العمارة والتشييد > من أعلام العمارة

زها حديد ... سفيرة بلاد الرافدين إلى العالمية.

استمع على ساوندكلاود 🎧

عندما تُطالعها تشعُر وكأنك تُعاين عشتار جديدة! بملامحها العراقية الأصيلة ونظرتها الخلَّاقة القادرة على الابتكار، تمكنت زها من أن تُشرِّف كُل فِكر معماري مُبدع وتوَّاق للإلهام، وكيف لا وهي التي سطَّرت تحفًا فنيَّة في جميع أنحاء العالم، ورُبما تكون زها أحد أكثر الاسماء التي تثير في أي معماريٍّ عربي مشاعر خاصة كونها خرجت من بيئة مكانية مشابهة نحو التوهج والألْق والشهرة العالمية؛ لكن يبقى السؤال كيف تمكنت زها من تحقيق كل هذه النجاحات. بالطبع الدرب لم يكن سهلًا في رحلتها الطويلة.

من مواليد العاصمة العراقية بغداد عام 1950، ودرست الرياضيات وحصلت على شهادتها الجامعية من الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم انتقلت إلى لندن سنة 1972 لدراسة الهندسة المعمارية في الجمعية المعمارية (architectural association - AA)

وتخرجت فيها عام 1977 ثم انضمت إلى مكتب متروبوليتان للهندسة المعمارية (OMA)  ودَرَّست في الجمعية المعمارية أيضًا (AA) مع معاونيها من مكتب متروبوليتان "رِم كولهاس - Rem Koolhaas" و"إيليا زينغليس - Elia Zenghelis".

بدأت تدريبها في لندن عام 1980، ثم فازت بجائزة prestigious competition عن تصميمها المُقترح لنادٍ ترفيهيٍّ في هونغ كونغ عام 1983، واعتمدت في بدايات عملها على الرسم والتخطيط  بوصفهما تقنيتين أساسييتين في آلية التصميم والتشكيل البصري، ومنذ المعرض الذي أقيم لأعمالها في AA في لندن عام 1983 بدأت تنشر أعمالها في معارض العالم، واحتفظ بالعديد من أعمالها في متاحف مُهمة.

لطالما عُرفت زها بوصفها معماريةً تتخطى الحواجز المُسبقة على العمارة؛ فتميّزت بقدرتها على التجديد والظهور بأشكال أكثر حريّة وجرأة؛ مُرسِخةً المفهوم التجريدي والديناميكي للكتلة بأبعادها الثلاثة، وعلى الرغم من معاملتها من روّاد المدرسة التفكيكية؛ فقد تمكنت زها من ابتكار نمطها المميز ضمن هذه المدرسة، وربما كانت لدراستها الرياضيات دورٌ مهمٌ في ذلك؛ فأعمال زها لا تقتصر على التشكيل الوظيفي والفراغي فقط؛ بل يتعداه إلى آلية التصميم الرياضي المعروفة بالـ Parametric Design؛ إضافةً إلى آليتها في تكثيف المناظر الطبيعية في المناطق المدنية. وتشمل في ذلك جميع مجالات التصميم من النطاق العمراني إلى التصميم الداخلي والأثاث.

اكتسبت شهرتَها من بعض أعمالها المؤثرة مثل:

مركز إطفاء فيترا في ألمانيا (Vitra Fire Station) عام 1993؛ إذ يمكن معاملته على أنه أول مشروع كبير ينفذ لها. (Mind Zone) في قبة الألفية في بريطانيا عام 1999، مركز قفز على الثلج في النمسا عام 2002، مركز روزينتال للفن المعاصر في أوهايو عام 2003، (Galaxy shoh) في العاصمة الصينية بكين 2012، وأصبحت في عام 2004 أول امرأة تفوز بجائزة بريتزكر (pritzker prize) عن عمر يناهز الـ53 عامًا، وصُنِّفَت رابع أقوى امرأة في العالم عام 2010.

وبجانب مشروعاتها الخاصة تابعت خوضها مجال التدريس؛ إذ إنها كانت أستاذة زائرة في العديد من الجامعات العالمية الشهيرة؛ مثل جامعة هارفرد، جامعة ييل، جامعة إيلينوي في شيكاغو، جامعة كولومبيا، جامعة الفنون البصرية في هامبورغ، وفي جامعة الفنون التطبيقية في فيينا، وقد أدى مكتبها المعماري (Zaha Hadid Architects) الموجود في لندن قرابة  950 مشروع في 44 بلدًا في جميع أنحاء العالم؛ إضافة إلى حصولها على العديد من عقود العمل الجارية حاليًّا.


تفارقنا هذه العمارة المميزة، التي تُعدُّ رمزًا من رموز العمارة المعاصرة، ومن المؤكد أن أثر أعمالها سيبقى موجودًا للأجيال القادمة إذ إن ما بَنته خلال سنين مسيرتها الاحترافية يُعدُّ من نقاط التحول المُهمة في عمارة القرن الحادي والعشرين.

ألا ترى في زها حديد مصدرًا للإلهام؟ خصوصًا أنها خرجت إلى العالمية من بيئة مكانية مشابه لتلك التي نعيش بها.


المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

حقوق الصور:

© Simone Cecchetti

© ZHA

© Hélène Binet

© Kollision

© Iwan Baan