الطب > مقالات طبية

داء ويلسون Wilson Disease

داء ويلسون Wilson Disease هو اضطرابٌ نادر وراثي ينتقل بصفةٍ جسدية مقهورة ( أي يجب أن يكون كلا الأبوين حاملاً للمرض كي يظهر لدى الأبناء)، ويتجسد بخللٍ في استقلاب النحاس نتيجة زيادة امتصاصه في الأمعاء ونقص إطراحه عن طريق الصفراء من الكبد، مما يؤدي لزيادة ترسبه في الكبد والدماغ وأنسجةٍ أُخرى، وغالباً ما يُعالج بعد ظهور الأعراض والتي لا تُلاحظ عند الأجنة.

الأسباب:

كما ذكرنا سابقاً، يعتبر داء ويلسون مرضاً وراثياً بالدرجة الأولى. حيث تؤدي طفرةٌ في مورثات الأنزيمات المسؤولة عن استقلاب النحاس في العضوية إلى خللٍ في عملها، لينتج عنه ترسب النحاس في أنسجة الجسم وخاصةً الكبدية والدماغية. ومن الجدير بالذكر أنه في هذه الحالة يجب الانتباه إلى الأطعمة الغنية بالنحاس والتي تضم بالدرجة الأولى اللحوم الحمراء والبقوليات والشوكولا والمحار، حيث أنّ تناول هذه الأطعمة بكثرة يزيد من شدة وتفاقم الأعراض.

الأعراض:

أظهرت دراسةٌ ألمانية أنّ الأعراض الكبدية تظهر باكراً، أما في حال ظهورها متأخرة فهي غالباً ما تترافق مع أعراضٍ عصبية، ويتراوح مجال الإصابة بالمرض بين 3 سنوات إلى 70 سنة، وغالباً ما يتحسن المريض بعد عملية زراعة الكبد.

الأعراض الكبدية:

يتظاهر الاختلال الكبدي الوظيفي لدى أكثر من 50% من المرضى، ويوجد ثلاثة نماذج من الإصابة:

- التهاب الكبد المزمن الفعال.

- تشمع الكبد (وهو الأشيع).

- فشل كبدي مفاجئ.

أما أعراض الفشل الكبدي المفاجئ فهي:

- حبن ( تجمع سوائل في جوف البطن) وبروز أوردة البطن تحت الجلد.

- وحمة عنكبوتية Spider nevi وهي بقعٌ حمراء دقيقة مع خطوطٍ مرتفعةٍ مكونة من أوعية دموية دقيقة تتفرع من المركز لتشبه بذلك أرجل العنكبوت.

- حُمامى راحية Palmar erythema وهي احمرارٌ يصيب راحة اليدين خاصةً، وغالباً ما تنتج عن تشمع الكبد.

- تعجّر الأصابع Digital clubbing وهو زيادة سماكة الجلد تحت أظافر اليدين أو القدمين ما يجعل شكل الإصبع مشابهاً للعصا المستخدمة في قرع الطبول.

- إقياءات دموية.

- يرقان.

كما ستترافق الأعراض الكبدية مع تظاهراتٍ عصبية وخاصةً في حال تطور الإصابة إلى تشمع الكبد. والعرَض العصبي الشائع هو ارتعاشٌ أو رجفة غير متناظرة تتفاوت شدتها وفقاً لوضعية المريض، ومن الأعراض المألوفة نذكر:

- صعوبة في الكلام.

- فرط إفراز اللعاب.

- رنَح (فقد الانتظام والتوجه في الحركة أو حركات وخطوات غير منتظمة).

- تقلبات في الشخصية والسلوك.

- حركات يدين غير ملائمة وغير هادفة.

ومن التظاهرات المتأخرة والتي باتت نادرةً بسبب إمكانية التشخيص المبكر والعلاج نذكر:

- الشلل التشنجي.

- نوبات صرعية.

- صلابة في الجلد.

- اضطرابات في حركات الثني.

ومن جهةٍ أخرى، تتظاهر الأعراض النفسية لدى 10-20% من المرضى باضطراباتٍ معرفية وسلوكية وانفصام شخصية، إلى جانب تدهور الحالة العاطفية والنفسية لدى المريض.

المظاهر العضلية الهيكلية:

- اعتلالٌ مفصلي انحلالي يشبه داء الفصال العظمي، وخاصةً في مفاصل العمود الفقري والركبة والمرفق والورك. كما شُخّص التهاب العظم والغضروف التسلخي Osteochondititis dissecans وتلين غضروف الرضفة وكُلاس الغضاريف Chondrocalcinosis. ويُذكر أنّ أغلب الأعراض المفصلية تظهر عادةً بعد سن ال20 من العمر.

التظاهرات البولية والدموية:

- فقر دم انحلالي في بعض الحالات.

- حصيات بولية.

- بيلة دموية (أي خروج للدم أو الكريات الحمراء الدموية مع البول).

ومن التظاهرات الإضافية:

- شذوذات هيكلية: هشاشة عظام، تلين عظام، كُساح، كسور عفوية.

- شذوذات قلبية: اضطرابات نظم.

- تصبغ جلد وازرقاق في قاعدة الأظافر.

وأهم الأعراض التي تُفيد أيضاً في تشخيص الحالة حلقات كايزر-فلايشر Kayser-Fleischer rings والتي تظهر في الغشاء القاعدي على حواف القرنية نتيجة ترسب النحاس، ويتدرج لونها بين الأخضر الذهبي والبني، وغالباً ما نرى الحلقات الكاملة التشكل بالعين المجردة أو بمنظار للعين بتكبير +40. وفي حال لم تظهر بشكلٍ واضح يمكن تطبيق اختبار تنظير الزاوية العينية gonioscopy. وتُلاحظ هذه الحلقات لدى 90% من المرضى، وغالباً لدى المصحوبين بأعراضٍ عصبية. إلا أنها لم تعد علامة فارقة لمرضى ويلسون رغم إمكانية استخدامها في التشخيص نظراً لارتباطها بالأعراض العصبية، والتي من الممكن أنْ تظهر لدى مرضى اضطرابات الركود الصفراوي المزمن أيضاً.

العلاج:

تفيد الأدوية الخالبة للنحاس مثل بنسيلامين penicillamine و ترينتين trientine في طرح النحاس الزائد من العضوية، ولكن يمكن للأعراض العصبية أنْ تتفاقم مع استخدامها المديد. وقد تضطرنا الحالات الشديدة والمتفاقمة للجوء إلى إجراءات جراحية كالتحويلة (shunt) البابية الكبدية عبر الوداجي TIPS لتخفيف ضغط الوريد الوداجي، والذي يتسبب في حال ارتفاعه الشديد بتشكيل دوالي مري نازفة. ومن الخيارات الجراحية زراعة الكبد في المراحل المتقدمة.

ولا بد من التنويه إلى أهمية علاج الأعراض حيث تُستخدم مضادات الفعل الكوليني ومضادات GABA وليفودوبا levodopa كأدوية لعلاج الأعراض الباركنسونية parkinsonism وخلل التوتر dystonia .

كما يجب اللجوء إلى مضادات الصرع لعلاج النوبات المرضية ومضادات الذُهان لعلاج الأعراض النفسية.

كما ُيعالج الاعتلال الدماغي الكبديhepatic encephalopathy بحاصرات البروتين واللاكتولوز.

(تحذير:

الأدوية المذكورة في النص لأغراض تثقيفية. ويمنع استعمال أي دواء إلا بعد اللجوء للطبيب المختص.)

المصدر:

هنا