الغذاء والتغذية > رحلة الغذاء

ما هي التقانات الحيوية المستخدمة في تصنيع حمض الليمون؟

تعرفنا في مقال سابق إلى حمض الليمون وفوائده وتطبيقاته ( هنا )، وقد ذكرنا في ذلك المقال أن حوالي 99% من الإنتاج العالمي لحمض الليمون يتم الحصول عليه بالتخمير بالأحياء الدقيقة، وذلك باستخدام طريقتين: الطريقة السطحية Surface cultures، والطريقة العميقة (المغمورة) Submerged cultures. وعلى الرغم من أن العديد من سلالات الجراثيم تنتج حمض الليمون، إلا أن الفطور وخاصة نوعي Aspergillus niger وAspergillus wentii هما الأكثر استخداماً في الإنتاج الصناعي.

وتمثل المواد السكرية المصدر الكربوني الأساسي للفطور، ويحتل المولاس Molasses المركز الأول عالمياً على المستوى الصناعي، يليه السكروز Sucrose، والغلوكوز Glucose، والفركتوز Fructose، والمالتوز Maltose.

ويجب أن يتم تمديد المولاس إلى التراكيز المطلوبة عند استخدامه كمصدر للكربون في عملية التخمير، وذلك لأنه مادة مرتفعة الكثافة وتركه دون تمديد سيعيق نمو الفطر واستعادة حمض الليمون. ويتم التمديد في الطريقة السطحية حتى تركيز 13-15% سكروز، أما في الطريقة العميقة فيتم تحضير وسطين؛ الأول بتركيز 3-4% سكروز، والثاني بتركيز 25-28% سكروز، كما ويضاف حمض الكبريت إلى المحلول الممدد حتى درجة حموضة pH تتراوح بين 6.8-7.5.

تتم إضافة فروسيانيد البوتاسيوم K4Fe(CN)6 خلال مرحلة التعقيم بهدف ترسيب شوارد الحديد وأملاح المعادن الثقيلة التي تكون مترافقة بالمولاس وذلك بسبب تأثيرها المثبط لنمو الفطر المستخدم. كما تضاف العديد من المواد المغذية، مثل محلول فوسفات البوتاسيوم Potassium phosphate كمصدر للفوسفور، ومحلول نترات الامونيوم Ammonium nitrate كمصدر للآزوت إلى جانب العديد من العناصر المعدنية مثل كبريتات المغنيزيوم Magnesium sulfate.

1. الطريقة السطحية Surface Culture :

وهي طريقة قديمة نسبياً، إلا أنها تبقى الأكثر اقتصاديةً بالنسبة للمصانع ذات الطاقات الصغيرة (أقل من 3000 طن حمض الليمون في العام الواحد).

بعد تعقيم وسط النمو المحضّر بالبخار يتم تبريده حتى الدرجة 30 مْ، ثم يتم توزيعه في أطباق مستطيلة الشكل مصنوعة من الألمنيوم وتكون بأعماق مختلفة تتراوح بين 3-200 سم حسب الحجم، بحيث تكون متوضعة فوق بعضها في حجرة تخمير كبيرة يتم فيها التحكم بدرجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء ومزودة بنظام تنقية للمحافظة على الشروط العقيمة في الداخل. ثم تلقّح الصواني بأبواغ فطر Aspergillus niger من خلال رشّ 50-75 ملغ أبواغ/م2 من مساحة السطح. ويبدأ التحضين على الدرجة 28-30 مْ، وبعد حوالي 24 ساعة تبدأ خيوط الفطر بالنمو مشكلةً ما يعرف بالميسيليوم Mycelium. ويلاحظ انخفاض الحموضة من 6-6.5 لتصبح 1.5-2 فقط. يبلغ طول المدة الكلية للتخمير 7-15 يوماً يقوم خلالها الفطر بتحويل 70-80% من السكروز الموجود في الوسط إلى حمض الليمون Citric acid، ويتم إيقاف عملية التخمير عند وصول السكروز في الوسط إلى تركيز 1-2%.

يذكر أن السائل المتخمر يتألف من 12-20% من الحموض العضوية، منها 94-98% على شكل حمض الليمون، كما تتراوح نسبة السكريات غير المتخمرة بين 0.2-0.5%.

تتميز هذه الطريقة بأنها تقانة بسيطة مردودها 50% من كمية السكر المستهلكة، وتتطلب رأس مالٍ منخفض نسبياً، بالإضافة إلى انخفاض طاقة التبريد اللازمة. ولكن تكاليف صيانتها أعلى بالمقارنة مع الطريقة العميقة نظراً للعمل الشاق المطلوب لتنظيف الأنابيب، والأطباق.

