الطبيعة والعلوم البيئية > عمارة وأرض

تجارب ناجحة لمستقبل مستدام من ماليزيا لؤلؤة الشرق (2)

بدأنا في مقالنا السابق (من هنا) الحديث عن أربعة أفكار حول القرى والمدن الذكية صديقة البيئة، ونتابع في هذا المقال الحديث عن أفكار ومبادرات ناجحة في مجالات أكثر تخصصاً من ماليزيا أيضاً:

5- جعل السكن الجامعي صديقاً للبيئة:

للجامعات أيضاً نصيب في ثورة ماليزيا البيئيّة، فقد تم شراء 2500 دراجة هوائية في جامعة بوترا ماليزيا University Putra Malaysia بهدف دفع الرأي العام نحو تشجيع استخدام الدراجة لدى الطلاب والعاملين. وبذلك يتم تحسين المستوى الصحي وتشجيع نمط الحياة النشيط إضافة لتخفيض تكاليف استخدام وسائط النقل التي تدفع الجامعة أجورها وتخفيض نسبة انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون بمقدار الثلث.

ساهم اتباع سياسة "صفر فضلات" ضمن الحرم الجامعي في تحويل 80% من فضلات الجامعة الغذائية والنباتية البالغة 11 ألف طن سنوياً إلى إنتاج الطاقة الحيوية والسماد بدلاً من أن يتم دفنها في مكابِّ النفايات، وبذلك تحصل الجامعة على مردود مادي يسهم في دعم البرنامج وتبني في الوقت عينه مثالاً عملياً رائداً يكرّس القيم البيئية لدى المتعلمين بتوفير 10 أطنان سنوياً من انبعاثات الكربون. قامت الجامعة في شباط من هذا العام بحملةٍ ترويجية جديدة لإعادة التدوير واستخدام الدراجات يمكنكم الاطلاع عليها من هنا

وجدير بالذكر توجه جامعة دمشق لدعم استخدام الدراجات في الحرم الجامعي مؤخراً إضافةً لمبادرة "ياللا عالبسكليت" التي لابدّ سمعت عنها في شوارع دمشق.

6- رفع المردود المحلي عن طريق السياحة البيئية (حديقة الإرث الجيولوجي في لانكاوي Langkawi Geopark):

كان إنشاء هذه الحديقة أول مبادرة متكاملة من نوعها في جنوب شرق آسيا وقد رفعت بشكل ملحوظ من واردات مالكي قوارب الصيد عبر تحويلهم إلى أدلّاء سياحيين في رحلات صديقة للبيئة ولم يقتصر التأثير الإيجابي على دعم الأبحاث والحفاظ على التشكيلات الصخرية في هذه المنطقة والتي يبلغ عمرها نحو 550 مليون عام فقد شكلت المنطقة لاحقاً نقطة جذب سياحي حيث ارتفع عدد الزوار من 1.8 مليون سائح عام 2005 إلى 3 مليون سائح عام 2012 وبالتالي باتت نموذجاً يحتذى لحدائق الإرث الجيولوجي. يمكنكم زيارة الموقع الرسمي للحديقة من هنا

7- تجفيف المنتجات الزراعية والبحرية باستخدام الطاقة الشمسية:

أُسست شركة لتصنيع اللوحات الشمسية المخصصة لتجفيف أنواع كثيرة من المنتجات الزراعية والبحرية بالتعاون بين إحدى الشركات الخاصة وإحدى الجامعات الماليزية. تتضمن هذه المنتجات مثلاً: الفول السوداني والعصائبية (النودلز) وبذور القهوة والمحار والأسماك والموز والأعشاب البحرية والأعشاب الطبّية والفلفل الحار وسعف النخيل المستخدم لإنتاج زيت النخيل.

تنتج اللوحات الشمسية ما يقارب 1 ميغاواط من الطاقة سنوياً وتحل محلّ المجففات التي تعمل بالديزل وتؤمن مورداً مالياً يغطي التكاليف خلال أقل من سنتين مع توفير فرص عمل في المناطق النائية. يذكر هنا أن سوق الأعشاب البحرية المجففة هو سوق واعدةٌ جداً على المستوى العالمي.

8- التشخيص الطبّي بأسعار معقولة:

لا يسعنا الحديث عن الاستدامة مع إهمال جانبها الاجتماعي فالإنسان محور التطوير المستدام وبدون مراعاة متطلباته وتأمين الحياة اللائقة له سيستحيل بناء مجتمع متطور مستدام؛ لذلك، فقد كانت صحة الأفراد مستهدفةً أيضاً في برامج الاستدامة الماليزية. داء الفيل Lymphatic filariasis مرض تشوّهي ناتج عن لدغات البعوض الذي ينقل طفيلياً يهاجم الجهاز اللمفاوي مسبباً سماكة الجلد والأنسجة وهو مرض يفتك بـ 5.8 مليون شخص حول العالم سنوياً. التشخيص المبكر والدقيق بالغ الأهمية في العلاج وقد طوّر معهد أبحاث الطب الجزيئي الماليزي مجموعة اختبارات سريعة لتشخيص هذه الآفة؛ رخيصة الكلفة ولا تستغرق سوى 15 – 20 دقيقة وقد سوّقت الطريقة في 18 دولة لتفيد مليوني مريض وتؤمن 500 فرصة عمل.

على صعيد آخر أوجدت مبادرة Endevour Mobile أول منصة تعاونية عن بعد في العالم وهي تجمع بين التصوير الشعاعي الطبي وتقنيات الاتصال الخليوية عبر السماح للخبراء الطبيين بتوفير المشورات لمرضى المناطق النائية وتحسين الرعاية الصحية على الصعيد الوطني.

بعد استعراض هذه الأفكار، أيها برأيكم الأجدر بأن يستنسخ في بلادنا العربية؟ أم أن خصوصية واحتياجات كل مكان يجب أن تكون دافعاً لتحفيز الأدمغة على ابتكارات أخرى مغايرة وأكثر ملائمة؟

المصادر:

هنا

هنا