الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

ماذا عن الأثر البيئي لحرق الخشب كوقود؟

يتم قطع الأشجار بشكل مستمر لغايات صناعية وزراعية أو لاستخدام خشبها كوقود. تقول الإحصائيات أن أكثر من نصف الخشب المقطوع في جميع أنحاء العالم يستخدم كوقود ويوفر 9% من الطاقة العالمية. لا يخفى على أحد ما يسببه الاستخدام غير المستدام للخشب من تدهور للغابات وبالتالي تأثيرٍ في المناخ. لكنه النمو السكاني، إذ يعيش 275 مليون شخص في مناطق استنزاف الأخشاب وتقدر الانبعاثات من استخدام الخشب كوقود بـ 1 - 1.2 مليار طن من ثاني أوكسيد كربون في العام.

أظهرت دراسة جديدة أن حصاد الخشب لتلبية المتطلبات المنزلية (التدفئة والطبخ) للمليارات من الناس في جميع أنحاء العالم قد يكون أقل تأثيراً في فقدان الغابات العالمية وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون CO2 مما كان يعتقد سابقاً، حيث وجد أن 27 إلى 34% فقط من الخشب المستخدم كوقود يعتبر غير مستدام على اعتبار أن الحصاد السنوي له يتجاوز القدرة على نموه مجدداً.

تتوزع حول العالم نقاط وصفت بالـ "ساخنة" حيث يكون استخراج الخشب أسرع من قدرته على التجدد، حصرتها الدراسة بمواقع في جنوب آسيا وشرق إفريقيا، أما في المناطق الأخرى فإن الخشب المستخدم للتدفئة والطبخ ما هو إلا نتيجة ثانوية لإزالة الغابات بفعل عوامل أخرى مثل تزايد الطلب على الأراضي للزراعة، فإذا كانت الغابات والأراضي الحراجية سوف تقطع على أية حال لأسباب غير الرغبة بالحصول على مصدر وقود، فإن المشاريع التي صممت للحد من الطلب على الخشب لن تقلل فعلاً من معدل إزالة الغابات؛ فقد يقل استخدام الخشب لكن الضغوط الأساسية وراء إزالة الغابات ستبقى قائمة.

لذا فإن نتائج البحث لا تتفق مع الاعتقاد السائد بأن حصاد الوقود الخشبي الذي يمثل أكثر من نصف الخشب المقطوع حول العالم هو المحرك الرئيسي لإزالة الغابات وتغير المناخ.

تمثل الانبعاثات الناجمة عن الوقود الخشبي حوالي 1.9 - 2.3% من الانبعاثات العالمية ويمكن تخفيض هذه النسبة بمعدل 11 – 17% فيما لو تحققت فكرة نشر 100 مليون موقد طهي نظيف*. صحيح أنّ الطرق الهادفة للحد من الانبعاثات حالياً تبالغ في تقدير الفائدة التي يمكن الوصول إليها فيما لو تم تبني تكنولوجيا مواقد طبخ أكثر كفاءة، إلا أن هذا التخفيض (11 – 17%) قد يكون ذا أثر لا يستهان به إذا ما علمنا أن قيمته المادية قد تتجاوز المليار دولار سنوياً فيما لو أدخل الكربون الأسود** في حسابات سوق الكربون علماً أن قيمة الطن الواحد من CO2 تبلغ 11 دولاراً. (اقرأ هنا لتعرف ما نقصده بسوق الكربون). هنا

