الطب > السرطان

تقنيةٌ جديدةٌ تفتحُ نوافذَ الأملِ أمام مرضى السرطان

من المعروف أنّ الأورام الخبيثة تتميّزُ بإحداثها للنّقائل السرطانية Metastases، وهي كتلٌ ورميّةٌ لا تقلُّ خباثةً عن الورم البدئي يمكنها أنْ تنتشرَ في جميع أنحاء الجسم وتصيب أيّ عضوٍ فيه، ففي الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها، يتمّ تشخيص ما لا يقل عن مئة ألف إصابةٍ بنقائل دماغية سنوياً. تتم معالجة هذه النقائل بالجراحة متبوعةً بالعلاج الكيميائي، إلا أنّ الورم غالباً ما يعود، والنكس شائعٌ بعد هذا العلاج.

لكن هناك دراسةٌ جديدةٌ أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، بالتعاون مع مستشفى بريغهام وجامعة جونز هوبكنز، أظهرت أنّه يمكن زيادة نسبة الشفاء وتقليل خطر النكس إذا ما تمكنا من إيصال العلاج الكيميائي إلى التجويف الدماغي مباشرةً أي حيث تتوضع الكتلُ الورميةُ. فمن خلال التجاربِ على الفئران، وجد الباحثون أنّ فعالية عقار Temozolomide) TMZ)، المُستخدمُ لعلاجِ الأورامِ، يمكنُ زيادتُها بشكلٍ كبيرٍ إذا تم وضعه في كبسولاتٍ صغيرةٍ وزرعُها داخل الجمجمة، والأمر نفسه يمكن تطبيقه على الإنسان، وذلك وفقاً للبروفسور Michael Cima، أحد كبار مؤلفي الدراسة في معهد MIT.

لنتعرف أكثر على تفاصيل الدراسة كما أوضحها الدكتور سيما...

إنّ النقائلَ الورميةَ حساسةٌ للعلاج الكيميائي، لكنّ إعطاءَه جهازياً يقللُ من فعاليته لأن النّسيج الدماغي لا يتلقى في هذه الحالة الكميةَ الكافيةَ من الدواء ولمدةٍ كفيلةٍ بإحداثِ الأثر المطلوب، فإذا استطعنا حقنَ الدواء موضعياً سنتمكن من قتل عددٍ أكبرَ من الخلايا الورمية.

حيث يتمُّ عادةً حقنُ الأدوية الكيميائية وريدياً مما يتطلّب كميةً أكبرَ من الدواء لضمان وصول المقدار الكافي إلى النسيجِ أو العضوِ المصابِ، لكن في هذه الحالة سيعاني المرضى من آثارٍ جانبيةٍ عديدةٍ. وقد طورَ الأطباءُ أساليبَ أخرى لإيصال العلاج الكيميائي كحقنه مباشرةً في التجويف البطني في حالة سرطان المبيض، على سبيل المثال، وعلى الرغم من الفعاليةً الكبيرة التي أظهرتها هذه الطريقة في قتل الأورام، بقي تطبيقها محدوداً بسبب الحاجة إلى إبقاء القثطرة في بطن المريض لمدةٍ لا تقل عن 12 أسبوعاً، وهو أمرٌ مزعجٌ للغاية بالنسبة للمرضى.

ما الجديد في تلك التقنية إذاً؟

يعمل مختبر د.سيما على إيجاد طرقٍ جديدةٍ وفعالةٍ في علاج الأورام وخاصةً سرطانات المبيض والدماغ وأمراض المثانة، وذلك من خلال زرع كبسولاتٍ صغيرةٍ للغاية مصنوعةً من بوليمرات الكريستال السائل، تحتوي على 1.5 مل من الدواء، ويتسرب الدواء منها عبر ثقبٍ مجهريٍّ.

يُذكر أنّ الباحثين قاموا باختبارعقارين كيميائيين في التجربة على فئران زُرعت في أدمغتها نقائلَ ورمية، أولهما TMZ الذي يعدُّ الدواء الأول والأساسي لعلاج الأورام الدبقية والنقائل الدماغية، والآخر هو Doxorubicin الذي شاع استخدامه لعلاج سرطان الثدي، الذي غالباً ما يعطي نقائل إلى الدماغ.

نتائج التجربة:

إنّ فعالية TMZ عند إيصاله مباشرةً إلى مكان الورم تفوق بكثير فعاليته عندما يُحقن وريدياً، وهذا ما تحدثنا عنه مسبقاً، إلا أنّ النتيجة كانت معاكسةً بالنسبة للدواءِ الآخرِ، حيث أعطى حقن Doxorubicin وريدياً نتيجةً أفضلَ بكثيرٍ من إيصاله المباشر. وقد تم تفسير هذا التناقض بأن الدواء السابق لا يستطيع اجتياز مسافةٍ كافيةٍ عند زرعه في الكبسولات، وعادةً ما يتحطم قبل بلوغه النسيج المصاب، وبالتالي لا يُمكن تجاهل الخصائص المتفاوتة والمتناقضة للأدوية لأنها تلعب الدور الأكبر في اختيار طريقة إعطائها.

نأمل في النهاية أن تتمكن هذه الطريقة من إنقاذ حياة الكثير من المرضى، لكونها تخطّت العقبة الأساسية أمام علاج الأورام الدماغية، ألا وهي اجتيازُ الحاجز الدموي الدماغيThe Blood-Brain Barrier ، الذي يمثل العائق الأكبر أمام الأدوية.

وفي الختام يضيف د.سيما: " على الرغم من وجود الكثير من العقبات والصعوبات أمام تطوير طرقٍ كهذه، إلا أننا سنستمر في المحاولة خاصةً وأنّ السرطانات الأكثر شيوعاً، كسرطان الثدي والرئة، غالباً ما تعطي نقائل للدماغ، ولن يقف الأمر عند هذا الحد، بل سنحاول أيضاً استخدام هذا المنهج لإيصال الأدوية للأنسجة المتضررة في الكثير من الأمراض العصبية والنفسية الأخرى."

المصدر:

هنا

مصدر الصورة:

www.shutterstock.com