الطب > مقالات طبية

نسبة وفيات عالية ترتبط بجروح وإصابات الأسلحة النارية في الوجه

تُصنّف إصابات الوجه بالأعيرة النارية والشظايا في فئة الإصابات الخطيرة وغالباً ما تكون قاتلة، حيث لا تقل نسبة الوفيات في هذه الحالة عن 15%، كما تصل نسبة المضاعفات المهددة للحياة إلى 30%. وعلى الرغم من هذا، لا توجد حتى اللحظة دراسات كافية حول مخاطر إصابات كهذه، حيث تُنشر أغلب الدراسات في مجلات متخصّصة ليست في متناول الجميع، كما أنّ تعدد وتباين الاختصاصات الطبية المهتمة بعلاج هذه الحوادث والتي تشمل اختصاصات الجراحة التجميلية والجراحة الفكية الوجهية وطب الأذن والأنف والحنجرة جعلت من الصعب تحديد منهجية مشتركة ومعروفة لتدبير حالات كهذه.

لذلك، جاءت هذه الدراسة لتستعرض حوادث مشابهة حصلت خلال ال11 سنة الأخيرة، بهدف تحديد المضاعفات وعوامل الخطورة المتعلقة بتلك الإصابات سواء في الحياة المدنية أو في الجيش والحروب، وطرق تدبيرها.

جُمعت البيانات من ثمانية مراكز مشاركة في اللجنة المتخصصة بالاستقصاءات متعددة المراكز التابعة للجمعية الغربية للرضوض والإصابات. وبعد الحصول على موافقة مجلس الإدارة في هذه المراكز، تم استعراض سجلّات المرضى الذين أٌدخلوا إليها منذ الأول من يناير (كانون الثاني) لعام 2000 وحتى 31 ديسمبر (كانون الأول) لعام 2010، حيث تضمنت هذه السجلّات المرضى الذين أصيبوا بطلق ناري من مسدس يدوي أو بندقية صيد (shotgun حيث تكون ماسورة السلاح ملساء من الداخل) أو بنادق ومسدسات غير ملساء من الداخل rifle (ماسورة السلاح محزّزرة بشكل لولبي من الناحية الداخلية)، أو انفجار قنبلة، في حين استُبعِدت الإصابات بالأسلحة النارية الأخرى.

ولغرض الدراسة، قُسّم الوجه إلى ثلاث مناطق: المنطقة الأولى تتوضع بين الذقن في الأسفل وقاعدة الأنف في الأعلى. المنطقة 2 تتوضع بين قاعدة الأنف في الأسفل والحافة العلوية للحجاج (أي العظم المحيط بالعينين) في الأعلى. والمنطقة 3 تتوضع فوق سابقتها. أما بالنسبة للإصابات في مناطق أخرى من الجسم كالصدر والظهر فقد أُدرِجت في دراسات منفصلة.

تضمنت البيانات المستخرجة من السجل الطبي للمرضى كلاً من:

التركيبة السكانية، الأمراض المرافقة، حالة وظائف الأعضاء عند إدخال المريض للمشفى، آليّة أو طريقة الإصابة الوجهية وشدّتها، النتائج المخبرية لفحوص السموم في الدم والبول، مضاعفات الإصابة وطرق تدبيرها، إضافة إلى شهادات الجراحين المتخصصين المسؤولين عن الحالات.

تم إدخال البيانات المذكورة في نموذج واحد وتقديمها إلى مركز سجلات مستشفى Scripps Mercy في سان دييغو بولاية كاليفورنيا، ولوحظ تركيز كبير على أعداد الوفيات وشدة المضاعفات الناتجة عن الأذيّة. كما تم تقسيم المضاعفات إلى مضاعفات حدثت بعد الإصابة مباشرة (كالعمى الفوري نتيجة إصابة العين بشظية)، وأخرى تحدث خلال فترة الرعاية الصحية.

