الطب > طب الأنف والأذن والحنجرة

الشخير؛ ماهيته، أسبابه وعلاجه..

استمع على ساوندكلاود 🎧

لا يمكنني أن أنام!! والسبب؟ إنها السمفونية الليلية التي يعزفها أحدهم طوال الليل دون كللٍ أو ملل وتجتاز نغماتها جدار الغرفة إلى الغرفة المجاورة لتوقظ النائم وتذهب النوم عن عيون النعسان مشيرةً إلى بدأ الأمسية التي سيحيها "المايسترو" الذي يشخر(يعزف)! لكن ولكي لا أكون ظالماً، فإن الشخير يضر صاحبه أكثر مما يضر سامعه، فما هو وما أسبابه وما علاجه؟

عندما ينام الإنسان فإن العضلات التي تُبقي المجرى الهوائي التنفسي مفتوحاً ترتخي مما يؤدي إلى تضييق هذا المجرى وبالتالي، وأثناء تحرك الهواء في الشهيق أو الزفير، يحدثُ تذبذبٌ واهتزازٌ في النُّسُج* المشكِّلَة لهذا المجرى. وعندما يكون هناك كميةٌ كبيرةٌ من النسج وخاصةً النسج المكوّنة للّهاة واللوزتين والحنك الرخو(القسم الخلفي غير العظمي من سقف الحلق) فإن هذا كله يؤدي إلى تضييقٍ وزيادةٍ في التذبذب، مما يؤدي إلى إصدار الصوت الذي نسميه"الشخير" خاصةً أن هذه النسج غير مدعومة ببنىً غضروفيةٍ تُبقيها مفتوحة.

ليس الشخير مرضاً بحد ذاته لكنه مؤشرٌ على وجود مرض كـ Obstructive Sleep Apnea أو ما يُسمى"توقف التنفس أثناء النوم". وتتمثل أعراض هذا المرض بالشخير وصعوبة التنفس وتوقفٍ مؤقت للتنفس ناجمٍ عن انغلاق الطريق التنفسي فيستيقظ النائم مما يؤدي بالتأكيد إلى تقليل نوعية النوم، ويُضطرّ المصاب به إلى النوم أثناء النهار. لذلك غالباً ما نلاحظ أن المصابين بهذه الحالة يعانون من ضعفٍ في الانتباه وانخفاضٍ في التركيز وتدنٍّ في مستوى نشاطهم، هذا على صعيد الحياة الاجتماعية؛ أما فيما يخص الحياة الشخصية والعلاقة مع الشريك (الزوج، الزوجة) فإن النتائج على الأغلب لن تكون سارّة.

وفي حال تعرضت لحالاتٍ مشابهةٍ لذلك، فعليك مراجعة الطبيب؛ لكن قبل الحديث عن الطبيب وعن العلاج، ما هي العوامل التي تؤدي إلى الشخير؟!

بإمكاننا الإجابة عن هذا السؤال بسهولة.. إنّ ما يسبب الشخير هو الاهتزاز الناتج عن مرور الهواء في مجرىٍ مُتضيّق، فما الذي قد يجعل المجرى التنفسي متضيّقاً؟

- شرب الكحول قبل النوم، فالكحول ستجعل عضلات العنق أكثر ارتخاءاً مما يجعل المجرى التنفسي أكثر ضيقاً ومن ثَمّ يحدث الشخير.

- تناول الأدوية المهدئة والمنومة sedatives والتي تُحدث تأثيراً مشابهاً لتأثير الكحول في هذا السياق.

- لدينا أيضاً البدانة؛ فالبدين شخصٌ لديه كميةٌ كبيرةٌ من النسيج الشحمي، وعند الاستلقاء من أجل النوم فإن النسيج الشحمي الموجود حول الرقبة يضغط باتجاه الأسفل مما يؤدي إلى تضييق المجرى التنفسي ويحدث الشخير.

- التدخين هو الآخر يساعد على حدوث الشخير، فهو-أي التدخين- يؤدي إلى التهاب النسج المشكّلة للطريق التنفسي مما يؤدي إلى توسّعها وبالتالي تضييق المجرى التنفسي.

- الإصابة بنزلة بردٍ ليستٍ استنثاءً، لأنها تضيّق المجرى التنفسي وكذلك عوامل الالتهاب المختلفة تؤدي إلى الإشكالية نفسها (تضييق المجرى التنفسي)، مما يسبب الشخير.

باختصار أي شيءٍ يسبب تضييق المجرى التنفسي سيؤدي إلى الشخير.

علاج الشخير:

إن معالجة هذه المشكلة تتم بمعالجة مسبباتها، فمثلاً، التدخين وشرب الكحول يسببان الشخير وبالتالي فالتقليل أو الامتناع عنهما سيساهم في الحل.

خسارة الوزن هي الأخرى تقلل من المشكلة، وفي السياق نفسه، فإن الذين يشخرون نتيجة الوزن الزائد (النسيج الشحمي حول الرقبة بالتحديد) بإمكانهم تغيير وضعية نومهم كأن يناموا على الجنب عوضاً عن الظهر وبذلك يخف ضغط نسيج العنق الشحمي على المجرى التنفسي، وعدم النوم على وسائد كبيرةٍ جداً يساعد كذلك.

أحد مسببات الشخير التي لم نذكرها سابقاً هي التجفاف الذي يؤدي إلى جعل الحنك الرخو والأنف أكثر لزوجةً مما يعيق مرور الهواء، وإذا كانت المشكلة متعلقةً بتضيّق فتحة الأنف فقط فإن حماماً ساخناً قبل النوم قد يفيد.

قد ينتج الشخير عن بعض الأدويةٍ كعرَضٍ جانبي** وبالتالي فإن تعاطي هذه الأدوية بعيداً موعد النوم يمكن أن يحسّن وضع المريض.

ولدينا أيضاً الأجهزة المضادة للشخير (يمكن شراؤها من الصيدليات). وكذلك العمل الجراحي، حيث تتم إزالة كميةٍ من النسيج المسبب للشخير، لكن هذه الطريقة ليست فعالةً بالكامل إذ تعود المشكلة بعد سنةٍ أو سنتين وقد تترافق الجراحة بأعراض جانبية.

وللأسف فإن الشخير ليس حالةً نادرةً إذ يعاني منه حوالي 44% من الرجال و 28% من النساء، وهو يؤثر على المصاب في المقام الأول وعلى شريكه أيضاً، وتزداد نسبة الإصابة به مع التقدم في العمر.

وبسبب هذا كله يقول الروائي أنثوني بيرجس Anthony Burgess: "اضحك يضحك لك العالم، اشخر وستنام لوحدك"، يقصد أن الشريك سيبتعد عنك!

*النسج: مجموعة الخلايا والمادة بين الخلوية المشكّلة لبنية ما في جسم الكائن الحي.

** هذه الأدوية تشمل مضادّات الهيستامين وأدوية معالجة نزلات البرد.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

حقوق الصورة:

هنا