الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية

جلد صناعي يرمم نفسه ذاتياُ

يعتبر الجلد البشري من أصعب الأنظمة الحيوية التي يحاول العلماء محاكاتها والوصول إلى ما يشبهها لكن ذلك لم يثن العلماء من العمل على شيء مماثل وإنتاج مادة حساسة للمس بإمكانها الاندمال تلقائياً ضمن درجة حرارة الغرفة.

قبل أن نتمكن من إنتاج الروبوتات التي تسكن أحلام الخيال العلمي لدينا، ثمة الكثير من الأنظمة البشرية التي يتوجب على العلماء محاكاتها صناعياً ولا يقل الجلد البشري تحدياً عن هذه الأنظمة، حيث يمتلئ بالنهايات العصبية ويستطيع ترميم نفسه ذاتياً مع مرور الزمن. فبالإضافة إلى عمله كجدار حماية بين أعضائنا الداخلية والوسط الخارجي، يعمل الجلد البشري كجهاز حسي كبير. تراوحت جهود العلماء بين العمل على الإحساس فقط كما قام به الباحثون في هذا البحث

هنا

وقام آخرون بتطوير قدرتها على الامتطاط ومرونتها وقاموا بتزويد الجلد بدفئ خارجي يشابه الإحساس بدفئ الجلد الطبيعي

هنا

ولم تتوقف جهودهم هنا بل عملوا على خاصية الالتئام الذاتي فقد تمكن فريق متعدد الاختصاصات من صنع مادة فريدة من نوعها تستطيع علاج نفسها ذاتياً في درجة حرارة الغرفة وتتمتع أيضاً بالحساسية للمس. يمكن أن يكون هذا التقدم حجر الأساس لنوع جديد من الجلد والذي يمكن استخدامه في الروبوتات كما يمكن أيضاً أن يكون له تطبيقات عملية كثيرة وخاصة في علم الأطراف الاصطناعية.

وتعتبر هذه المادة أبعد ما يكون عن المواد البلاستيكية القادرة على شفاء نفسها حيث أنها تتمتع ببعض المحاسن التي تميزها عن النماذج القديمة التي كانت تحتاج إلى محفز خارجي أو إلى ظروف خاصة لتشفي نفسها مثل التعرض لدرجات حرارة عالية أو التعرض لطيف معين من الأشعة الضوئية، وهناك أنواع أخرى تستطيع معالجة نفسها في درجة حرارة الغرفة لكن لمرة واحدة فقط حيث تغير عملية الشفاء الذاتي بنيتها الكيميائية بحيث لا تستطيع أن تلتئم مجدداً.

ويكمن الأمر الآخر بأننا إذا كنا نبحث عن نظير للجلد البشري فهناك مشكلة الحساسية للمس. حيث أن معظم المواد البلاستيكية والبوليمرات التي استخدمت سابقاً لتصنيع جلد يشفى ذاتياً هي مواد عازلة كهربائياً إلا أننا إذا أردنا صنع جلد حساس للمس وجعله قادراً على التواصل مع نظام رقمي يجب أن يكون هذا الجلد ناقلاً كهربائيا،ً وهذا ما قام به الفريق حيث قاموا بتصنيع مادة قادرة على إصلاح التمزق والشقوق في درجة حرارة الغرفة بالإضافة إلى ناقليتها للكهرباء.

كيف تمكن العلماء من عمل ذلك؟

بدأ العلماء بالعمل على مادة بلاستيكية مكونة من سلاسل جزيئية مرتبطة بروابط هيدروجينية بسيطة حيث إن هذه الروابط سهلة التفكك لكنها أيضاً سهلة الارتباط ببعضها البعض، حيث قام العلماء في المختبر بفصل قطعة من هذه المادة إلى جزأين منفصلين وبعد ضم الجزأين المنفصلين إلى بعضهما وضغطهما لثوانٍ قليلة تم استعادة ثلاثة أرباع القوة التي كانت تتمتع بها هذه القطعة في السابق وخلال نصف ساعة استعادت القطعة ما يقارب الـ100% من قوتها، وبعد تكرار هذه العملية لخمسين مرة حافظت هذه المادة على قدرتها على الالتئام بشكل جيد.

وللحصول على الناقلية الكهربائية قام العلماء بتوزيع جسيمات من النيكل عبر البلاستيك، حيث تعمل هذه الجسيمات على زيادة القوة الميكانيكية للبلاستيك وتعمل أيضاً كوسيلة لنقل الالكترونات عبر المادة. حيث أن الثني والانحناء أو أي التواء يصيب المادة سيغير المسافة بين جسيمات النيكل وبالتالي ستتغير مقاومة المادة للتيار الكهربائي والتي يمكن قياسها لتحديد شكل الجلد والضغط الذي يطبق عليه.

من السهل أن نتخيل اندماج هذه التقنية مستقبلاً في الأطراف الاصطناعية للمساعدة في استعادة حساسية اللمس لفاقدي الأطراف، وسرعان ما سنرى هذه المواد تستعمل لتغليف أجهزة الكترونية أخرى لتمنحها القدرة على الاندمال.

نشرت نتائج هذا البحث في مجلة "Nature Nanotechnology" إصدار 11 تشرين الثاني.

الآن وبعد قراءة المقال برأيك ما هي التطبيقات المستقبلية لهذه التكنولوجيا؟ وهل من السهل تطبيقها؟

فيديو عن فريق العمل وآلية العمل على المشروع

هنا

المصدر:

هنا