الطب > طب الأسنان

هل تُحفّز الجراثيم الفموية تطور السرطان؟

جراثيمُ النّخر المغزلية هي نوعٌ من البكتريا الشائعة التي تعيش في فم الإنسان، وغالباً لا تسبّب له أيّة أعراضٍ مرضيّةٍ، لكنّها في بعض الأحيان تكون مسؤولةً عن العديد من أمراض اللثة، ورغم ذلك لا يزال شائعاً اعتبارها جزءاً غير ضارٍّ من البكتريا التي نحملها معنا.
وقد أشارت أبحاثٌ سابقةٌ في أمراض اللثة إلى وجود نوعٍ من التفاعل بين جراثيم النخر المغزلية تلك والخلايا القاتلة الطبيعية، التي تعتبرُ جزءاً من خطّ الدفاع الأول في الجهاز المناعي عند الإنسان ضد الإنتانات والسرطان، حيث كشفت دراسةٌ حديثةٌ ارتفاع معدلات هذا النوع من البكتريا في سرطان الكولون والمستقيم.

كيف توصل الباحثون إلى ذلك؟

بدايةً قام الباحثون بوضع جراثيم النّخر المغزلية مع مجموعةٍ متنوعةٍ من خلايا الورم البشرية والخلايا القاتلة الطبيعية، فوجدوا أنّ هذه الجراثيم قامت بتثبيط قدرة الخلايا القاتلة الطبيعية على مهاجمة السرطان، وبمتابعة العمل تم الكشف عن وجود بروتين جرثومي يدعى (Fap2) يرتبط مع مستقبلات على سطح الخلايا القاتلة الطبيعية تدعى (TIGIT)، ومن خلال تفعيل هذه المستقبلات تقوم خلايا النّخر المغزلية بمنع الخلايا القاتلة الطبيعية من قتل الخلايا السرطانية.
وكما نعلم أن هناك أنواعاً أخرى من الجراثيم قادرةٌ على زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان عبر إثارة استجابةٍ التهابيةٍ، لكن هذه هي المرة الأولى التي تُساهم فيها جراثيم في تطوُّر السرطان عبر تثبيط الجهاز المناعي.

وهل كان التفاعل بين تلك الجراثيم والخلايا البيضاء القاتلة مجرّد صدفة أم أنّه آليّةٌ متعمدةٌ من قبلها؟

من المرجّح أن تكون العلاقة بين جراثيم النّخر المغزلية والخلايا السرطانية علاقة منفعة متبادلة، فبينما تفضل هذه الجراثيم وسطاً لاهوائياً فقيراً بالأوكسجين، توفّر الأورام هذا النوع من الأوساط بالتحديد، لتقوم بعد ذلك بحصد النتائج التثبيطية لهذه الجراثيم على الجهاز المناعي، حيث تساهم الجراثيم كما ذكرنا سابقاً عبر كبح الخلايا القاتلة الطبيعية - التي ترصد وتدمر السرطان- في منح الورم مكان ثابت له في الجسم، وتكون بذلك قد صنعت لنفسها ملاذاً آمناً تستطيع أن تتكاثر فيه، وقد تبين مؤخراً أن خلايا النخر المغزلية يمكنها أيضاً أن تحفّز نمو الخلايا السرطانية في سرطان الكولون عبر آليات متعددة.

وبعد معرفة آلية التفاعل بين هذه الجراثيم الفموية والخلايا القاتلة الطبيعية يبقى السؤال هل من الممكن تعطيل هذا التفاعل؟

من أجل تحقيق ذلك تم اقتراح تطوير عقاقير تعمل على تثبيط (Fap2)، البروتين المسؤول عن الارتباط مع الخلايا القاتلة ومنعها من أداء عملها في مكافحة الخلايا السرطانية.

وهل تلعب هذه الجراثيم دوراً في الإصابة بأورامٍ أخرى وتؤثر على نموها بطريقةٍ مشابهةٍ؟

نعم حيث يمكن لهذه الجراثيم أن تهرب من الفم وتنتشر في العديد من أنسجة الجسم، وعلى الرغم من أنها تمثل أحد العوامل المسببة لسرطان الكولون إلّا أنها ليست العامل الوحيد، وهناك بعض المؤشرات التي قد تربط الجراثيم الفموية مع أمراضٍ أخرى من بينها ألزهايمر والتّصلب العصيدي.

المصدر:
هنا