النتائج:

قامت المراكز الثمانية المذكورة بعلاج 720 مصاباً أثناء مدة الدراسة التي استمرت حوالي 11 سنة، حيث كانت كل من المراكز تستقبل ما لا يزيد عن 20 مصاباً في السنة الواحدة. يُذكر أنّ معظم المرضى كانوا من الشباب الذكور وقد تعرضوا مسبقاً لأذيات شديدة في القحف والوجه نتيجة إصابتهم بعيارات نارية من مسدسات يدوية. وإضافة لإصابات الوجه، عانى 91 مريضاً من إصابات في أماكن أخرى. على سبيل المثال، تم تشخيص 40 إصابة في الصدر، 13إصابة في البطن، 12 إصابة في الجذع، 63 إصابة في الأطراف، و 48 إصابة في الرقبة.

خضع 684 مصاباً لفحوص الكشف عن السموم، حيث تبين أنّ 108 مصاباً (أي ما يقارب 16%) استخدموا مخدرات الكوكايين أو الهيرويين أو الميثامفيتامين أو القنّب (الحشيش) أو ال LSD، كما كانت نتيجة فحص الكحول بالدم إيجابية لدى 218 شخصاً (أي ما تعادل نسبته 31% من المصابين).

كذلك تركّزت معظم إصابات الوجه في المنطقة 2 (أي بين قاعدة الأنف والحافة العلوية للحجاج)، ولوحظ أنّ حوالي 85 مريضاً (12%) تعرضوا لإصابات في مناطق مختلفة من الوجه. كما اعتُبرت الكسور المفتوحة والجروح المتصلة بالتجويفين الأنفي والفموي من الجروح الملوّثة والمسببة للإنتانات، وبلغت نسبتها 62% من الإصابات.

يُذكر أنّ الإجراءات الإسعافية تضمنت التنبيب الرغامي لتأمين الأكسجة الكافية للمرضى، إضافة لنقل دم إسعافي وغيره من التدبيرات للسيطرة على النزيف. وكانت النتيجة أن بلغ عدد الوفيات الكلّي 185 مريضاً من أصل 720 مريضاً (أي بنسبة 26%)، والسبب الرئيسي للوفاة هو الأذيّات الدماغية، إضافة إلى عدد قليل (5 مرضى) بأسباب مختلفة منها احتشاء العضلة القلبية وفشل الأعضاء المتعدد.

مناقشة النتائج:

يُعدّ هذا التقرير الأول من نوعه لمناقشة مضاعفات ومخاطر الإصابة بالأعيرة النارية. فإضافةً إلى نسبة الوفيات المرتفعة والتي بلغت 26 %، لوحظ ارتفاع نسبة المضاعفات إلى ما يقارب 38% عند المرضى ذوي الإصابة الشديدة. حيث كانت إصابات الدماغ السبب الرئيسي للوفيات (في 97% من الحالات)، في حين لوحظ أنّ المضاعفات الأشيع كانت العمى وإصابات الجهاز العصبي المركزية والمحيطية والإنتانات الجرثومية.

فيما يتعلق بالتدابير والإجراءات المتبعة، كانت الحاجة لتأمين الأكسجة الفورية والتنبيب الأنفي الرغامي ضرورية في ثلث الحالات تقريباً. غير أن الحاجة لتأمين الأكسجة الفورية جراحياً كانت نادرة.

وإلى جانب الدراسات التي أجريت سابقاً بشأن الإصابات الوجهية بالأسلحة النارية، ومنها هذه الدراسة، فإن على الاستقصاءات المستقبلية أن تركز أكثر على وجود حالات إساءة استخدام المواد المخدرة والكحول والاضطرابات العقلية لدى هؤلاء المصابين، وذلك عند جمع البيانات المتعلقة بهذه الإصابات المعقدة؛ حيث تبين أن عوامل كهذه قد تلعب على الأغلب دوراً مساهماً سواءً في التسبب بالإصابة في المقام الأول أو في المضاعفات والنتائج العلاجية النهائية.

ترجمة: سوسن اسماعيل

تدقيق: ربى خضر