الطب > علوم عصبية وطب نفسي

هل يرتبط النوم لفترات طويلة بحدوث السكتة الدماغية؟

أظهرت دراسةٌ نُشرت في شهر شباط (فبراير) الفائت في مجلة Neurology وجود علاقةٍ بين مدة النوم وخطر حدوث السكتة الدماغية مستقبلاً، وبالأخص مع فترات نومٍ طويلةٍ. فقد وجد باحثون في جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة أن النوم لفترةٍ قصيرة مرتبطٌ بازدياد حدوث السكتة الدماغية بنسبة 18%، وهي نسبة غير هامةً إحصائياً، ولكنهم وجدوا أن النوم لفترةٍ طويلة يزيد خطر حدوث السكتة الدماغية بنسبة 46%، وذلك بعد حساب عوامل الخطر التقليدية للأمراض القلبية الوعائية والتواكب المرضي (تزامن مرضين معاً).

إضافة إلى ذلك فإن الأشخاص المثابرين على نوم فتراتٍ طويلةٍ لديهم خطرٌ مضاعفٌ لحدوث السكتة الدماغية مقارنةً بأولئك الذين ينامون دائماً فتراتٍ متوسطةً، كما أن الأشخاص الذين ازدادت فترات نومهم بشكلٍ ملحوظ على مدى أربع سنواتٍ لديهم زيادة خطرٍ بأربعة أضعافٍ تقريباً. هذا وقد قام الباحثون بتحليلٍ تلوي Meta-analysis محدّث لدراساتٍ تنظر في مدة النوم والسكتة الدماغية وتُظهر نتائج متشابهةً جداً.

يقول الباحث يو لينج Yue Leng المشرف على الدراسة: "إننا نعتقد أن فترات النوم الطويلة مؤشرٌ لزيادة خطر حدوث السكتة الدماغية، وهنا لا نقول إن النوم يسبب زيادة الخطر ولكنه قد يكون دلالةً مفيدةً لحالاتٍ كامنةٍ أخرى تزيد خطر حدوث السكتة الدماغية. فبسؤالٍ واحدٍ للمريض عن عدد ساعات نومه وما إذا تغير ذلك في السنوات الأخيرة، استطاع الأطباء أن يؤكدوا المعلومات حول خطر حدوث السكتة الدماغية لدى هذا المريض".

حلّل الباحثون بياناتٍ لـ9692 شخصاً غير مصابٍ بالسكتة الدماغية تتراوح أعمارهم بين 42 و81 عاماً، وقد أجابوا عن استبيانٍ حول مدة نومهم بين عامي 1998 و2000، ومن ثم بين 2002 و2004، وقد سُجّلت جميع حالات السكتة الدماغية حتى عام 2009.

بعد تسع سنواتٍ ونصف من المتابعة، سُجّلت 346 حالة سكتةٍ دماغيةٍ، وقد كان النوم الطويل (لأكثر من ثمان ساعاتٍ) مرتبطاً بشكلٍ ملحوظٍ بزيادة خطر حدوث السكتة الدماغية، وذلك بنسبة خطر hazard ratio1.46 بعد حساب جميع المتغيرات الأخرى، وقد بقي الارتباط متيناً لدى من ليست لديهم أمراضٌ مسبقة وأولئك الذين ينامون جيداً، أما الارتباط بين النوم لفترات قصيرة (أقل من ست ساعات) وحدوث السكتة فقد كان أقل، حيث أن نسبة الخطر هنا 1.18%.

هذا ويقترح تحليل مجموعةٍ فرعيةٍ أن الارتباط المذكور من أجل فترات نومٍ قصيرة أمتن لدى الأشخاص الأصغر سناً، بينما كان الارتباط من أجل النوم الطويل أمتن عند الأشخاص الأكبر سناً.

يعتقد الباحث المشارك في الدراسة ألبيرتو راموس Alberto R. Ramos من جامعة ميامي ميلر Miami Miller School الطبية أن الارتباط بين النوم الطويل والسكتة الدماغية ليس علاقةً سببيةً (أي أن النوم لمدةٍ طويلةٍ ليس سبباً لحدوث السكتة الدماغية)، ويقول: "هل حقاً يسبب النوم الطويل حدوث السكتة الدماغية أم إنه مجرد دلالةٍ حيث يُحتمل وجود مسائل كامنةٍ أخرى تدفع الأشخاص للنوم لفتراتٍ أطول فتزيد خطر حدوث السكتة الدماغية؟ أرى أنه من المحتمل أكثر أن يكون دلالةً لمسألةٍ ملتبسةٍ من أن يكون النوم بحد ذاته هو المشكلة، فعلى سبيل المثال، إنّ توقف التنفس أثناء النوم حالةٌ قد يدفع المرضى للنوم فتراتٍ أطول لكي يعوّضوا نومهم المتقطع، وهو ما يشكل أيضاً عامل خطرٍ لحدوث السكتات الدماغية".

وقد أشار إلى أن النوم لفترات طويلة أو قصيرة كلاهما مرتبطٌ بعوامل خطر الأمراض القلبية الوعائية كارتفاع ضغط الدم والسكري والبدانة.

يقول الدكتور راموس إن هذه الدراسة لم تقس جودة النوم، لذا سيكون رسم أية خلاصةٍ أمراً صعباً، فلربما يكون نوم المشاركين في الدراسة خفيفاً، ولربما يكون عميقاً أيضاً!

ستتكشّف معلومات أكثر حول هذه الملاحظات من خلال دراساتٍ مستقبليةٍ تتضمن قياساتٍ موضوعيةً لجودة النوم، وقد بدأت فعلاً باستخدام ال actigraphy، حيث يرتدي المتطوعون أجهزةً كالساعات تُسجل أنماط النوم مما يعطي معلومات أكثر حول جودة النوم، بالإضافة إلى أنها عمليةٌ أكثر كونها قابلةٌ للارتداء في المنزل دون الحاجة للذهاب إلى مختبر نوم، وهذا ما يوسع دائرة الأبحاث المُجراة.

يقول الدكتور راموس إن الازدياد الأكبر في خطر حدوث السكتة الدماغية يكمن عند أولئك الذين يغيرون نمط نومهم من فترات قصيرة إلى فترات أطول، فإذا زاد أحدهم مدة نومه من 5-6 ساعات إلى 9-10 ساعات في اليوم فعليه أن يقيّم حالته من ناحية عوامل الخطورة للأمراض القلبية الوعائية.

المصدر:

هنا

حقوق الصورة:

Alamy