الكيمياء والصيدلة > سلسلة تداخل الغذاء مع الدواء

الغريفون Grapefruit والأدوية.. هل يمكن أن تشكّل مزيجاً قاتلاً؟

الغريفون فاكهة مغذيّة، غنيّة بفيتامين C ومضادات الأكسدة، ذات طعمٍ حلوٍ منعشٍ. ولكن يشير الباحثون إلى احتمال تداخلها مع 85 دواء من ضمنها أدوية مستخدمة بشكلٍ شائعٍ مثل خافضات الكوليسترول وخافضات ضغط الدّم أو حتّى أدوية السرطان، و43 من هذه التداخلات قد تكون خطيرة. هذه التداخلات قد تَحدُث مع كل أشكال الغريفون سواءً الثّمار الطّازجة أو العصير أو حتّى الخلاصة المركّزة المجمدة. أمّا عن سبب حدوث هذه التداخلات، فهو أنّ الغريفون يحتوي على مواد تعرف بالكومارينات الفورانية furanocoumarins والتي تقوم بتثبيط أنزيمات السيتوكروم P-450 3A4 التي تدخل في استقلاب أكثر من 50% من الأدوية، حيث تقوم بتحطيم الدواء استعداداً لطرحه خارج الجسم. وبالتالي فإنّ تثبيطها يؤدّي إلى ارتفاع تراكيز الدواء إلى حدود السميّة، ممّا يؤدّي إلى ظهور التأثيرات الجانبية. بعض هذه التداخلات نظريّة تمّ التنبّؤ بها اعتماداً على آلية تأثير الغريفون ولكن يبقى التحذير منها ضرورياً.

قد يطرح بعض المرضى اقتراحاً بأخذ الدّواء بوقت مختلف عن وقت تناول الغريفون، وهذا قد يقلّل من التداخل ولكن ليس دائماً، فأنزيمات السيتوكروم P450 التي توجد في الأمعاء الدقيقة والكبد قد تبقى مُعطّلَة بعد تناول الغريفون لفترة قد تصل إلى 24 ساعة، وبالتالي حتّى الأدوية التي تُعطى مرة واحدة في اليوم لا يمكن فصلها عن هذه التداخلات.

وبشكلٍ عام فإنّ تأثير الغريفون لا ينطبق على كلّ عائلة الحمضيات، فمعظمها آمنة وليس لها تداخلات مع بعض الاستثناءات مثل البوملة pomelo وبرتقال Seville المستخدم عادة في المربّيات، والليمون الحامض lime التي تحتوي أيضاً على الكومارينات الفورانية وبالتالي فهي تملك نفس التداخلات الخاصة بالغريفون. وهناك تداخل من نوعٍ آخر يظهر عند شرب عصير البرتقال أو التفاح أو الغريفون مع مضاد هيستاميني يدعى الفيكسوفينادين Fexofenadine، فهذه المشاركة تقود إلى خفض مستويات الفيكسوفينادين في الدم أي أنّه لن يعمل كما يجب، لذلك يُفضّل تناوله مع الماء وتجنّب شرب كميات كبيرة من عصير هذه الفاكهة معه.

بالنسبة لكميّة الغريفون أو عصيره اللازمة لظهور التداخلات فهي ليست كبيرة، فحبّة فاكهة واحدة أو 200 مل من العصير (أي أقل من كوب واحد) قادرة على تثبيط أنزيمات السيتوكروم P450 ورفع مستويات الدواء في الدم.

التأثيرات الجانبية التي قد تظهر عند الجمع بين الغريفون والدواء تتنوّع حسب الدواء وتمتد من لا نظميات قلبية، أذيّة كلوية، أذيّة عضلية، نزف معدي إلى انخفاض ضغط الدم، صعوبة التنفس، التهدئة أو حتّى الشعور بالدوار.

يُشار إلى أنّ خطورة هذه التأثيرات تتنوّع من شخص لآخر، كما تختلف حسب نوع الدواء وتركيز الدواء في الدم.

أهمّ الأدوية التي تُبدي تداخلاً مع الغريفون والتاثيرات الحاصلة:

• بعض أدوية السرطان، الصّادات الحيوية، الأدوية القلبية مثل حاصرات قنوات الكالسيوم المستخدمة لخفض ضغط الدم (الفيراباميل والنيفيديبين والفيلوديبين) والأدوية المضادة للا نظميات القلبية (الأميودارون والدرونيدارون)، مشاركتها مع الغريفون قد تسبّب لا نظميات قلبية خطيرة.

• الستاتينات وهي من أهمّ الأدوية الخافضة للكوليسترول (اللوفاستاتين، الأتورفاستاتين، السيمفاستاتين) تسبّب أذيّة عضلية وكلوية عند تناولها مع الغريفون.

• كما سُجلت حالات من الأذية الكلوية عند مشاركة الغريفون مع بعض الأدوية الكابحة للمناعة المستخدمة بعد عمليات زراعة الأعضاء.

• وأخيراً فإنّ عدد من الأدوية المزيلة للألم قد تسبب تثبيطاً للتنفس عند مشاركتها مع الغريفون.

ولابدّ من الإشارة إلى أنّه من غير الضروري أن يتداخل الغريفون مع جميع أفراد المجموعة الدوائية، لذلك يمكن للطبيب في هذه الحالة أن يقوم بوصف دواء بديل من نفس المجموعة الدوائية.

بالنسبة للمجموعة العمرية الأكثر عُرضة لهذه التداخلات فهي عادةً المسنين وذلك يعود لسببين، الأول أنّهم الفئة الأكثر استهلاكاً لعصير الغريفون، في حين يعتبر من الأطعمة غير المفضلة عند الفئات العمرية الأصغر سناً، والثاني أنّهم عادةً يتناولون العديد من الأدوية بنفس الوقت.

لذلك إذا عرفت بإمكانية حدوث تداخل الغريفون مع دواء تتناوله في الوقت الحالي اتصل بطبيبك وأخبره عن كل الأدوية التي تتناولها سواءً كانت بوصفة طبية أو أدوية OTC (لا تحتاج لوصفة) أو حتّى أدويتك العشبية. سيصف لك طبيبك العرض الجانبي المحتمل ومدى خطورته وكيف تستطيع تمييزه، وسيجري تغييراً في خطتك العلاجية إذا كان ذلك ضرورياً إما بنصحك بالابتعاد بشكل كامل عن الغريفون خلال فترة العلاج أو بإعطائك بديلاً عن الدواء لا يترافق مع هذه التداخلات.

المصدر :

هنا