علم النفس > القاعدة المعرفية

رُهاب التحدث أمام الجمهور

استمع على ساوندكلاود 🎧

كشفت العديد من الدراسات الاستقصائية أنَّ الخوف من التكلم أمام حشد من الناس يفوق الخوف من الموت أوالمرض، فهناك ملايين الأشخاص الذين يخافون أن يكونوا محط الأنظار، سواء أكان ذلك خلال التحدث أمام حشد كبير من الناس أم على مائدة عشاء مكونة من أربعة أشخاص . 

Glossophobia هو مصطلح يصف الخوف من التكلم أمام مجموعة من الناس أو رهاب التحدث أمام الجمهور، فهذه الكلمة مكونة من شقين وأصلها من اليونانية؛ glossa تعني اللسان، و phobos وتعني الخوف أو الذعر، فإذا كان لديك قلق قبل، أو أثناء التكلم أمام مجموعة فإنَّ ذلك قد يكون مؤشرًا على أنك تعاني رهاب التحدث أمام الجمهور. 

ولكن قد تتسائل لماذا لا يعاني الجميع هذا الخوف؟ كيف يمكن لبعض الأشخاص أن يقفوا ويتكلموا بكل ثقة أمام حشد من الناس، بينما يفضل آخرون المشي على الجمر بدلًا من ذلك؟ يقول Steve Sisgol: "أظهرت تجربتي كمُدرِّب في التنمية البشرية أنَّ تجربة واحدة غير سارة في الماضي كالتعرض للرفض، للسخرية، أو للتوبيخ أثناء الكلام قد تجعلك تعاني هذا الرهاب". 

فعلى سبيل المثال، سخرية زملائك منك أثناء كلامك قد يكون لها تأثير عاطفي كبير فيك، وآثار هذا الحدث تبقى في الجسم كذاكرة جسدية، وإجهاد عاطفي، وطاقة محبطة وتوتر جسدي، ويمكن أن يؤثر في الشخص على العديد من المستويات عن طريق انتشار أنماط التفكير أو السلوك التي تستمر وتبقى مخزنة في ذاكرتك، فبهذه الطريقة تتمكن الصدمة الماضية من فرض نفسها على الحاضر وتُختبَر مرارًا وتكرارًا في كل مرة تحاول فيها أن تكرر الفعل وتتحدث أمام جمع كبير.

ويضيف أيضًا: لقد توصلت إلى صياغة مصطلح الاعتقادات الفيروسية (Viral Beliefs)، وهي مشابهة في العديد من النواحي للفيروسات الطفيلية التي تسكن وتمرض جسمك أحيانًا، فهذه الفيروسات قد تكون سامة للغاية، ويمكن أن تبقى خاملة حتى تتمكن من توفير بعض العوامل الخارجية لتنشط مرة أخرى. 

وعلى سبيل المثال: قال لي أحد المرضى أنه عندما دُعي للتكلم في مأدبة شركته، أصيب بتعرق بارد، وعندما تعمّقنا أكثر في ذاكرته وجدنا أنَّ هذا الموقف ذكره بصباه، عندما كان عمه يوبخه ويقول "لا تختار المبيعات ولا تتحدث كموظف مسؤول ومهم" عندما كان يتحدث في تجمع عائلي كبير، هذا الموقف أصابه باعتقادات فيروسية على شكل "إذا تكلمت سوف تُنتقَد"، هذه الفكرة تماهت مع واقعه وأصبحت تعريفًا له. 

ويسبب التأثير العاطفي لهذه التجارب عدة أنواع من الرهاب مثل رهاب التحدث أمام جمهور؛ إذ يُخزَّن في العقل كاعتقاد عن العالم ومكاننا فيه، ويكبر هذا الاعتقاد وينمو، وعندما نواجه مشكلات وتحديات مشابهة يصبح الفيروس نشطًا ويتحكم بطريقة تفكيرنا وسلوكنا. 

ولكن ماهي أعراض الرهاب من التحدث أمام الجمهور؟

تشمل الأعراض التوتر على نحو عام، والتعرّق، وجفاف الفم، والشعور بتشنج في الحلق، وفقدان للصوت وغيرها من أعراض الخوف والقلق، فإذا كنت تعاني رهاب التكلم أمام جمهور إليك بعض الإرشادات التي قد تساعدك على التخلص منه: 

1- حضِّر وجَمِّع المعلومات الكافية عن الموضوع الذي سوف تتناوله في حديثك: إنَّ تحدُّثك عن موضوع تلِمّ بكافة تفاصيله سيجعلك تشعر براحة أكبر. 

2- تعرف على طبيعة الجمهور الذين ستُلقي عليهم كلمتك: اعرف طبيعة الجمهور، ومستواهم الاجتماعي، وتحدث بطريقة ترقى لاهتماماتهم. 

3- لا تحفظ كلمتك حرفيًّا: سيكون الوضع أفضل لو عرفت جوهر الموضوع الذي ترغب في تناوله بدلًا من حفظه. 

4- تدرب جيدًا على إلقاء الكلمة: سواء أكان ذلك أمام أصدقائك، أم أمام المرآة أم بكاميرا الفيديو. 

5- توقع الأسئلة التي قد يطرحها عليك الجمهور، مما سيسمح لك بتحضير إجاباتك. 

6- لتكن ملابسك أنيقة ومريحة، فذلك سيمنحك مزيدًا من الثقة. 

7- لا تُظهر خوفك ولا تتحدث عنه، حاول أن تبدو واثقًا وتصرف بثقة. 

8- استعن بالوسائل البصرية: كعرض الصور أو مقاطع الفيديو،هكذا ستجعل موضوعك مثيرًا للاهتمام أكثر، وسيركز انتباه الجمهور على شيء آخر غيرك. ولكن تجنّب القراءة المُباشرة. 

9- تكلم ببطء: لا تتسرع بالكلام أثناء إلقاء كلمتك، فذلك سيُشير إلى أنك متوتر لأنّ الناس يميلون عادة إلى التحدث بسرعة أكبر عندما يكونون متوترين. 

10- إذا تلعثمت أو ارتكبت خطأ ما فهذه ليست نهاية العالم، أكمل خطابك على نحو طبيعي وكأنّ شيئًا لم يحدث. 

11- حاول الاحتفاظ بكأس ماء بجوارك، ولا تشرب الكثير من المُنبّهات العصبية كالقهوة والنسكافيه قبل التكلم. 

المصادر:

هنا

هنا

هنا