الفنون البصرية > فن وتراث

الحُليّ زينةُ نساءِ الأرض منذ الأزل

عرفتْ منطقتنا صناعة الحلي منذ القدم فقد كان إنتاج المجوهرات حِرفة رئيسيّة في مناطق البحر المتوسّط ابتداء من الألف الثالث قبل الميلاد، وتحديداً في نهاية عصر البرونز القديم وبداية عصر البرونز الأوسط في سورية، حوالي الألف الثاني قبل الميلاد .

لا تقتصر قيمتها على الناحية الجماليّة والتزينيّة بل لها أيضاً دلالات حضاريّة وثقافيّة، فقد كشفت عمليّات التنقيب في أوغاريت، ماري ، إيبلا، تدمر، حوران، وضفاف نهر الفرات، تنوّعاً كبيراً في الحلي والمجوهرات، حتى أن العالم الفرنسي "كلود شيفر"، الذي ترأّس عمليات التنقيب الأثري في أوغاريت لعدّة سنوات، قد تعجّب من كثرة الحلي المُكتَشفة في هذه المدينة، فهي لم تكن حكراً على النخبة الغنيّة أو الطبقة الحاكمة كما في مصر القديمة بل كانت منتشرة بين جميع السكان .

وهذا يدلّ على الاهتمام الفنيّ وتطوّر تقنيات صناعة الحلي في سورية وبلاد ما بين النهرين، إضافة إلى تمتّع السكّان بمستوى اقتصادي جيّد يسمح لهم باقتناء المجوهرات والتزيّن بها

من الجدير بالذكر أن بعض قطع الحلي المُكتَشفة في عدّة مواقع أثريّة زُيّنت بأنواع متعدّدة من الحجارة الكريمة التي يعود أصلها لمناطق مختلفة من العالم، مما يدلّ على سعة التبادل التجاري بين الهلال الخصيب والبلدان الأخرى في تلك العصور البعيدة .

حجر الدّمْ - استخدمه البابليّون كحرز للحماية من الأعداء

بدءاً من النصف الأخير من الألف الثالث قبل الميلاد بدأت تظهر تقنيات معقّدة في صناعة الحلي مثل اللِّحام والزخرفة بالحرارة، تساعد في جمع العناصر وتشكيلها بأشكال فنيّة، ولكنّها تتطلّب معرفة دقيقة بالصفات الفيزيائيّة للمعادن المستخدمة وضبط مدروس لدرجات الحرارة أثناء عمليات الصهر واللِّحَام، ومن الواضح أن هذه المعارف لم تكن غائبة عن حرفيّي تلك الحقبة لأن بعض القوالب المُكتشفة في أوغاريت وأور، والتي كانت تستخدم لصناعة الحلي، حملت أشكالاً فنيّة مختلفة كالشمس ووريقات الورود والخنفساء المصريّة، وثمرة الرّمان .

أما المواد المستخدمة في الصناعة فلم تقتصر على الذهب والفضة، إنّما ضمّت أيضاً البرونز والعاج والحجارة نصف الكريمة والمواد الزجاجية والطين المشوي ( الفخّار ) والقواقع .

حُليّ منسوبة للملكة السومريّة بو-آبي

اختلفتْ تقنيّات وطرق الصناعة لكن فكرتها الأساسيّة تعتمد على صهر الذّهب أو الفضّة "أو أي معدن مناسب آخر" وتحويله إلى سائل، ثم سكبه في قوالب مقاومة للحرارة، ثم تبريدها على سطح ماء بارد فيبرد المعدن ويتكتل، بعد ذلك يتم طرقه إلى أن تتكوّن صفائح عريضة ورقيقة تقطّع وتشكّل حسب الغرض المراد تصنيعه، سواء كان للاستخدامات النسائيّة التقليديّة كالأساور والخواتم والأقراط، أو زينة للسيوف والخناجر والعصي .

بعد الحصول على الشكل العام للحلية المراد تصنيعها يتم تجميلها بأساليب مختلفة كالتفريغ والتكفيت الذي يعتمد على تثبيت أسلاك من الذهب على رقائق ذهبيّة لتشكيل زخارف دقيقة، ويمكن أن تطعّم بأحجار كريمة أو زجاج ملون .

والتّحبيب الذي يتم بتشكيل كرات صغيرة جدّاً من الذّهب ثم لحمها على رقائق ذهبيّة لتكوين أشكال نباتيّة وحيوانيّة وزخارف مختلفة ...

حُليّ للشعر مصنوعة بتقنية "التكفيت"

مُلاحظة : صورة تصميم المقال ، هي صورة للزّينة الكاملة للملكة بو - آبي .

المصادر :

هنا

هنا

مصدر الصور :

هنا