أنتج الباحثون باستخدام نموذج سبق وتمّ اختباره لقطات واضحة مكانياً لإمدادات الوقود الخشبي المتوفرة وللطلب عليه في 90 بلداً على طول المنطقة المدارية؛ حيث يشكل حرق الخشب مصدراً هاماً للطاقة والطهو. تبين النتائج حاجتَنا إلى سياسات أكثر دقة مصممة محلياً لمعالجة فقدان الغابات وتغير المناخ والصحة العامة. إذا أن المشكلة التقليدية لاستخدام الطاقة الحيوية تكمن في أنها تتعلق بالوضع المحلي وبخصوصية الغاية من استخدامها في كل منطقة، لذلك فمن غير الممكن الخروج بنتيجة عامة للجميع. تتمثل إحدى نقاط قوة البحث في أنها تقدم منهجية تسمح بتحديد المناطق ذات الأولوية للقيام بتدخل، فقد يختلف الوضع كثيراً حتى ضمن البلد الواحد حيث تتراوح حالة الغابة من منطقة مستغَلّة بشدة إلى غير مستغلة أو لم تمس بتاتاً. إذاً يتطلب فهم العلاقة بين العرض والطلب منهجاً مكانياً لتوضيح تأثير السياسات المختلفة التي يمكن اتخاذها.

قد يسبب استخدام الخشب في التدفئة والطهو استخداماً للكتلة الحية يفوق القدرة على التجديد لكنه ينطوي أيضاً على خطر التعرض للأمراض الناتجة عن الاحتراق داخل المنازل. صنفت الدراسة الدول في ثلاث مجموعات هي:

1- الأعلى استخداماً للوقود الخشبي / الفرد: البرازيل - تشيلي - الكونغو - غانا - غواتيمالا - غويانا - هندوراس - غينيا الجديدة - الباراغواي - جنوب إفريقيا - سوازيلاند

2- الأعلى استخداماً للكتلة الحيوية غير المتجددة: بنغلادش - جمهورية الدومينيكان - إريتيريا - أندونيسيا - رواندا - السودان

3- الأعلى تعرضاً لأخطار الأمراض الناتجة عن تلوث هواء المنازل: بنين - كامبوديا - الكاميرون - جمهورية أفريقيا الوسطى - مالاوي - مالي - النيجر - تيمور الشرقية

اندرجت العديد من الدول أيضاً ضمن مجموعتين من المجموعات السابقة بينما اعتبرت إثيوبيا وليسوتو وتوغو والصومال تابعةً للمجموعات الثلاث في آن معاً بوصفها الأخطر.

أخيراً، هل من الأفضل تعزيز التحول نحو استخدام الغاز والكهرباء للطهو أم أن الاستمرار باستخدام الأخشاب يبقى أفضل؟ سؤال سيتطلب فهماً أكبر لمصادر المكونات غير المستدامة حتى تتم الإجابة عليه.

للتوضيح:

(*) مواقد الطهي النظيفة: مجموعة واسعة من المواقد يتم تطويرها وتقييمها من قبل "المجلس العالمي لمواقد الطهي النظيفة" وهي شراكة بين القطاع العام والخاص استضيفت من قبل الأمم المتحدة هدفها إيصال المواقد النظيفة إلى 100 مليون أسرة بحلول العام 2020. تعمل هذه المواقد بمصادر طاقة مختلفة ولها أشكال متنوعة ومصنوعة من مختلف المواد. يمكنك رؤيتها هنا. يتم اختبارها وفقاً لعدة معايير تشمل: الكفاءة الحرارية، معدل الطاقة الناتجة والمستهلكة، معدل استخدام الوقود للفرد الواحد، انبعاثات الملوثات مثل ثاني وأول أكسيد الكربون والميثان والكربون العضوي والأسود.

(**) الكربون الأسود: مادة من جزيئات صغيرة تقل عن 2.5 ميكرون مكونة من الكربون النقي بأشكال ترابطية عدة. يتشكل عند الاحتراق غير الكامل للوقود الأحفوري أو الوقود الحيوي أو المواد الحية. يعتبر من العناصر المسؤولة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض لامتصاص الحرارة في الغلاف الجوي، والحد من القدرة على عكس ضوء الشمس.

مصادر:

هنا

هنا

Bailis R.، Drigo R.، Ghilardi A. and Masera O. (2015). The carbon footprint of traditional woodfuels. Nature Clim. Change، 5(3): 266-272.