البيولوجيا والتطوّر > علم الجينات

تاريخ الإرث الوراثي الهائل لجنكيز خان وجيوكانغا

جنكيز خان القائد المنغولي الشهير ورث لأحفاده الصفات ذكورية موجودة على صبغي الذكورة Y. ولكنه لم يكن الوحيد في توريث مثل هذه الصفات.

حيث يوجد ملايين من الرجال الذين يحملون مورثات جينية ورثوهاعن جنكيز خان ذلك القائد المنغولي المشهور الذي توفي عام 1227 وعرف بخصوبته الشديدة. وأدرك الباحثون أن هناك عشرة رجال آخرين ماتزال قدراتهم الوراثية مستمرة في المجتمعات البشرية حتى يومنا هذا . حيث بدأ فريق البحث بدراسة النقاط والعوامل السياسة والإجتماعية التي شجعت على انتقاء مثل هذه السلالات الوراثية. على الرغم من أن هوية هؤلاء الرجال الذين ماتزال بصمتهم الوراثية تستمر حتى الآن ما تزال غير معروفة.

في حالة جنكيز خان وموروثه الجيني، كان هناك دراسة نشرت من قبل كريس تيلور سميث . خبير الوراثة التطورية في معهد هينكستون، والذي أكتشف أن حوالي 8% من الرجال في 16 مجتمع على امتداد آسيا ( و 0.5% على مستوى العالم) لديهم تقريباً نفس التتابع الوراثي لصبغي الذكورة Y، وإن التباين الحاصل في مادتهم الوراثية قد يكون ابتدأ قبل 1000 سنة في منغوليا.

يقول مارك جوبلينغ في آخر دراساته : قد نعزو ذلك على أن جنكيز خان كان أب للمئات من الأولاد وبالتالي فإن كرومزم الذكورة الخاص به كان هو الوحيد في شجرة العائلة الكبيرة التي خلفها وبسبب ذلك فقد تدفقت صفاته الذكرية خلال عدد كبير من الأجيال التي انتشرت في مناطق جغرافية واسعة ناشرة جينات جنكيز خان المنافسة.

يستطرد جوبلينغ بالقول، بأن هناك الكثير من الرجال الذين لديهم الكثير من الأولاد الذكور بالصدفة، ولكن قد يكون من غير الطبيعي احتمالية أن يكون لهؤلاء الأولاد الكثير من الأبناء أيضاً . فإن وجود مثل هذا التوريث الناجح للسلالة يجب أن يترافق بنظام اجتماعي يسمح لهؤلاء الرجال صاحبي القدرة العالية على الإنجاب أن يتزوجوا مع عدد كبيرا من النساء وإنجاب أعداد كبيرة من الأطفال.

بالإضافة لجنكيز خان وأحفاده الذكور ، قام الباحثون باكتشاف إثنين آخرين من المؤسسين لتوريث ناجح للصبغي الذكري الخاص بهما على مر الأجيال. الأول ابتدأ في الصين من خلال القائد جيوكانغا الذي توفي في عام 1582. والذي انتشرت سلالته من خلال سلالة تشينغ(حيث أنه كان أحد القُوَّاد التي تعمل لسلالة تشينغ). أما الثاني من إحدى سلالات القرون الوسطى في إيرلندا.

قام جوبلينغ وفريقه بعمل بحث وراثي ممنهج للمؤسسين لهذه السلالات من خلال تحليل الصبغي الذكوري لأكثر من 5000 رجل ينتمون إلى 127 مجتمع على امتداد آسيا. واستطاع الفريق من تحديد التتابع الوراثي لــ11 صبغي Y. كل واحد من هذه الصبغيات كأن مشتركأ بين أكثر من 20 رجل من 5321 رجل الذين تمت دراسة جينوماتهم(كامل مادتهم الوراثية). وقد قام الباحثون باستخدام الاختلافات الحاصلة في المادة الوراثية الحاصلة بين التتابعات الوراثية المتشابهة، حيث يعزى الباحثون حدوث هذه الاختلافات عن طفرات عشوائية حدثت وتراكمت على مر السنين، استخدموا هذه الاختلافات لتحديد الزمن الذي عاش فيه المؤسسون لهذه السلالات، وإعادتها للمنطقة الجغرافية التي نشأت منها على فرض أن المؤسس لهذه السلالات عاش في منطقة كان تركيبه الوراثي هو الأكثر سيادة بسبب الظروف والقوانين الاجتماعية التي سمحت له بذلك.

قام فريق جوبلينغ بنشر هذه النتائج بالمجلة الأوربية لوراثة الإنسان موضحين أن هناك عشرة من هذه السلالات القوية التي نشأت في آسيا من الشرق الأوسط وحتى جنوب شرق آسيا خلال الفترة من 2100 قبل الميلاد وحتى 700 ميلادي . ومع ذالك فقد حذر جوبلينغ أن هناك هامش كبير للخطأ في هذه الدراسات . ومع ذلك فقد أشار أن الدرسات الخاصة بجنكيز خان و جيوكانغا قريبة جدا من الدراسات التي حدثت في السابق.

وراثة القدرة الخارقة:

تشير الدراسات أن المؤسيين لهذه السلالات قد عاشوا بين 2100و 300 قبل الميلاد وقد تواجدوا في المجتمعات الزراعية المستقرة والمجتمعات التي تعتمد على الترحال المستمر على امتداد الشرق الأوسط والهند وجنوب شرق آسيا وحتى آسيا الوسطى. وقد توافقت تواريخ وجودهم مع ظهور مجتمعات الممالك في أسيا خلال العصر البرونزي. كالبابليين على سبيل المثال. وقد أشارت الدراسات انها هناك ثلاثة حوادث توريث للجينات الذكورية وقد ارتبطت بالمجموعات المرتحلة في شمال شرق أسيا( الصين ومنغوليا) وتشمل هذه الحالاتُ المورثاتِ المرتبطةَ بجنكيز خان و جيوكانغا. بالإضافة للتوريث الذي حدث حوالي العام 850 ميلادي.

ومن الواضح أن حوادث التوريث الثلاثة التي ذكرناها قد يكون امتدادها على طول طريق الحرير والطرق التجارية. حيث سجل المؤرخون سلسلة من الممالك الحاكمة داخل أسيا ما بين 200 قبل الميلاد والقرن العشرين الميلادي، مثل مملكة تشينغ في الصين. وهنا يقول جوبالينغ: قد تكون هذه الممالك تملك القدرة العالية على توريث الجينات الذكورية من خلال الآباء أصحاب القدرة العالية(الذين يتمتعون بالخصوبة والقدرة على التزاوج مع عدد كبير من النساء) ومن ثم قام الأبناء بالإنفصال عن هذه الممالك وتأسيس ممالك جديدة وشكلوا بدورهم آباءً للأحفاد.

وقد قام الباحثون بتحديد العديد من المرشحين الذين عاشوا حتى عام 850 ميلادي ولكنهم بحاجة إلى المزيد من البحث لاستكمال الدراسة على المادة الوراثية لهؤلاء المرشحين او على أحفادهم الذين ماتو منذ زمن طويل الذي قد يقدم برهانا قاطعا.

المصدر

هنا