البيولوجيا والتطوّر > التطور

هل يُفضِّل الرجال المرأة ذات المؤخرة الكبيرة حقًّا؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

تُلقي دراسة نفسية جديدة في جامعة تكساس ضوءًا على مقاييس الجمال في عصرنا هذا؛ إذ تعزو تفضيل رجال اليوم للنساء ذوات المنطقة القطنية الأكثر بروزًا (وبذلك؛ المؤخرة الأكثر بروزًا) إلى أسباب عائدة إلى عصور ما قبل التاريخ.

تتحرَّى الدراسة التي نُشرت في مجلة Evolution and Human Behavior عن تفضيل الرجال اختيار شريكاتهم من بين النساء اللواتي يتمتَّعن بزاوية انحراف قطني مثالية؛ إذ يُعدُّ وجود زاوية قدرها 45.5 درجة بين الظهر ونتوء المؤخرة مثاليًّا لدعم الحمل المُتكرِّر وتسهيله. والمدهش في هذا البحث هو كونه تفسيرًا آخر للترابط الوثيق بين صفة مورفولوجية (شكليَّة)* بشرية صاغها التكاثر الجنسي (الانحناء القطني في هذه الحالة) وبين مقياس الرجال لجاذبية النساء الذي تطور عبر الزمن. يُضيف هذا الاكتشاف دليلًا آخر إلى الأدلة القائلة بأنَّ الجمال ليس اعتباطيًّا تمامًا كما يعدُّه الكثيرُ من علماء الاجتماع؛ بل هو معتمد على منطق قابل للتطوير والتأقلم مع الطبيعة.

تتألف الدراسة من جزأين: يدرس الجزء الأول البروزَ القطنيَّ؛ وهو صفة من صفات العمود الفقري تُؤثِّر في شكل أسفل الظهر عند المرأة وانحنائه؛ إذ قيَّمَ قرابة 100 رجل مدى جاذبية نساء في صور مُعدَّلة لهذا الغرض تُمثِّل درجات مختلفة للانحناء الفقري السفلي تتراوح ضمن حدود الشكل الطبيعي؛ ولُوحِظ انجذاب الرجال في التجربة إلى النساء ذوات الانحناء القطني المُشكِّل لزاوية 45 درجة.

إنَّ السبب التطوري خلف هذا المقياس الجمالي هو أنه يُمكِّن المرأةَ الحاملَ من موازنة ثقلها على الوركين؛ إذ تُساعد هذه الدرجة من الانحناء على استمرار الحمل وتُقلِّل إصابات العمود الفقري في أثناء الحمل. ولهذا فالرجل الذي يحظى بشريكة بهذه المواصفات تكون فرصته أكبر للحصول على نسل أكثر؛ إذ تتحمَّل هؤلاء النساء الحملَ المُتكرِّر أكثر من غيرهن دون الإصابة بأذيات الحمل.

أما الجزء الثاني من الدراسة فتوجَّه إلى اكتشاف ما إذا كان تفضيل الرجال لهذه الزاوية هو بسبب ترافقها مع المؤخرة الكبيرة بحد ذاتها وبغضِّ النظر عن شكل العمود الفقري، أم أنَّ سببه زاوية انحناء العمود الفقري بحد ذاته؛ ولهذا الغرض عُرِضت صورٌ على 200 رجل لنساء بأحجام مؤخرة مختلفة وببروزات قطنية مختلفة؛ إذ كانت الزاوية بين البروز القطني والمؤخرة دائمًا 45 درجة في جميع الصور. وكانت النتيجة أنَّ الرجال فضَّلوا النساءَ ذوات الانحناء القطني الأقرب للمثالي بمعدَّل ثابت وبغضِّ النظر عن حجم المؤخرة.

لقد مكَّنت هذه الدراسة الباحثين من استنتاج أنَّ الرجال يُفضِّلون النساء ذوات الانحناء القطني المثالي على حجم المؤخرة؛ إذ إنَّ هذا التفضيل الشكلي قد تطوَّر على مدى آلاف السنين ولن يختفي بين ليلة وضحاها. ويُلقي هذا الرابط بين الضغط التطوري وبين علم النفس البشري الحديث بما في ذلك مقاييس الجاذبية لدى البشر الضوء على فائدة الدراسة التطورية في توسيع مَداركنا ليس فقط بالعلم الطبيعي؛ بل في العلوم الاجتماعية أيضًا.

• هامش:

المورفولوجيا: علم يدرس الصفات المرتبطة بالشكل والحجم والبنية عند الإنسان والحيوان والنبات، إضافة إلى الكائنات الدقيقة.

المصادر

هنا

هنا

هنا