علم النفس > القاعدة المعرفية

التأمل: حقيقته، ومنافعه.

في اللحظة التي تجلس فيها بالوضعية الهندية، حيث تضع ذراعيك على الجانبين، وتضم الإبهام والسبابة لتشكل الإشارة المعروفة ب (om)، يبدأ عقلك، وجسدك وروحك بالتحول كما يزعم.

لطالما كان التأمل نشاطاً يمارَس منذ آلاف السنوات لأجل تعزيز الصحة الجسدية والروحية والعاطفية، ولكن كيف يؤثر بالضبط على الجسم؟ أظهرت نتائج الدراسات الفوائد العديدة للتأمل، بما في ذلك القدرة على محاربة (ولكن ليس شفاء) بعض الأمراض، وزيادة التعاطف، وحتى أنها تؤدي إلى تغييرات مادية في الدماغ.

يبدأ التأمل في الدماغ، بزيادة في النشاط العصبي داخل مناطق مرتبطة مباشرةً بانخفاض القلق والاكتئاب، وأيضاً في رفع العتبة العليا للألم. فخلال التأمل يتحول الدماغ من الحالات النشطة الى الحالة الحيادية له، حيث يكون العقل في وضع الراحة - غير مركزاً على العالم الخارجي، وقد وجد أن ذلك يحسن كلاً من الذاكرة، والوعي الذاتي، وتحديد الأهداف لدى الأفراد.

في هذه الحالة الحيادية ولكن النشيطة في نفس الوقت، يبدأ الدماغ بالخضوع لتغيرات مادية، فقد أظهرت دراسة نشرت عام 2011 ضمن مجلة " Psychiatry Research" باستخدام التصوير العصبي أنه يستغرق التحسن الملحوظ في الدماغ مدة تصل إلى شهرين للظهور، فالأشخاص الذين شاركوا في برنامج للتأمل لمدة ثمانية أسابيع، كانت المادة الرمادية لديهم أكثر كثافة في المناطق المرتبطة بالتعلم ومعالجة الذاكرة والتنظيم العاطفي. كما أن منطقة اللوزة الدماغية التي تتعامل مع الإجهاد وضغط الدم والخوف، أظهرت تراجعاً في المادة الرمادية.

شاهد الفيديو هنا.

بما أن التأمل ذو تأثير هام على الدماغ، والدماغ يتحكم بك كلياً، فإنه يمكن للتأمل أن يحمي جسدك عندما يكون أكثر قابليةً للمرض. فوفقاً لدراسة نشرت في مجلة "Psychosomatic Medicine" أعطي خلالها فيروس الإنفلونزا لكل من الأعضاء المتأملين وغير المتأملين، أظهرت النتائج أن المتأملين لديهم قدرة على إنتاج عدد أكبر من الأجسام المضادة مما رفع من قوة الوظيفة المناعية لديهم. بالإضافة الى ذلك أيضاً، تبين أنه من الممكن أن التأمل قد يؤدي لتغيرات على المستوى الخلوي، فقد ظهرت لدى المتأملين زيادة في طول التيلومير "telomere" * والذي قد يرتبط زيادة طوله مع انخفاض احتمال الإصابة بأمراض معينة، كأمراض القلب والشرايين والسكري والزهايمر والسرطان.

لا تقتصر فوائد التأمل على العقل والجسم، ولكن تمتد لتشمل فوائد على المستوى الروحي أيضاً. حيث يمكن أن يساعد الأشخاص ليصبحوا أكثر تعاطفاً، كما يميل المتأملون إلى اظهار نشاط دماغي على شكل موجات ألفا، المعروفة بتقليل المشاعر السلبية والتوتر والحزن والغضب.

قد يكون التأمل بوابتك لعيش نمط حياة صحي، إلا أنه لا يمكن أن يكون بديلاً عن المشورة الطبية الأخرى لاتباع أسلوب حياة صحي. فنحن لا نريدك أن تنهي المقال معتقداً أن التأمل سيعالج السرطان، ولكن كما أن الذهاب للنادي الرياضي يقوي العضلات، التأمل هو طريقة لتدريب الدماغ والعقل على فوائد صحية إضافية. ألم يحن الوقت لتبدأ بالتأمل؟

المصادر:

هنا

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا