الفيزياء والفلك > علم الفلك

التأثيرات الكبيرة لانفجارات السوبرنوفا الصغيرة

في هوليوود غالبًا ما تكون التفجيرات من أهم الأحداث في الأفلام. أما في الفضاء فانفجارات النجوم الحقيقية هي محطَّ أنظار العلماء الذين يأملون الوصول لفهمٍ أفضل لولادة النجوم وحياتها وموتها وكيف تتأثر بشكل متبادل مع جوارها المحيط.

درس الفلكيون بالاستعانة بمرصد تشاندرا للأشعة السينية التابع لوكالة الفضاء والطيران الوطنية اﻷمريكية NASA أحد هذه الانفجارات التي يمكن أن تزودنا بتلميحاتٍ حول القوى الفاعلة في الانفجارات النجمية الأعنف. ووجه فريقٌ من الباحثين التلسكوب نحو بقايا انفجار السوبرنوفا المعروف بإسم GK Persei الموجود في كوكبة فرساوس. اكتسب GK Persei أهميةً خاصةً بالنسبة للفلكيين في عام 1901 عندما ظهر فجأة نجمًا لامعًا في كبد السماء لبضعة أيام، قبل أن يخبو تدريجيًا. يستشهد الفلكيون اليوم بهذا الجرم على اعتباره مثالًا عن "المستعرات التقليدية" أو ما سندعوه أيضاً بانفجارات النوفا "Nova"، وهي الاندفاعات الناتجة عن الانفجارات الحرارية النووية على سطح نجمٍ قزمٍ أبيض، الذي هو بدوره البقايا الكثيفة لنجمٍ شبيه بالشمس.

يمكن أن ينشأ المستعر أو انفجارات النوفا عندما تجذب قوة الثقالة الشديدة لقزمٍ أبيض المادة من النجم المرافق الذي يدور حوله. تتكون هذه المادة في معظمها من غاز الهيدروجين، وعندما تتجمع كميةٌ كافيةٌ منها على سطح القزم الأبيض يمكن أن تبدأ تفاعلات الاندماج النووي وتشتد لتصل حد انفجار قنبلة هيدروجينية ذات أبعاد هائلة. تُقذف الطبقات الخارجية للقزم الأبيض بعيدًا مولدةً ثوران المستعر الذي يمكن مشاهدته لمدة أشهر أو حتى سنوات تبقى فيها المادة تتمدد في الفضاء.

يمكن اعتبار المستعرات التقليدية أو انفجارات النوفا هي النسخة المصغرة من انفجارات المستعرات الفائقة أو السوبرنوفا. انفجارات السوبرنوفا هي دلالة على انفجار النجم بشكل كامل، ويمكن أن تكون لامعةً إلى حد أنها تضيء المجرة الموجودة فيها بأكملها. تتمتع انفجارات السوبرنوفا بأهميةٍ بالغةٍ للبيئة الكونية ﻷنها تنشر كمياتٍ هائلةٍ من الطاقة في الغاز بين النجمي (أي الغاز الموجود بين النجوم) كما أنها مسؤولةٌ عن نثر عناصر كالحديد والكالسيوم والأوكسجين في الفضاء، الأمر الذي يتيح لهذه العناصر فرصة المشاركة في تكوين أجيالٍ جديدةٍ من الكواكب أو النجوم.

على الرغم من أن بقايا انفجارات السوبرنوفا كتلتها أكبر وتحمل طاقة أكثر من انفجارات النوفا التقليدية إلا أن بعض المبادئ الفيزيائية التي تخضع لها هي نفسها في الحالتين. فكلاهما يستلزم انفجارًا وتشكيلًا لموجة صدم تنتقل بسرعات تفوق سرعة الصوت في الغاز المحيط المجاور. إلا أنه كلما كانت الطاقة والكتلة الخاصتين بانفجار النوفا أقل كلما كان تطور البقايا أسرع. ويضاف إلى ذلك ارتفاع تواتر حدوثها مقارنةً مع انفجارات السوبرنوفا، هذه العوامل تجعل انفجارات النوفا التقليدية أهدافًا مهمةً لدراسة الانفجارات الكونية.

المرة الأولى التي رصد فيها تلسكوب تشاندرا GK Persei في شباط من عام 2000 وبعدها في تشرين الثاني 2013 كانت المرة الثانية. يزود هذا الامتداد الزمني الفلكيين بالوقت الكافي لملاحظة الاختلافات البارزة في انبعاثات الأشعة السينية وخصائصها.

تتضمن الصورة الجديدة لـ GK Persei بياناتٍ مأخوذةً بالأشعة السينية، وتبدو في الصورة باللون اﻷزرق وبياناتٍ بالضوء المرئي من مقراب هابل الفضائي التابع لوكالة الفضاء والطيران الوطنية NASA، وتظهر في الصورة باللون الأصفر، وبيانات الأمواج الراديوية المأخوذة من مرصد مصفوفة التلسكوبات الراديوية الكبيرة جدًا Very Large Array التابع لمؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، (تظهر في الصورة باللون الزهري). تُظهر بيانات الأشعة السينية وجود غازٍ ساخن أما بياناتُ الأمواج الراديوية تظهر وجود انبعاثاتٍ صادرةً عن الإلكترونات المُسرَّعة إلى طاقاتٍ عالية بسبب موجة الصدم الناتجة عن انفجار النوفا. في حين تُظهر بيانات الضوء المرئي وجود تكتلات من المادة قُذفت نتيجة للإنفجار. أما طبيعة مصدر الضوء الشبيه بالنقطة الموجود في الزاوية اليسرى السفلى فغير معلوم.

على مدى السنوات التي تغطيها بيانات تشاندرا انتشر حطام الانفجار في الفضاء بسرعةٍ بلغت 700 ألف ميل في الساعة (أي حوالي 1127 ألف كيلو متر بالساعة) أي أن موجة انفجار انتشرت لمسافة حوالي 144 مليار كيلومتراً خلال هذه الفترة.

إحدى الاكتشافات الآسرة تُظهر أن دراسة بقايا انفجارات النوفا تُعطينا معلومات هامة حول بيئة الانفجار. فقد انخفض سطوع الأشعة السينية الصادرة عن بقايا GK Persei بمقدار 40% على مدى السنوات الثلاث عشرة المنقضية بين الرصدين اللذين قام بهما مرصد تشاندرا، في حين أن درجة حرارة الغاز بقيت ثابتة في حدود مليون درجة مئوية. ويُفترض أنه مع اتساع موجة الصدم وتسخينها للمزيد من المادة فإن درجة الناجمة عن انتشار هذه الطاقة لا بد وأن تتناقص. غير أن انخفاض السطوع وثبات درجة الحرارة يدللان على أن الإشعاع اجتاز كميةً ضئيلةً من الغاز أثناء مروره في البيئة المحيطة بالنجوم خلال هذه السنوات الثلاث عشرة الماضية. مما يعني أن هذه الموجة تنتشر في منطقةٍ أقل كثافةً مما كانت من قبل، الأمر الذي يعطي إشارةً على طبيعة الجوار الذي يقع فيه GK Persei.

المصادر:

هنا

Takei، D.، Drake، J. J.، Yamaguchi، H.، Slane، P.، Uchiyama، Y.، and Katsuda، S.، "X-ray Fading and Expansion in the 'Miniature Supernova Remnant' of GK Persei،" The Astrophysical Journal، 2015، doi:10.1088/0004-637X/801/2/92

هنا