركيين كل ليلةٍ قاتلاً إياهم مُحبطاً محاولاتهم للدفاع عن أنفسهم. واستمرت معاناة الناس اثنتي عشرة سنةً امتلأت بالخوف والموت على يد المخلوق المتوحش. حتى وصلت قصة الوحش إلى مسامع شابٍ نبيلٍ يدعى "بيوولف" الذي أبحر مع مجموعة من الشجعان إلى الدنمارك ليقتل غريندل سعياً وراء المجد.

حين وصل بيوولف ورفاقه أخبروا الملك أن سبب قدومهم هو رغبتهم بمواجهة غريندل وقتله. ذُهل الملك إزاء شجاعتهم ووافق على الفور. وبعد وليمةٍ عامرةٍ تخللها بعض التشكيك بقدرات بيوولف، أوى الجميع إلى النوم تاركين بيوولف ورجاله ينتظرون ظهور غريندل.

أثناء الليل أتى غريندل من المستنقعات والتهم أحد رجال بيوولف النائمين، مما أدى إلى نشوب صراعٍ بين الوحش وبيوولف ذو القبضة القويّة. اشتد الصراع وكان بيوولف مصمماً على قتل غريندل الذي حاول الهروب حين شعر بقوته. أخيراً استطاع بيوولف تمزيق ذراع غريندل وألحق به جروحاً بليغةً قبل هروبه إلى المستنقعات ليموت هناك، أما ذراعه فوضعت في قاعة هيوروت كتذكارٍ للنصر الساحق الذي تحقق.

وبذلك أوقف بيوولف عذاباً امتد لسنوات، فأُقيمت الاحتفالات وعمّت البهجة في هيوروت وأُغرق بيوولف بالجوائز لشجاعته وقوته. لكن الفرح لم يدم طويلاً، إذ في المساء أتت والدة غريندل – وهي عفريتةُ مستنقعٍ تعيش في بحيرةٍ موحشةٍ – تبتغي الانتقام لموت ابنها، وقتلت "إيشر" وهو أحد رجال الملك المقربين، قبل أن تعود إلى مسكنها.

ومن أجل الانتقام له سعى بيوولف وراء الأم وقتلها، وقطع رأس غريندل عن جثته التي وجدها بعد قتل الأم ثم عاد إلى هيوروت. احتفل الشعب مجدداً بتخليص بلادهم من شرور الشيطان وأمه، وعاد بيوولف إلى وطنه السويد ليحكي قصصَ بطولاته.

كان حاكم السويد هو الملك هيجيلاك والذي مات بعد مرور عدة أعوام على عودة بيوولف في معركة ضد "الشيلفينغز" كما مات ابنه أيضاً، فنُصّب بيوولف ملكاً وحكم البلاد خمسين عاماً عم فيها السلام والازدهار المملكة. بعد مرور سنواتٍ عديدةٍ ظهر في مملكة بيوولف تنين ينفث ناراً مدمّرةً يُرهب بها المملكة، وبدأت بذلك مغامرةٌ جديدةٌ لبيوولف الطاعنِ في السن. وكأن انعدام الأمن والسلام لم يكن كافياً فتخلى الجميع عن الملك بيوولف ولم يؤازره في تلك المحنة إلا نسيبٌ واحدٌ له. رغم الصعاب واجه بيوولف التنين مدركاً خطورة المهمة وشاعراً بدنو أجله. وبعد قتالٍ شديد نجح بيوولف في التغلب على التنين وقتله، إلا ان ذلك كلّفه حياته. وبعد موت بيوولف أُقيمت مراسمُ حرقِ جثته كما أوصى، كانت هذه نهاية حياةٍ عظيمةٍ لبطلٍ عظيمٍ.

المصادر:

هنا

هنا

هنا