الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

دليلك للاستثمار في المعادن الثمينة

طالما أسر بريق الذهب و الفضة قلوب البشر منذ القدم، فتعددت أسباب اقتناءها لديهم : فمنهم من احتفظ بهما كمصدر للثروة و منهم من أدخلهما في طقوس عبادته. و في يومنا هذا، تمتلك المعادن الثمينة مكانتها في المحفظة الاستثمارية للمستثمر الذكي. لكن أي المعادن الثمينة هي الأفضل لأغراض الاستثمار؟ و لماذا أسعارها متقلبة؟ في حال كنت من المبتدئين في مجال المعادن الثمينة، هذا المقال هو المكان الصحيح لمعرفة المعلومات التي تؤهلك للعمل و الاستثمار فيها.

◘ كل ذلك اللمعان هو ذهب.

سنبداً مع الذهب، الأب الكبير للمعادن الثمينة ..

اكتسب الذهب مكانته المميزة بسبب جودة خواصه الفيزيائية :

متانته (فهو لا يصداً أو يتآكل) و قابليته للطرق (جعله على شكل صفائح) و ناقليته لكِلا الحرارة و الكهرباء (الناقل الأفضل للكهرباء). و تتعدد استخداماته الصناعية في مجال طب الأسنان و الالكترونيات، لكننا نعرفه بشكل خاص كأساس في صناعة المجوهرات و كشكل من أشكال العملة.

قيمة الذهب تتحدد على مدار الساعة و خلال معظم أيام الأسبوع. غالباً ما تكون عمليات تداول الذهب مبنية على رغبة المتداولين : فسعره أقل تأثراً بقوانين العرض و الطلب. هذا لأن المخزون المؤمَن من قبل المناجم الجديدة أقل بكثير من الكمية المستخرجة و المجموعة. ببساطة، عندما يشعر الذين يملكون كميات كبيرة من الذهب بأنه يجب البيع، ينخفض السعر. و عندما يريدون الشراء يتم امتصاص العرض بسرعة و ترتفع الأسعار.

العديد من العوامل مسؤولة عن الرغبة المتزايدة في حشد المعدن الأصفر :

1- شؤون الأنظمة المالية :

عندما يفقد المال و المصارف ثباتهما و/أو عندما يكون الاستقرار السياسي مشكوكاً فيه يتم الاتجاه إلى الذهب كمصدر آمن لتخزين القيمة.

2- التضخم :

عندما تكون معدلات الفائدة الحقيقية للعوائد على الأسهم و سندات التأمين أو العقارات سالبة، يندفع الناس عادةً إلى الذهب كأصل سيحافظ على قيمته.

3- الحروب أو الأزمات السياسية :

الحروب و الاضطرابات السياسية دائماً ما دفعت الناس إلى وضعية حشد الذهب. فمن الممكن جعل إدخارات الحياة قابلة للحمل و التخزين إلى حين الحاجة إليها ليتم مبادلتها بالغذاء، المأوى أو العبور الآمن إلى وجهة أقل خطراً.

◘ الرصاصة الفضية :

الفضة ليست كالذهب، فأسعارها تتأرجح على أثر اعتبارها كمصدر لتخزين القيمة و دورها الملموس كمعدن صناعي. لهذا تكون التقلبات السعرية أكثر حدوثاً في سوق الفضة من الذهب.

في حين أن تداولات الفضة ستكون ضعيفة مقارنة بالذهب كمادة يتم حشدها (بغرض الاستثمار). تمارس معادلة العرض/الطلب الصناعي لهذا المعدن نفوذاً قوياً على سعره. تلك المعادلة دوماً تقلبت بظهور الابتكارات الجديدة التي من ضمنها :

• كانت الفضة هي المسيطرة في صناعة التصوير الفوتوغرافي (حيث كانت الأفلام ذات أساس يستند على الفضة)، لكن دورها انحسر بظهور آلات التصوير الرقمية.

• نهوض الطبقة الوسطى في اقتصادات الأسواق الناشئة في الشرق، الذي خلق طلباً هائلاً على الأجهزة الالكترونية، المنتجات الطبية و غيرها من المواد الصناعية التي تتطلب مُدخلات فضية.

• استخدام الفضة في البطاريات و التطبيقات التي يستفاد من ناقليتها الممتازة للكهرباء و الدارات الدقيقة.

ليس من الواضح إذا ما كانت هذه التطورات (أو لأي حد) ستؤثر على الطلب الكلي غير الاستثماري على الفضة. لكن تبقى هنالك حقيقة واحدة ثابتة : سعر الفضة يتأثر بتطبيقاته و ليس بمجرد استخدامه للزينة أو لتخزين القيمة.

◘ القنبلة البلاتينية :

على مثال الذهب و الفضة، تتم مبادلة البلاتين على مدار الساعة في أسواق السلع العالمية، و يميل إلى إحراز سعر أعلى بقليل من الذهب في السوق في الأوقات الروتينية و الثبات السياسي، ببساطة لأنه أكثر ندرة : فكميات البلاتين التي يتم استخراجها من الأرض سنوياً قليلة للغاية.

العوامل الأخرى التي تحدد سعر البلاتين :

• يعتبر البلاتين معدناً صناعياً كالفضة. القسم الأكبر من الطلب على البلاتين يأتي من استخدامه في الحفّازات الكيمائية* في صناعة السيارات التي تستخدم في تقليل أذية الانبعاثات. يأتي بعدها في المرتبة الثانية المجوهرات. و القسم المتبقي من الطلب تغطيه حفّازات تكرير النفط و المواد الكيميائية و صناعة الحواسيب.