2. الطريقة العميقة (المغمورة) Submerged Culture:

وهي طريقة حديثة نسبياً تعتمد على إكثار الفطر في مفاعلات التخمير Bioreactors، حيث تنمو خلايا الفطور ضمن الوسط المغذي وليس على سطحه كما هي الحال في الطريقة السطحية، مستفيدةً بذلك من الأوكسجين المنحل في السائل بدلاً عن أوكسجين الهواء الجوي.

في المرحلة الأولى تنمو ميسيليوم الفطر في الوسط المغذي عند الدرجة 32 مْ، ويؤمن الوسط هنا كامل احتياجات الخلايا من الأكسجين، حيث تبقى معلقةً فيه طوال عملية التخمير. تضاف شوارد السيانيد للحثّ على إنتاج الميسيليوم على شكل حبيبات بقطر 0.2-0.5 ملم، ويعتبر شكل الحبيبات ميزة من ميزات هذه الطريقة. وتستهلك عملية التخمير حوالي 25% من الركيزة بعد 20-40 ساعة وتكون قيمة pH حوالي 5، ثم يتم استهلاك الكمية المتبقية 75% خلال 4-6 أيام التالية وتنخفض معها قيمة pH إلى 2-3 بسبب إنتاج الحمض.

يتم الحصول على 80% من الإنتاج العالمي لحمض الليمون باستخدام الطريقة العميقة والتي تتميز بانخفاض تكاليف الاستثمار والصيانة والحماية من التلوث مقارنة بالطريقة السطحية. وتتميز أيضاً بالمردود العالي الذي يصل إلى 70%، إضافةً إلى الزمن القصير نسبياً للتخمير والذي لا يتجاوز 5-7 أيام. أما من مساوئها فيذكر ارتفاع تكاليف الطاقة، والحاجة لاستخدام تقنيات أكثر تطوراً الأمر الذي يتطلب موظفين مختصين للقيام بالعمل.

فصل حمض الليمون :

يتم فصل حمض الليمون في كلا الطريقتين بترسيبه Precipitation على شكل ملح سيترات الكالسيوم (غير الذواب) باستخدام كربونات الكالسيوم وحمض الكبريت، وهي طريقة شائعة تتم أولاً بإضافة أوكسيد الكالسيوم المائي Calcium oxide hydrate والذي يعرف باللبن الكلسي Milk of lime مما يؤدي إلى تحول حمض الليمون إلى ملح السيترات ثلاثية الكالسيوم Tri-calcium citrate tetrahydrate والذي يتصف بذوبانية ضعيفة. تتم معاملة الراسب بحمض الكبريت بعد عملية فصله بالترشيح مما يؤدي بدوره إلى تشكل مادتين؛ الأولى هي الجبْس (كبريتات الكالسيوم) الذي يتم استبعاده بسهولة بالمصفاة الدوارة، والثانية هي محلول يعرف بالسائل الأم Mother liquor وهو الذي يحتوي على حمض الليمون المراد فصله والذي تم غسله بالماء الساخن لفصله عن الجبْس.

تتم معالجة هذا المحلول بالفحم الفعال بهدف تنقيته من الشوائب والمواد الملونة، كما يعالج بشوارد السيانيد للتخلص من شوارد الحديد والمعادن الثقيلة، ثم ينقل إلى محطة المبخرات لتكثيفه وبلورته فيما بعد وتجفيفه. ويتواجد في الأسواق إما على شكل حمض الليمون المائي Citric acid monohydrate، وحمض الليمون اللامائي Anhydrous crystalline، أو ملح سيترات الصوديوم البلورية Crystalline sodium salt.

يذكر أن الأبحاث ما زالت مستمرة حول استخدام تقانة الخلايا المقيّدة Immobilized cells، واستنباط سلالات جديدة من الأحياء الدقيقة المعدلة وراثياً بهدف تحسين الإنتاج وتقصير الزمن اللازم له، إلى جانب التوصل إلى طرائق جديدة لفصل حمض الليمون عن سائل التخمير.

المصادر:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

4. Shetty K.، Paliyath G.، Pometto A and Levin R. E.، Food Biotechnology، 2006، 2nd ed، CRC Press، USA، 1903 pp.

5. صادق شريف، 2004، علم الأحياء الدقيقة الصناعية ، منشورات جامعة البعث.