علم النفس > القاعدة المعرفية

الاكتئاب 4: العلاج الإدراكي السلوكي.

الكثير من الناس يسمعون عن العلاج المعرفي السلوكي الذي يتم في العيادات النفسية من قبل بعض الأخصائيين أو الأطباء النفسيين، ولكن ما هو العلاج المعرفي السلوكي؟ وما هي المبادئ التي يقوم عليها؟

العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavioral Therapy):

تمارس طريقة العلاج السلوكي المعرفي اعتماداً على فرضية أن مزاج المريض مرتبط بنمط تفكيره، حيث يؤثر التفكير السلبي والمعتقدات الخاطئة على كلّ من مزاج الشخص، نظرته لنفسه، تصرفاته، وحتى حالته الفيزيولوجية. يهدف العلاج الإدراكي السلوكي إلى مساعدة المريض على تمييز أنماط التفكير السلبي و استبداله بطريقة تفكير صحية أكثر، و في نفس الوقت يهدف المعالجون النفسيون الذين يمارسون العلاج السلوكي المعرفي إلى مساعدة مرضاهم لأن يغيروا نمط التصرفات الناتج عن معتقداتهم المغلوطة، أي محاولة تعديل السلوك من خلال التأثير في عمليات التفكير.

يعرّض التفكير السلبي الشخص للاكتئاب و يجعل من المستحيل الهرب منه، وتأتي أهمية هذه الطريقة من حقيقة أن تغيُّر الأفكار والتصرفات يؤدي إلى تغيُّر المزاج، تبعاً للباحثين و الأخصائيين.

- كيف يختلف العلاج السلوكي المعرفي عن باقي علاجات الاكتئاب؟

يعتمد (CBT) على مهمتين رئيسيتين:

1- إعادة البناء المعرفي ‘cognitive restructuring’ والذي يتعاون فيه كل من المريض والمعالج على تغيير نمط التفكير الخاطئ.

2- التفعيل السلوكي ‘behavioral activation’ حيث يتعلم المريض أن يتغلب على الصعوبات السلوكية و أن يجد نشاطات بناءة.

يستخدم المعالج بطريقة العلاج السلوكي المعرفي تجارب تعليمية منظمة تساعد المرضى على مراقبة و تسجيل أفكارهم السلبية وتصوراتهم ومعرفة كيف تؤثر هذه الأفكار على مزاجهم، تصرفاتهم، وحالتهم الجسدية حيث يعلّم المعالج المريض مهارات التأقلم، كحلّ المشكلات والتخطيط لتجارب ممتعة.

- من يستطيع أن يستفيد من العلاج السلوكي المعرفي؟

كل شخص يعاني من اكتئاب خفيف أو متوسط يمكن أن يستفيد من هذا العلاج حتى دون أخذ أدوية حيث أظهرت بعض الدراسات أن هذا العلاج يملك على الأقل فعالية مكافئة لفعالية مضادات الاكتئاب في علاج الاكتئاب الخفيف و المتوسط و أظهرت دراسات أخرى أن استخدام مزيج من مضادات الاكتئاب و (CBT) فعّال لعلاج الاكتئاب الكبير، كما وجد انه يساعد على تقليل الانتكاسات التي يمكن أن تحصل عند استخدام علاجات اخرى.

يحدّد الأخصائيون نمط الأشخاص الأكثر استجابة لهذا العلاج بأنهم الأشخاص الذين يملكون القدرة على التفكير الذاتي والاستبطان (التأمل الباطني).

1- ما المقصود بإعادة البناء المعرفي؟

يقصد بإعادة البناء المعرفي العمليات التي تهدف إلى معرفة و تغيير الأفكار السلبية غير الدقيقة التي تساهم بتطور الاكتئاب، و يتم ذلك بشكل مشترك بين الطبيب و المريض غالباً على شكل حوار.

كمثال على ذلك يمكن لطالب جامعي أن يرسب بمادة الرياضيات ويشير إلى ذلك بقوله: "ذلك يثبت أنني غبي" يمكن أن يسأل المعالج إن كان الغرض من الامتحان هو إثبات ذكاء المريض ليساعده على معرفة أن تفكيره لم يكن دقيقاً، يمكن للمعالج أيضاً أن يسأل عن محصلة المريض بالرياضيات وإن أجاب أنها جيدة مثلاً يشير المعالج إلى أن ذلك بأنه دليل على أنه ليس غبياً فلا يمكن أن يكون غبياً و يحصل على هذه الدرجة. "ذلك يثبت أنني غبي" هو مثال على الأفكار التلقائية التي يفكر بها المصاب بالاكتئاب، من الأمثلة الأخرى عن هذه الأفكار: - التفكير الدائم أن الأسوء سيحصل، فيمكن أن يقنع الشخص نفسه أنه سيخسر عمله لمجرد أن رئيسه في العمل لم يتكلم معه في ذلك اليوم أو سمع إشاعة غير مثبتة بأن قسمه سيتخلى عن بعض الموظفين. - أن يلقي اللوم على نفسه حتى لو لم يكن له علاقة بالامر السيء الذي حصل، فإن لم يقم الشخص بالرد على اتصاله يمكن أن يظن أن ذلك يعود لكونه شخصاً غير محبوب.

2- ماهو التنشيط السلوكي؟ يهدف التنشيط السلوكي إلى مساعدة المريض على الانخراط أكثر بنشاطات مسلية وتطوير مهارات حل المشكلات فتعتبر العطالة (الكسل) مشكلة كبيرة عند مرضى الاكتئاب، حيث يعتبر توقف المريض عن القيام بالنشاطات التي كان يحبها سابقاً من الأعراض الرئيسية للاكتئاب، فيرى بأنه لا جدوى منها مما يزيد من سوء حالته. يساعد المعالج المريض على الاشتراك بتجارب مسلية مع تسجيل هذه التجارب، شعور المريض خلالها و الظروف المحددة التي حصلت فيها، فإن لم تكن نتيجتها كالمتوقع، يشجع المريض ليعرف السبب و ما الذي يمكن أن يفعله ليغير ذلك، فالقيام بما يساعد على ايجاد حل ايجابي يساعد المريض على الخروج من حالة الجمود التي تعرقله و تسجهنه في اكتئابه. تدوم جلسات العلاج السلوكي المعرفي عادة بين 14-16 اسبوعاً و يحتاج المريض حوالي ال8 أسابيع ليصبح قادراً على ممارسة المهارات التي تعلّمها خلال الجلسات، ويلاحظ خلال ذلك انخفاض بالأعراض التي يعاني منها. ختاماً، نتمنى أن تكون هذه السلسلة قد عادت عليكم بالفائدة وأغنت معرفتكم حول مرض الاكتئاب، فالاكتئاب مرض نفسي جدي يستلزم التوعية والإرشاد، كما لا نستطيع أن نؤكد كفاية على أهمية العلاج والاستشارة النفسية الاختصاصية وأن اللجوء الى الطبيب المختص لا يجب أن يكون شيئاً مرفوضاً اجتماعياً بل ضرورياً وأساسياً

المصادر:

هنا

مصدر الصورة:

هنا