• و بسبب كون صناعة السيارات معتمدة بشكل كبير على هذا المعدن، تتحدد أسعار البلاتين بجزء كبير منها بمبيعات السيارات و كميات إنتاجها. اتفاقية "الهواء النظيف" قد تتطلب من المصنعين تركيب المزيد من المحولات الحفّازة، و بهذا سيزداد الطلب على البلاتين، لكن في عام 2009 اتجه مصنّعي السيارات الأميريكيون و اليابانيون إلى حفّازات السيارات المعاد تدويرها، أو لاستخدام أخ البلاتين الأكثر فعالية (و الأقل كلفة عادةً)، معدن البالاديوم.

• مناجم البلاتين تتركز بشكل كبير في دولتين فقط : جنوب افريقيا و روسيا. و هذه سيخلق احتمالية أكبر لحدوث تحرك احتكاري قد يزيد أسعار البلاتين بشكل متعمد.

يجب على المستثمرين الأخذ بعين الاعتبار أن كل العوامل المذكورة أعلاه تجعل من البلاتين المعدن الثمين الأكثر تقلباً سعرياً.

كيف تملأ صندوق كنزك.

لنلقي نظرة إلى الخيارات المتاحة أمام الذين يريدون الاستثمار في المعادن الثمينة.

1- الأسهم السلعية المتدوالة في البورصة : أسهم التداول موجودة لكل من المعادن الثمينة الثلاثة في البورصة، لكن منذ 2009 أصبح يتوجب عليك أن تكون قادراً على تدوال الأسهم في LSE (سوق لندن للأوراق المالية) لتستطيع الوصول إلى أسهم البلاتين.

و الجدير بالذكر أن الأسهم هي طريقة مريحة و تمتاز بالسيولة في عملية شراء و بيع الذهب، الفضة و البلاتين.

2- الأسهم العادية و الصناديق الاستثمارية : حصص مستخرجي المعادن الثمينة تتأثر بتحركات المعادن الثمينة السعرية.

إن لم تكن مدركاً لكيفية اكتساب أسهم الاستخراج لقيمتها، قد يكون من الحكمة أكثر أن تستثمر مع المدراء ذوي سجلات الأداء القوية.

3- أسواق الخيارات و المستقبليات : توفر أسواق الخيارات و المستقبليات السيولة و القدرة على الاستدانة للمستثمرين الذين يريدون وضع رهانات كبيرة على المعادن. فالمشتقات المالية لها تعد سبباً في تحقيق أعلى الأرباح كما أنها سبب في تحقيق أعلى الخسائر.

4- السبائك : القطع النقدية و السبائك هي حصرياً لمن لديه مكان ليخزنها. و بالطبع لأولئك الذين يتوقعون الأسوء حيث تعتبر السبائك الاختيار الأمثل بالنسبة لهم. لكن السبائك لا تعد الخيار الأمثل بالنسبة للمستثمرين الذين يملكون أُفقاً زمنياً، حيث أنها لا تتمتع بالسيولة اللازمة، مما يجعل الاحتفاظ بها أمراً مزعجاً.

5- شهادات الملكية : توفر هذه الشهادات للمسثمرين جميع مزايا الملكية الملموسة للذهب باستثناء عناء النقل و التخزين.

لكن يقال إن كنت تبحث عن تأمين في أوقات الكوارث الحقيقية، لا تتوقع من أحد يبادل معك الشهادات بشيء ذي قيمة، في النهاية هي مجرد ورق.

هل ستشع المعادن الثمينة ببريقها عليك؟

توفر المعادن الثمينة حماية تضخمية مميزة - فهي تمتلك قيمة فعلية و لا تتحمل أي مخاطر ائتمانية فلا يمكن حدوث تضخم بها في ذاتها (لأنك لا يمكنك طباعة المزيد منها). بالإضافة إلى توفيرها تأميناً حقيقياً ضد الأزمات الاقتصادية أو السياسية/العسكرية.

و من وجهة نظر استثمارية، فإن العلاقة الارتباطية للمعادن الثمينة بأصناف الأصول الأخرى كالأسهم و الصكوك منخفضة أو سالبة.

هذا يعني أن حتى نسبة صغيرة من المعادن الثمينة في حقيبة استثمارية ستقلل كلاً من الخطر الاستثماري و سرعة التقلب.

ختاماً :

تعد المعادن الثمينة طريقة مفيدة وفعّالة في تنويع المحفظة الاستثمارية. الحيلة في تحقيق النجاح عبرها هي أن تعرف ما هي أهدافك وما المخاطر التي تحويها محفظتك الاستثمارية قبل الدخول في هذا المضمار. التقلب في المعادن الثمينة يمكن تسخيره لتجميع ثروة، لكن إبقائها دون تفحص يؤدي إلى الخسارة.

*الحفّازات الكيميائية : مواد تسبب تغيراً في سرعة التفاعل، لكنها لا تتغير عند انتهاء التفاعل و يمكن استعادتها.

أغلب العوامل الحفّازة تزيد من سرعة التفاعل و يسمى حفّزاً موجباً و بعضها يقلل من سرعة التفاعل و يسمى حفّزاً سالباً.

يستخدم البلاتين كحفّاز فعّال في زيادة سرعة التفاعلات الكيميائية، و يستخدمه صانعو محركات السيارات للتحكم في الانبعاثات التي تسبب التلوث لأن محولاته الحفّازة تسمح بالاحتراق الكامل للهيدروكربونات الناتجة عن استهلاك الوقود و تحولها إلى بخار ماء و ثاني أكسيد الكربون.

المصدر : هنا

مصدر الصورة

هنا